
«ضربة لفلسطين».. كاتب إسرائيلي يحلِّل اتفاق إبراهيم مع الإمارات

قال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية يوني بن مناحيم إنّ اتفاق التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات يعزز من مكانة تل أبيب الاستراتيجية الدولية.
جاء ذلك في تحليل نشره "مركز القدس للشؤون العامة والسياسية" تحت عنوان" اتفاق التطبيع.. ضربة مزدوجة للفلسطينيين وإيران".
ورأى "بن مناحيم" أنّ الاتفاق، يُشكّل ضربة قوية للسطة الفلسطينية وإيران، ويرسخ صيغة "السلام مقابل السلام"، ويزيد من عزلة السلطة الفلسطينية، لافتا إلى أنه فتح الباب لدخول مزيد من الدول العربية والإسلامية في اتفاقيات مماثلة مع "إسرائيل".
إلى نص المقال..
اتفاق التطبيع الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة هو استمرار مباشر لجهود إسرائيل منذ ديسمبر 2019، بهدف التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء مع أربع دول عربية هي عمان والبحرين والإمارات والمغرب.
هذه الخطوة بادر إليها وزير الخارجية يسرائيل كاتس بالتنسيق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
في سبتمبر 2019، التقى الوزير كاتس، خلال مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوزير خارجية عمان يوسف بن علوي وبأنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات وقدم مبادرته.
مطلع ديسمبر 2019 غادر وفد إسرائيلي من ممثلين عن وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع ووزارة العدل إلى واشنطن لإجراء مناقشات في محاولة لدفع مبادرة اتفاقيات عدم الاعتداء بين إسرائيل والدول العربية.
كانت خطة الرئيس ترامب "صفقة القرن" في حالة جمود عميق وحاولت الولايات المتحدة مساعدة إسرائيل على دفع هذه الخطوة.
في واشنطن، التقت فيكتوريا كوتس، نائبة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، بسفراء الإمارات والبحرين وعمان والمغرب وعرضت عليهم المبادرة الإسرائيلية الجديدة وطلبت منهم التعليق عليها.
بعد ذلك حاول وزير الخارجية مايك بومبيو دفع هذه الخطوة إلى الأمام، فذهب إلى المغرب وحاول التوصل إلى اتفاق على أنه سيكون أول بلد يوقع اتفاقية عدم الاعتداء مع إسرائيل لكنها لم تنجح.
لم تخف إسرائيل مساعيها لتحقيق التطبيع الكامل مع الدول العربية، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو في أكتوبر الماضي أن إسرائيل تقيم علاقات مع 6 دول عربية على الأقل.
في 1 ديسمبر 2019، أصدرت وزارة الخارجية، بيانا رسميا عن زيارة وفد رسمي لدبي استعدادا لمشاركة إسرائيل في معرض "إكسبو 2020".
كان موضوع الأمن وحرية الملاحة في مياه الخليج، بوابة أخرى حاولت إسرائيل من خلالها توطيد التطبيع مع دول الخليج.
قالت مصادر عربية إن السعودية وضعت البحرين في الصدارة السياسية والإعلامية لمعالجة القضية، وفي 21 أكتوبر 2019 عُقد في البحرين مؤتمر حماية حرية الملاحة في الخليج بمشاركة وفد إسرائيلي.
وعقد هذا المؤتمر عقب "مؤتمر وارسو" الذي عقد في فبراير 2019 بقيادة الولايات المتحدة وحضره نحو 60 دولة من بينها السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن والأردن والكويت والمغرب وسلطنة عمان.
وبالتوازي مع ذلك، استمرت الزيارات السرية والعلنية لممثلي الحكومة الإسرائيلية إلى الدول العربية، حيث قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيارة سلطنة عمان وزار وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يسرائيل كاتس الإمارات العربية المتحدة.
وفقا لتقارير في العديد من وسائل الإعلام العربية، والتي لم يتم تأكيدها أبدا، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي سرا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
بالإضافة إلى ذلك، استضافت عدة دول خليجية وفودا رياضية إسرائيلية عدة مرات.
يرمز تحقيق اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات بلا شك إلى نجاح السياسة الإسرائيلية في محاولة قطع الصلة التي أقامها الفلسطينيون بين التطبيع مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق سياسي معهم.
لم تعد المشكلة الفلسطينية على رأس أجندة الدول العربية، التي سيطر عليها الخطر الإيراني، وانقسمت الساحة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة دون التمكن من التوصل إلى اتفاق وطني يسمح بإجراء مفاوضات جادة مع إسرائيل تكون نتائجها ملزمة لجميع الفلسطينيين.
كما تتابع الدول العربية المعتدلة سياسة إسرائيل العدوانية ضد التموضع العسكري الإيراني في سوريا والهجمات العسكرية المنسوبة لإسرائيل على أهداف إيرانية.
مما لا شك فيه أن هذا السلوك يؤثر على موقفهم من إسرائيل كقوة عسكرية إقليمية مهمة في الشرق الأوسط لا تخشى مواجهة إيران، وتستحق الانضمام إليها حتى سرا وتنسيق التحركات معها لمحاولة كبح النفوذ الإيراني.
الاختراق
وفقا لمصادر أمريكية، فإن الانطلاقة في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة جاء في الأسابيع الأخيرة بعد أن حدد رئيس الوزراء نتنياهو الأول من يوليو موعدا لبدء السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية. تعرض الإماراتيون لضغوط، ما عزز استعداد الإمارات للمضي قدماً مع إسرائيل نحو الاتفاقية.
بمجرد أن أعطى رئيس الوزراء نتنياهو "الضوء الأخضر" للفكرة، حدث الانطلاقة وكان رئيس الموساد يوسي كوهين، إحدى الشخصيات الرئيسية في دفع الاتفاق، حيث سافر عدة مرات إلى الإمارات لهذا الغرض.
التأثير على الفلسطينيين
فوجئ الفلسطينيون وصُدموا بالاتفاق بين إسرائيل والإمارات وأعلنت السلطة الفلسطينية استدعاء السفير الفلسطيني من دولة الإمارات ووصفت في بيان لاذع تصرف الإمارات بأنه "خيانة وطعن في الظهر".
كسرت الإمارات الحظر الفلسطيني المفروض على الدول العربية، بدعم من جامعة الدول العربية، لعدم التحرك نحو التطبيع مع إسرائيل قبل التوصل إلى تسوية دائمة كاملة بين إسرائيل والفلسطينيين.
الخوف الفلسطيني المباشر هو تآكل مواقف الدول العربية. تقول مصادر رفيعة المستوى في حركة فتح إن المزيد من الدول العربية ستعلن قريبا عن اتفاق تطبيع مع إسرائيل، بما في ذلك البحرين وعمان والسودان.
يحظى الاتفاق بين إسرائيل والإمارات بدعم دول عربية معتدلة مثل مصر والأرد، ويتنفس الملك عبد الله الآن الصعداء بعد سقوط قضية ضم المستوطنات وغور الأردن من جدول الأعمال.
الخطوة الإسرائيلية ستجعل من الممكن الآن إعادة بناء العلاقات مع الأردن التي تضررت نتيجة خطة الضم في الضفة الغربية.
كما ستستفيد السلطة الفلسطينية من هذه الخطوة بشكل غير مباشر، رغم كونها ضربة قاسية لهيبة محمود عباس، لا سيما في ضوء حقيقة أن مسؤولي فتح حذروه قبل عامين من قطع العلاقات مع إدارة ترامب بعد إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والدخول في مفاوضات مع ترامب حول خطة "صفقة القرن".
سيسمح إخراج قضية الضم من جدول الأعمال لرئيس السلطة الفلسطينية بتجديد العلاقات الأمنية بين المخابرات الفلسطينية ووكالة المخابرات المركزية (CIA) والتنسيق الأمني مع إسرائيل. كما سيتمكن من الحصول على مئات الملايين من الشواكل من أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينية كل شهر، وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية التي تضررت بشدة من وباء كورونا.
ومن المتوقع أن يحاول محمود عباس الآن تشكيل جبهة مشتركة مع حماس ضد اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية وقد ناقش الأمر بالفعل مع زعيم حماس إسماعيل هنية.
التأثير على إيران
تتمتع إيران بعلاقات جيدة مع الإمارات، لكن جميع دول الخليج، وخاصة السعودية، تخشى من توجهات إيران التوسعية وقوتها الكبيرة وجهودها لامتلاك أسلحة نووية.
اعتراف دولة الإمارات في إسرائيل والتطبيع معها ضربة قاسية للسياسة الإيرانية في الخليج.
لدى الإمارات جيش قوي، لكنها لا تستطيع مواجهة الجيش الإيراني. وسيمكن الاتفاق مع إسرائيل الإمارات من تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع الجيش الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالاستخبارات وتوريد أنظمة أسلحة متطورة.
لكن على إيران الرضوخ للأمر وقبوله. ومع ذلك، ستحاول بالتأكيد تخريب الاتفاقية بين الإمارات وإسرائيل سرا.
تحتاج إيران إلى مساعدة المسؤولين الحكوميين والتجار في أبو ظبي في مجال تجارة النفط السرية وأيضا في كل ما يتعلق بتصدير واستيراد السلع الأساسية في ظل وضعها الاقتصادي الصعب بعد العقوبات الأمريكية.
إلى أين تتجه الأمور؟
اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات هو بالتأكيد اتفاق تاريخي. لقد اتخذت الإمارات خطوة لا رجعة فيها وهذا سيسمح لمزيد من الدول العربية والإسلامية أن تحذو حذوها وتتوصل إلى اتفاق مماثل مع إسرائيل.
نجح رئيس الوزراء نتنياهو في صنع سابقة مهمة للغاية في علاقات إسرائيل مع الدول العربية "السلام مقابل السلام"، فمع انضمام المزيد من الدول العربية والإسلامية لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، ستصبح هذه الصيغة راسخة أكثر فأكثر.
يعزز الاتفاق موقف إسرائيل في نظر العرب كقوة إقليمية قوية، ويزيد من عزلة السلطة الفلسطينية وحماس ويظهر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كزعيم فاشل لا يريد التكيف مع التطورات الجديدة في الشرق الأوسط وإبداء براغماتية تقود إلى اتفاق سلام كامل مع إسرائيل.
سيتمكن الحجاج من الإمارات ودول الخليج من القدوم إلى إسرائيل والصلاة في المسجد الأقصى، الأمر الذي سيحطم الرواية الفلسطينية بأن "الأقصى في خطر".
سوف تتعزز مكانة إسرائيل من الناحية الاستراتيجية والدولية وربما أيضا من الناحية الاقتصادية، فالعلاقات الاقتصادية مع دول الخليج مهمة جدا وستسمح أيضا لإسرائيل باكتساب الشرعية العامة والرسمية بين دول الخليج.
العلاقة الوطيدة بين إسرائيل وإدارة ترامب وقوتها العسكرية والاقتصادية هي قوة مهمة لا يمكن لدول الخليج ولا تريد تجاهلها، حكام الخليج يريدون الحفاظ على العرش، هذه هي أولويتهم الأولى، المشكلة الفلسطينية ليست ضمن أولوياتهم، ويمكن لمحمود عباس والفلسطينيين الانتظار.