في يومهم الوطني.. الاحتلال يسرق براءة أطفال فلسطين

كتب: أيمن الأمين

فى: العرب والعالم

08:49 05 أبريل 2021

في الخامس من أبريل عام 1995، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، ليصبح هذا التاريخ من كل عام هو يوم للطفل الفلسطيني.

 

في هذا اليوم، يتم تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة، بهدف مناصرة أطفال فلسطين الذين يزالون يعانون من افتقاد أبسط حقوقهم، لكن ومع انتشار جائحة كورونا، اقتصر الدعم على صفحات التواصل الاجتماعي.

 

ويقف أطفال فلسطين هذه الأيام، على مذبح كورونا والفقر والاحتلال الإسرائيلي، ليصبحوا أكثر أطفال العالم تعرضا للأزمات.

 

ويعمد الاحتلال إلى اعتقال الأطفال من منازلهم ليلًا ويزج بهم في السجون، ويعرضهم لأبشع أساليب التعذيب، فتنزع الاعترافات منهم بالقوة ويعرضون على المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي تحكم عليهم أحكامًا قاسية.

 

اعتقال الأطفال

 

أبرز الأزمات التي يعاني منها الطفل الفلسطيني كانت الاعتقالات الجماعية لهم من قبل السجان الإسرائيلي، لعل آخرها قبل أيام، حين اعتقل الصهاينة 5 أطفال مقدسيين لا تزيد أعمارهم عن الـ15 عاما، من بينهم الطفل عبد الله أمجد عبيد (13 عاماً) من سكان العيساوية بالقدس المحتلة الذي سلم نفسه لشرطة الاحتلال الإسرائيلي للسجن، بعد قضائه 3 أشهر في الحبس المنزلي.

 

 

وقالت والدة الفتى عبد الله لوسائل إعلام فلسطينية: "من الصعب علينا تسليم أولادنا للسجون، لكن هذه ضريبة الصمود، لم تمر أيام الحبس المنزلي الأسابيع الماضية بسهولة على عبد الله وعلينا كعائلة، مما اضطره لاختيار الحبس الفعلي رغم قساوته وبعده، وخاصة ونحن على أعتاب شهر رمضان". مشيرة إلى أن الاحتلال حكم على الطفل عبيد بالسجن الفعلي لمدة شهرين.

 

واعتقلت سلطات الاحتلال منذ عام 1967 عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين الذين يتلقون بقسوة، التعذيب والمحاكمات غير العادلة بحقهم، إلى جانب انتهاك حقهم الطبيعي بالعيش الطبيعي.

 

لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بل وكان من أكثر الفئات تهميشا رغم وجود العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق التي تحفظ حقوقه.

 

من جهته، قال مركز أسرى فلسطين للدراسات إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي واصلت خلال العام الماضي استهداف الأطفال بالاعتقال والاستدعاء، وفرض الأحكام والغرامات المالية الباهظة، حيث تم رصد (550) حالة اعتقال لأطفال بينهم (52) طفلا لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر.

 

أطفال الحجارة

 

ووفق وسائل إعلام فلسطينية، يروي الطفل(ح.ر) من مخيم شعفاط الذي اعتقلته قوات الاحتلال في سن الخامسة عشر لحظة اعتقاله ويقول: "اقتحموا منزلنا في تمام الساعة الخامسة فجرا، واقتادوني إلى الحاكورة، ثم إلى مركز تحقيق المسكوبية، وقاموا بتفتيشي وتقييد يديّ، وكانت أسئلتهم تتمحور حول ضرب الحجارة على جنود الاحتلال، كان صوتهم عالِ، صرخوا في وجهي كثيرا، ونلت نصيبي من الشتائم وأبشع عبارات الذل والإهانة".

 

 

أما الطفل (م.ح) وهو من مخيم شعفاط أيضا يقول في تجربة اعتقاله: "لم أقاومهم في بادئ الأمر، لكن سرعان ما أغمى على والدتي، وانهالوا عليّ بالضرب أمامها باستخدام البارودة والكهرباء، وقاموا بتكسير المنزل، وعاثوا فيه خرابا، حينها حاولت الدفاع عن نفسي واللحاق بوالدتي، لكنهم وضعوا العصبة على عينيّ، وربطوا يديّ، واقتادوني إلى السجن".

 

ويتابع (م.ح): "تركوني مرميا حوالي 10 ساعات وأنا مكبل اليدين، وقاموا بتفتيشي وضربي وشتمي بأبشع العبارات والكلمات النابية".

 

ليس الطفل المعتقل وحده بطل قصته مع السجان، فلأهله نصيب من المعاناة أيضا، إذ تُفرض على الأهالي غرامات مالية باهظة، في محاولة لاستغلال هذه الفرص في عمليات نصب واحتيال على ذوي الأسرى، ب"القانون" بهدف إخضاعهم واستفزازهم، ناهيك عن التبعات النفسية والاجتماعية التي تنتج عن عملية الاعتقال عند ذويهم.

 

انهيار عصبي

 

تقول والدة الطفل (م.ح): "أصبت بانهيار عصبي، ولم أنم لأيام طويلة، ومررت بفترة نفسية مدمرة، ثم توجهت إلى طبيب نفسي ووصف لي أدوية مهدئة، ومنومات، ولازمت غرفته طيلة فترة غيابه".

 

وتضيف: "اعتزلت الحياة الخارجية، ولم أرغب بالتواصل إلا مع أصدقاء ابني، وداومت على قراءة القرآن والصلاة والدعاء على أمل أن تفرج كربتي ويخرج ابني، وتعمدت ألا أقوم بطبخ المأكولات التي يحبها".

 

 

أما من الناحية المادية تقول الأم: "تكبدنا أعباء مالية إضافية، إلى جانب مصاريف البيت، وأصبح مصروف ابننا الأسير منفردا كي يتمكن الشراء من الكنتينا (مقصف صغير في السجن)، كما أن الاحتلال فرض علينا غرامة مالية قدرها 5 آلاف شيقل، عملنا على تقسيطها على أشهر بمعدل 500 شيقل  شهريا".

 

تصف والدة الطفل (م.ح) تجربة اعتقال نجلها بالصعبة، حيث أنها كانت تستيقظ الساعة الرابعة فجرا، تقل باص الصليب الأحمر، وتنتظر حتى السابعة ليتحرك الباص، مضيفة: "تستغرق الطريق ساعتين  للوصول، لنجد بعدها مكانا خاليا من الجدران، ونقف بالبرد وتحت المطر، لا نجد ما نأكله ولا حتى الماء النظيف".

 

وتتابع: "عند العبور يتوجب عليها خلع الأحذية، بالرغم من الأرضية المتسخة بالطين، بفعل الشتاء، وعند الحاجز الثاني يجب أن نخلع المعطف للتفتيش، ليسمحوا لنا بعدها برؤية أطفالنا الأسرى من خلف جدار، مدة لا تتجاوز النصف ساعة، ثم يجبروننا على الخروج، وهنا أشعر وكأنني أترك قطعة من قلبي، فالزيارة كلها بكفة، واللحظة الأخيرة منها بكفة أخرى، ناهيك عن أصوات الكلاب التي تنبح لتشير لنا بلزوم الخروج، والرعب الذي نعيشه في لحظها".

 

مبادرات مجتمعية

 

في سياق مختلف، تعمل بعض المؤسسات على إعادة دمج وتأهيل الأسرى المحررين خاصة الأطفال منهم في مجتمعهم، وحول هذا يوضح المشرف في جمعية الشبان المسيحية علاء أبو عياش أن  "الجمعية تعمل على إعادة دمج الأطفال المحررين في مجتمعهم من خلال دمجهم في مجموعات إرشادية والعمل على تعزيز مهارات اتصال وتواصل فعالة، وحثهم على العمل التطوعي وتطوير مهاراتهم من خلال بعض المبادرات المجتمعية".

 

 

أما من الناحية الاقتصادية يقول أبو عياش: "تعمل الجمعية على دمج الأسرى المحررين بدورات تدريب مهني لتعزيز فرص حصولهم على عمل وكذلك تعمل على توفير أدوات لهم لبدء العمل وتطوير أنفسهم والحصول على دخل مالي".

 

وفق تقارير حقوقية، فهنالك الكثير من الاتفاقيات الموقعة في المحافل الدولية التي تؤكد على حقوق الإنسان وحقوق الطفل تحديداً والتي شددت على ضرورة توفير حياة كريمة وآمنة للطفل، وتوفير فرص النماء والنمو، إلا أن الطفولة الفلسطينية مهددة دائماً، حيث يوجد فرق واسع بين ما هو مضمون ومكفول وبين الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال، فالاحتلال جعل من اعتقال الأطفال هدفا عاجلا والخيار الأول بعد تكثيف عملية الاعتقال في السنوات الأخيرة، بالرغم من كثرة الاتفاقيات والمواثيق الدولية إلا أن الاحتلال الصهيوني لا يعترف بأي منها، وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

وذكر في المادة رقم (3) من اتفاقية حقوق الطفل رقم (260) التي تنص على: "تكفل الدول الأطراف أن تتقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة".

 

سياسة الاحتلال

 

وقام الاحتلال الصهيوني بخرق القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل لعدم تناسبها مع سياستها الاحتلالية، فقام بسن الأوامر العسكرية لفرض السيطرة على الشعب الفلسطيني دون ضوابط أو معايير دولية، كما وأنه لجأ إلى تطبيق أحكام قانون الطوارئ البريطاني لعام 1945، وإلى قانونيّ التامير والمقاتل غير الشرعي، فقانون التامير يسمح بالاعتقال الإداري دون توجيه أي تهمة للمعتقل.

 

 

وتقوم الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بتقديم الخدمات والاستشارات القانونية من خلال المساعدات القانونية التي يقدمها المحامون المتخصصون بالدفاع عن الأطفال، وتمثيل الأطفال أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية.

 

وصادق الاحتلال على اتفاقية حقوق الطفل والمادة رقم (37) التي تنص على: "ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم".

 

من جانب آخر، وفي إطار الكشف عن معاناة الأطفال، تحديدا بقطاع غزة، قال باسم أبو جري، الباحث في مركز "الميزان"، إن مستويات الفقر والقيود المفروضة على سكان غزة، حالت دون حصول الأطفال على تعليم إلكتروني ناجح.

 

وتابع في تصريحات صحفية:" ذلك يأتي بسبب عدم امتلاك أسر الأطفال، أجهزة ذكية أو خط نفاذ لشبكة الإنترنت".

 

وأضاف أن ما نسبته 34.83 بالمئة، من إجمالي عدد الطلاب في المدارس، لم يتمكّنوا من الانضمام للصفوف الافتراضية.

 

وبيّن أن التعليم عن بعد "لم يكفل تكافؤ الفرص كما أنه لم يحقق المساواة بين الجميع في الحصول على التعليم".

 

واستكمل قائلا: "العائلات بغزة لا تتمكن من توفير متطلبات التعليم الإلكتروني، فهي بالكاد توفّر الضروريات الأساسية لأبنائها".

 

 

وحذّر من إمكانية زيادة معدلات تسرّب الأطفال من المدارس، في ظل هذا الواقع، "الأمر الذي قد يقود الأطفال لممارسة سلوكيات خطيرة، كالتسلل نحو الحدود مع إسرائيل".

 

وأشار إلى أن ما نسبته 71.4 بالمئة، من الأطفال الذين اجتازوا السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، وتم اعتقالهم، هم من المتسرّبين من المدارس، ولم يكملوا تعليمهم.

 

تجدر الإشارة إلى أن الإحصاءات، تشير إلى أن 1.3 مليون طفل فلسطيني بالضفة الغربية يتأثرون بشكل كبير من سياسة الاعتقالات والاعتداء عليهم سواء بإطلاق الرصاص أو بالضرب أو من الاستيطان، بالإضافة إلى مليون طفل بقطاع غزة يعتبرون الأكثر تضررًا من قيود الاحتلال.

 

نادي الأسير الفلسطيني أيضا، قال إنّ الاحتلال اعتقلت منذ عام 2015 حتى نهاية شهر فبراير الماضي، قرابة 6000 طفل فلسطيني.

 

 

 

 

اعلان