فيديو|
ذا هيل: المغامرة التركية تهدد الشرق الأوسط وما وراءه
"المغامرة التركية المحفوفة بالمخاطر قد تهدد الشرق الأوسط وما وراءه".. هكذا عنونت الكاتبة باتريسيا كرم مقالًا بصحيفة "ذا هيل" الأمريكية.
وأضافت: "سر نجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الشرق الأوسط اعتمد على تصدير المسلسلات الدرامية التي تجسد المجتمع الإسلامي النموذجي وهي صناعة ترفيهية صاعدة بسرعة الصاروخ تجذب ملايين المشاهدين العرب تجاه الحبكات الدرامية التي تتوافق مع ارتفاع "القوة الناعمة" التركية والتي تقوم على نموذج من النجاح الاقتصادي والسياسات التعديدة وتتناغم مع الإسلام".
واستدركت: "بيد أن ذلك الأمر طغا عليه استعراض العضلات التركي العسكري منذ 2016 في سوريا وليبيا التي لا يبدو فيها أي نهاية في الأفق في ظل غياب تواجد الولايات المتحدة في الميدان".
وتابعت الكاتبة: "تركيا ليست جديدة في المنطقة كوريثة للإمبراطورية العثمانية التي حكمت العالم الإسلامي وأجزاء من أوروبا"
بيد أن ارتباط تركيا بالمنطقة يعزى إلى أسباب مختلطة تكون أحيانا رد فعل على التهديدات وتارة أخرى بدافع المصالح الاقتصادية.
وواصلت: "بدأت تركيا في استخدام القوة العسكرية أكثر من الدبلوماسية لتحقيق الهيمنة".
وعلى مدار العام الماضي، احتلت تركيا شمال شرق سوريا، وزادت تواجدها العسكري في العراق، وتدخلت في الحرب الأهلية في ليبيا.
وتملك تركيا الآن قواعد عسكرية في قطر والسودان وفرضت سيطرة مؤقتة على جزيرة سواكن السودانية، وأبرمت اتفاقا عسكريا مع الكويت لوضع قبضتها في الخليج والبحر الأحمر.
وعلاوة على ذلك، فإن الاشتباكات التي اندلعت بين قوات النظام السوري المدعومة من روسيا وعناصر المعارضة المدعومة من تركيا أدت في نهاية المطاف إلى تأسيس ممر أمني حدودي يخضع لمراقبة كل من موسكو وأنقرة لكنه تحت سيطرة الثوار.
وأشار المقال إلى أن دافع أنقرة وراء ذلك يتمثل في إجهاض التطلعات الكردية من أجل الحكم الذاتي، والقلق بشأن مخاطر الأمن القومي الذي يشكله حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وتأمل أنقرة في تأسيس منطقة عازلة لإعادة استيطان أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري الذين تحولوا بالنسبة لتركيا إلى "عبء" بحسب كرم.
ومضت تقول: "ثمة هيمنة تدريجية للثقافة التركية في شمال سوريا مع عدم وجود اتفاق سياسي يلوح في الأفق".
وأرسلت تركيا أكثر من 10000 جندي في شمال سوريا، كما أن خطة المنطقة الآمنة تعتمد على إعادة هيكلة تلك المناطق تحت السيطرة التركية مع خلق حكومات محلية جديدة وبنية تحتية تشرف عليها أنقرة.
وبدأت الحكومات المحلية في حلب وإدلب في استخدام الليرة التركية كعملة شرعية متداولة.
بيد أن الوضع في سوريا يتسم بالتقلب حيث ما يزال التصعيد العسكري في مرحلة اختمار.
ومن وجهة نظر الكاتبة، فإن السياسة التركية تجاه ليبيا التي تعتمد على دعم حكومة الوفاق الوطني ترتبط بتأسيس منطقة اقتصادية تمتد من الشاطئ الجنوبي التركي إلى الساحل الشمالي الليبي.
وأردفت: "ارتبطت أنقرة باتفاق مثير للجدل مع طرابلس يرسم حودا بحرية في شرق البحر المتوسط لممارسة أنشطة استشكاف غاز في المياه المتنازع عليها مما يزيد التوترات مع اليونان غيرها".
وبالمقابل، لعبت تركيا دورا في تحويل دفعة الحرب لصالح حكومة الوفاق الوطني من خلال إرسال أسلحة ومرتزقة سوريين بتمويل قطري مع بقاء الولايات المتحدة على الحياد.
وزادت قائلة: "لكن الارتباط التركي في ليبيا مقامرة ليس فقط بسبب الوضع سريع التقلب على الأرض ولكن لأن الحكومة التي تدعمها أنقرة لا تسيطر حتى على المنطقة المجاورة لاتفاق ترسيم الحدود البحرية".
وإذا خسرت حكومة الوفاق الوطني الحرب، فإن ذلك يعني أن تخسر أنقرة فرصة الدخول على حقول الغاز.
وقد تتكبد تركيا الكثير لا سيما مع استقالة رئيس الوزراء الليبي فايز السراج بالرغم من الجولة الجديدة من المحادثات في جنيف الشهر المقبل".
وقد تحول ليبيا إلى مشروع غير مكتمل يتسبب في نتائج عكسية في نهاية المطاف.
وأضافت: "تسعى تركيا إلى لعب دور القيادة في نظام يغيب عنه الولايات المتحدة لكن مواطني الشرق الأوسط الذي تأثروا بالمسلسلات التركية ربما لن يستجيبوا للغزوات التوسعية لأنقرة حيث سيتذكرون الأوقات السيئة تحت مظلة الإمبراطورية العثمانية".
واختتمت مقالها بقولها: "ترك الأمور بدون محاسبة يجعل المغامرة التركية تشكل خطرا لا يقتصر فقط على الحدود المباشرة لكنه يمتد إلى أرجاء الشرق الأوسط ولن تكون الولايات المتحدة في مأمن كذلك حيث ستواجه دعوات لكتابة سيناريو جديد".
يذكر أن باتريسيا كرم هي المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمعهد "إنترنتاشيونال ريبابليكان إنستيتيوت" وهي منظمة أمريكية غير ربحية تقول في تعريفها إنها تروج للديمقراطية.