
فلسطين.. الاحتلال يهدم 450 منزلا ويهجر 530 عائلة خلال 9 أشهر

لا يتوقف نزيف الدماء الفلسطيني على أرض الزيتون المحتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، فلا يزال الصهاينة يواصلون جرائم التطهير العرقي بحق الفلسطينيين تطبيقا لما تسمى صفقة القرن، ولا يزال مسلسل التهجير مستمرا رغم الاستغاثات الفلسطينية والمناشدات الدولية.
تهجير الفلسطينيين من أراضيهم لم يغب لحظة واحدة، فمنذ أن وطأ المحتل الصهيوني بأقدامه أرض الزيتون، ارتكب مئات المجازر والإبادة لأهالي فلسطين.
ففي الأشهر الأخيرة، كثف المحتل الصهيوني جرائمه بحق الفلسطينيين، فهدم آلاف المنازل وهجر مئات الأسر، واعتقل المئات من الأطفال والنساء.
ومؤخرا، أكد مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية أن الاحتلال الإسرائيلي هدم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري (450) مسكنًا ومنشأة فلسطينية، وهجر 530 عائلة.
وأوضح المركز في بيان صادر عنه أن الاحتلال أجبر بعض المقدسيين على هدم مساكنهم بأيديهم في مدينة القدس المحتلة، حيث جرى هدم (80) مسكنًا ومنشأة قسريًا خلال ما مضى من هذا العام.
وبين أن العدد الإجمالي للمساكن الفلسطينية المهدومة من قبل الاحتلال منذ "نشأة إسرائيل" بلغ حوالي 165,690 مسكنًا تسببت في تعرض حوالي مليون فلسطيني للتهجير.
وشدد على أن سياسة الاحتلال التي تحاصر البناء الفلسطيني لا سيما في القدس أجبرت الكثيرين على البناء بلا ترخيص أو الهجرة لمحافظات الضفة الغربية، حتى بلغت حاجة المقدسيين وحدهم لحوالي 25 ألف وحدة سكنية لتغطية حاجتهم الماسة.
في الغضون، أدان تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية" شروع سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء احتلالها للأراضي الفلسطينية، بالعمل على تهجير وتشريد الشعب الفلسطيني قسرياً من خلال عمليات المصادرة والاستيطان والهدم، بهدف تثبيت هيمنتها العنصرية على الفلسطينيين إضعاف سيادتهم على أرضهم لشل إرادتهم.
وأكد التجمع أن هذه الجرائم تأتي في إطار مخالفاتها الممنهجة لمبادئ القانون الدولي، وامتداداً لسياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية عموماً وفي مدينة القدس المحتلة على وجه الخصوص.
وأكّد التجمع أن الأرقام الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة تشير إلى عودة تصاعد أعمال الهدم والتهجير، فقد بلغ عدد المنازل المهدمة في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة خلال العام الجاري 548 مبنى ومنزل، 138 منها في مدينة القدس، وقد بلغ إجمالي عمليات الهدم والتجهير منذ العام 2009 في الضفة الغربية والقدس المحتلة 6949 مبنى مما أدى إلى تهجير ونزوح 10690 مواطن فلسطيني.
وشدد التجمع على أن سياسة العقاب الجماعي تمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، التي أكّدت على عدم جواز معاقبة شخص محمي على أمرٍ لم يفعله شخصياً، كما حظر القانون على الدولة المحتلة تهجير السكان الأصليين وإحلال رعاياها مكانهم، إضافة لمس سياسة العقاب بالحقوق الأساسية للمدنيين وحقوقهم، لا سيّما حقهم في السكن، والحياة الكريمة.
وحذّر التجمع أن سياسة هدم المنازل في مدينة القدس على الوجه الخصوص تهدف لتغيير الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس، وفي ذلك مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن الدولي والعديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، والتي تحظر جميعها إجراءات أي تغييرات من شأنها تغيير الوضع القانوني والتاريخي والطابع الديموغرافي لمدينة القدس، وتعتبر إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي كسلطة قائمة بالاحتلال باطلة وغير قانونية.
وطالب تجمع "حرية" بالتدخّل لوقف هذه الأعمال ولجرائم والانتهاكات، ولدعم صمود السكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة وتأمين حقهم في المسكن، ودعا للتدخل من أجل ثني الاحتلال عن مواصلة سياسته بتغيير أوضاع مدينة القدس التاريخية والقانونية والديموغرافية، ووقف سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، وإدانة هذه الممارسات القائمة على الاضطهاد والعنصرية.
في سياق آخر، روى الفلسطيني حسن كعابنة من بلدة تل الصمادي في منطقة الأغوار لوسائل إعلام فلسطينية، تفاصيل مؤلمة عن هدم الاحتلال منزله بعد شهر من زواجه قائلا: "جاءت جرافات الاحتلال وهدمت منزلي بالكامل ودمرت كل أثاثه ومقتنياته وأصبحت وزوجتي في العراء بلا مأوى وهذه حال مئات العائلات الفلسطينية التي شردها الاحتلال لكن رغم كل ممارسات الاحتلال وجرائمه إلا أننا صامدون بأرضنا فنحن أصحاب حق والاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن".
من جهته، قال الدكتور إبراهيم أحمد مهنا، عضو هيئة علماء فلسطين بالخارج، في مقال له، إن المتابع للشأن الصهيوني منذ تأسيس دولتهم عام 1948م، إلى مرحلة ما يسمى بـ"صفقة القرن" عام 2020م، يدرك جيداً أن هذا الكيان المصطنع يحمل بذور فنائه معه؛ فهو كيان وظيفي غريب عن المنطقة، يعاني من معضلات عديدة تهدد وجوده، ومن أهم هذه المعضلات مشكلة الديمغرافيا، ومشكلة تحقيق الأمن.
المنسق الإنساني الأممي في الأراضي الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك حذر من أن عمليات هدم الاحتلال لمنازل الفلسطينيين شهدت ارتفاعا حادا خلال فترة انتشار وباء كورونا مطالبا "إسرائيل" كقوة قائمة بالاحتلال الالتزام بالقرارات والقوانين الدولية واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، فقد أشار إلى أن الاحتلال وبدعم من الولايات المتحدة يواصل فرض شريعة الغاب ونسف القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية عبر تكثيفه عمليات الهدم والاستيطان تطبيقا لما تسمى صفقة القرن ومخطط الضم الاستعماري.
وأوضح أبو يوسف أن الاحتلال يستمر في التضييق على الفلسطينيين لتهجيرهم وسلب حقوقهم الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي توفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال وممارساته التهويدية.