وتنشط في إفريقيا الوسطى..
لهذه الأسباب.. روسيا تتوغل في القارة السمراء
وسط انشغال العالم بالأزمات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، اتجه الدب الروسي لتوطيد نفوذه إلى البلدان الأفريقية مستغلا تراجع النفوذ الأمريكي والأوروبي في القارة السمراء، وإن كانت موسكو تكابد لمزاحمة النفوذ الصيني الذي يترسخ يوما بعد آخر في معظم أقطار القارة
فمن سوريا وليبيا إلى إريتيريا وقلب القارة، يصر الروس على الوجود العسكري داخل القارة السمراء، وهو ما أكدته مؤخرا جمهورية أفريقيا الوسطى التي أعلنت قبل ساعات، أن روسيا أرسلت "عدة مئات" من الجنود إلى أراضيها بعد ثلاثة أيام من بدء هجوم تشنه ثلاث مجموعات مسلحة تعتبره السلطات "محاولة انقلاب"، قبل أقل من أسبوع على انتخابات رئاسية وتشريعية.
وصرح المتحدث باسم حكومة إفريقيا الوسطى إنجي ماكسيم كازاغي لوكالة فرانس برس أن "روسيا أرسلت مئات من الرجال من القوات النظامية ومعدات ثقيلة" في إطار اتفاق تعاون ثنائي.
وأضاف أن "الروانديين أرسلوا أيضا مئات عدة من الرجال الموجودين بالفعل على الأرض وبدأوا القتال".
وأعلنت وزارة الدفاع الرواندية ليل الأحد الاثنين أن رواندا أرسلت قوات إلى جمهورية إفريقيا الوسطى حيث "استهدف المتمردون" بقيادة الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه، جنودها الذين يعملون بتفويض من الأمم المتحدة.
وقالت الوزارة في بيان إن "الحكومة الرواندية نشرت قوة حماية في جمهورية إفريقيا الوسطى في إطار اتفاق دفاعي ثنائي"، موضحة أن هذه الخطوة جرت "ردا على استهداف وحدة قوات الدفاع الرواندية التابعة لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام من قبل المتمردين المدعومين من فرانسوا بوزيزيه".
ولم تذكر أي تفاصيل عن عديد القوات أو مهمتهم أو تاريخ انتشارهم.
وبالرجوع إلى الوجود الروسي القديم داخل القارة السمراء، فقد كان للاتحاد السوفيتي نفوذ كبير في القارة، لكنها وطأته السياسية والاقتصادية انحسرت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
وفي أحد تصريحاته، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن تقوية العلاقات مع البلدان الأفريقية يعد أحد أولويات السياسة الخارجية الروسية.
ومن الواضح أن موسكو تعمل على تعزيز وجودها في أفريقيا بشكل عام، وتستغل في ذلك علاقاتها بدول القارة الأفريقية منذ فترة الاتحاد السوفيتي.
وتعزز روسيا صلاتها السياسية في المنطقة، إذ زار 12 قائدا أفريقيا البلاد منذ عام 2015، وشهد عام 2018 وحده ست زيارات.
وأثار الطموح الروسي مخاوف القوى الغربية من استيلاء موسكو على نفوذهم.
وفي مقال رأي نُشر مؤخرا في صحيفة واشنطن بوست تطرق كاتبه إلى أن روسيا "تبحث جديا عن اتفاقات وعلاقات أمنية"، في حين يستمر تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وتعد روسيا شريكا دفاعيا هاما في أفريقيا، وهي أكبر مورد للسلاح في المنطقة.
لكن عالميا، لا تعد أفريقيا السوق الأكبر للسلاح الروسي، إذ تتفوق آسيا عليها.
وبين عامي 2014 و2018، بلغ حجم واردات روسيا من السلاح إلى أفريقيا 17 في المئة من إجمالي الواردات الروسية، بحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي.
لكن العلاقات الدفاعية تنمو بشكل مستمر. ومنذ عام 2014، وُقعت اتفاقيات تعاون عسكري مع حوالي 19 دولة أفريقية.
وأبرمت روسيا اتفاقات مع أنجولا ونيجيريا والسودان ومالي وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية خلال عامي 2017 و2018.
وتشمل هذه الاتفاقيات تصدير طائرات مقاتلة، وطائرات هليكوبتر للنقل والقتال، وصواريخ مضادة للدبابات، ومحركات للطائرات المقاتلة.
وتمتد العلاقات الأمنية والعسكرية الروسية لأكثر من مبيعات السلاح، وأحيانا تتضمن استخدام مجموعات المرتزقة الخاصة.
كما تنامت الأهداف الاقتصادية الروسية في أفريقيا، إذ تعاني موسكو من نقص في معادن مثل المنغنيز والبوكسيت والكروم، وكلها مهمة بالنسبة للصناعة.
كما أن لها خبرة في قطاع الطاقة، يمكنها نقلها إلى الدول الغنية بالموارد.
وتنقب الشركات الروسية حاليا عن البوكسيت في غينيا، وتبرم صفقات لاستخراج الألماس في أنجولا، وتحصل على موافقات لاستخراج الغاز الصخري من موزمبيق.
وذكرت تقارير أن شركة الطاقة الروسية العملاقة، لوكويل، دشنت مشروعات في الكاميرون وغانا ونيجيريا، وتبحث في الحصول على صفقات في الكونغو.