الحق في الدواء: الخطر يلاحق الآلاف.. والصحة: لا أزمة
ارتفاع أسعار جلسات غسيل الكلى.. من يحمي حق الحياة؟
في أبريل الماضي، حين وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جانب نظيره الفرنسي فرانسوا أولاند - في مؤتمر - تحدَّث عن أنَّ التعليم والصحة والسكن هي حقوق إنسان.. يومها ردَّ عليه أولاند بأنَّ تلك حقوق الحياة أما حقوق الإنسان فتعني حرية الصحافة والتعبير وحرية التنقل.
بدى الرئيس حينذاك يعي جيدًا كون الصحة من "حقوق الإنسان" وهي من حقوق الحياة كما رأى ضيفه.. إلا أنَّ "الصحة" في حكومة شريف إسماعيل يقول منتقدوها إنَّها أصابها "العلل".
كالنار في الهشيم، ينتشر الخوف بين مرضى الغسيل الكلوى.. ينتابهم الرعب، يخشون الموت البطيء.. خوف مدعاه قرار صادر عن وزارة الصحة برفع سعر جلسة الغسيل الكلوي من 140 جنيهًا إلى 250 جنيهًا.
خوف المرضى ومن ورائهم نفوس تتشدق إلى علاجهم راجع إلى نتيجة للتكلفة الباهظة التي سيتكبدونها خلال إجراء الجلسات.. الأزمة ليست فقط في ارتفاع الأسعار، بل إنَّ عددًا من مراكز ووحدات غسيل الكُلى توقفت عن استقبال المرضى لعدم قدرها على تحمل ارتفاع التكلفة.
مرضى المستشفيات الحكومية يمثلون النصيب الأكبر من إجمالي المرضى المترددين عليها ليصل عددهم إلى نحو 66 ألف مريض يجلسون أربع ساعات متواصلة تخترق أجسادهم أجهزة تنقية الدم.
هذه المعاناة لم تشفع للمرضى أمام وزارة الصحة.. فهي عاجزة عن توفير ما يقولون إنَّها أبسط حقوقهم "رعاية صحية سليمة ورقابة حقيقية".. هؤلاء المرضى وقعوا في براثن تجار السوق السوداء فاختفى دواء "كيتوستريل"، والمتاح منه بعد أن كان سعره 220 جنيهًا وتمَّ إيقاف استيراده من الخارج وصل سعره في السوق السوداء إلى 1000 جنيه لدرجة أنَّ الأطباء نادوا بتوزيعه بالشريط بدل العبوات لحاجة المرضى له.
الحق فى الدواء : أخطار كبيرة لـ115 ألف مريض
المركز المصري لحماية الحق في الدواء أطلق العديد من التحذيرات لوجود أخطار كبيرة تحوم حول أرواح أكثر 114 ألفًا و287 مريضًا في مصر، موزعين على 309 مراكز حكومية من مرضى الغسيل الكلوي وتهدِّد حياتهم وتعرضهم لخطر شديد ومضاعفات كثيرة.
واستغاث محمود فؤاد المدير التنفيذي للمركز بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وطالبه بالتدخُّل فورًا لطلب التحقيق فيما تشهده مراكز الغسيل الكلوي العامة، محمِّلًا وزارة الصحة والسكان مسؤولية الأزمة.
وأضاف: "منذ شهور يعاني مرضى الغسيل الكلوي من ندرة الوفاء باحتياجاتهم من المحاليل الطبية حيث يقومون بالغسيل الكلوي 3 جلسات أسبوعيًّا، ويستهلكون في الجلسة الواحدة ثلاث عبوات، وأصبحت المراكز تطلب منهم ضرورة شراء المحاليل على نفقتهم الخاصة بسبب ندرتها".
الأطباء : غلق 11 مركز غسيل كلوى والأزمة تتفاقم
في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الصحة توفير المستلزمات الطبية والمحاليل اللازمة للغسيل الكلوي، زادت أزمة المراكز والتي أعلنت إغلاقها نتيجة نقص هذه المحاليل.
فأعلنت نحو تسعة مراكز للغسيل الكلوي بالفيوم إغلاقها المؤقت للمراكز وتحويل المرضى إلى جهات أخرى بسبب ارتفاع سعر المستلزمات الطبية والمحاليل ونقصها نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
وأوضَّح أصحاب المراكز - الذين أرسلوا استغاثة إلى نقابة الأطباء بالفيوم - أنَّ المراكز تخدم نحو 400 مريض تتكفل الدولة بعلاجه إمَّا عن طريق التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة وعقب زيادة سعر الدولار أدَّى ذلك إلى وصول عبوة الملح والجلوكوز إلى 20 جنيهًا بدلًا من ستة جنيهات.
وأكَّد أصحاب المراكز أنَّ سعر الجلسة بالتأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة تبلغ 140 جنيهًا، وبعد تعويم الجنيه وزيادة سعر الدولار أصبحت تكاليف الجلسة الواحدة تتعدى 235 جنيهًا، فأدَّى هذا الغلاء إلى إغلاق المراكز بالمحافظة.
من جانبه، قال الدكتور ممدوح راغب نقيب الأطباء بالفيوم إنَّ النقابة ترسل يوميًا استغاثات ومناشدات لوزير الصحة بضرورة توفير هذه المحاليل اللازمة للغسيل الكلوي ولكن دون جدوى.
وأضاف: "هذا الحال لم يقتصر على مراكز الفيوم بل امتد ليصل إلى أحد المراكز بمحافظة الغربية وهو مركز طنطا للكلى، والذي أعلن عن نقص الفلاتر المستخدمة للغسيل الكلوي والتي ستؤدي بالطبع إلى توقف المركز عن خدمة المرضى، هذا بالإضافة إلى مركز العجايبي بحلوان والذي طالب مرضاه إيجاد مكان بديل لعدم توافر أي مستلزمات طبية لغسيل الكلى".
في سياق متصل، ناشدت النقابة العامة للأطباء كل من رئاسة مجلس الوزراء ووزيري الصحة والمالية بضرورة أن تكون الأولوية في ظل الأزمة الدولار الحالية للأدوية ومستلزمات العلاج.
وقالت النقابة - في بيانٍ لها - إنَّها تتابع بقلق بالغ النقص الشديد في العديد من الأدوية الأساسية والمحاليل اللازمة لإجراء الجراحات في الكثير من المستشفيات الحكومية.
وأشارت إلى ضرورة أن تكون هناك أولوية لتوفير العملة الصعبة لتوفير الدواء المستورد الذي لايوجد له بديل بمصر وكذلك المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية المصنعة بمصر.
وطالبت النقابة المسؤولين بضرورة بذل كافة الجهود لإيجاد حل سريع حتى لا تتفاقم الأزمة وتنعكس على المريض ومنع أي محاولات لاستخدام هذه الأزمة لتربح البعض على حساب المريض الذي أصبح لا يحتمل المزيد من المعاناة.
الصحة: لا يوجد نقص في المستلزمات.. وسنتحمل فرق سعر الجلسة
من جانبه، أكَّد الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة أنَّ الدولة ستتحمل فارق الزيادة التي تمَّت إضافتها على سعر إجراء جلسات الغسيل الكلوي من 140 إلى 200 جنيه، سواء بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة نتيجة ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية.
الوزير أضاف أنَّه يتم حاليًّا دعم الميزانية بقيمة ٦٠٠ مليون جنيه إضافةً إلى تكلفة علاجهم على نفقة الدولة سنويًّا بحوالي 750 مليون جنيه وذلك لتغطية فرق التكلفة في أسعار الجلسات.
وأوضَّح أنَّ إجمالي عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر وفقًا لإحصائيات قطاع الطب العلاجي تبلغ 36 ألفًا و116 مريضًا، لافتًا إلى أنَّه تمَّت مخاطبة وزارة المالية، وجاري توفير الاعتمادات المالية اللازمة وضمها إلى موازنة العلاج على نفقة الدولة.
وحول ما تمَّ تداوله عبر وسائل الإعلام عن إعلان عدد من مراكز الغسيل الكلوي الخاصة عدم قبول حالات بداية من أول ديسمبر المقبل بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية، أكَّد أنَّ الوزارة أصدرت تعليمات صارمة لمديريات الشؤون الصحية بالمحافظات بتشغيل وحدات الغسيل الكلوي بالمستشفيات أربع "نوبات عمل" بدلاً من "نوبتين"، وذلك لاستيعاب أي عدد من المرضى حال توقف المراكز الخاصة عن العمل.
وفي السياق، قالت ماجدة الطنطاوي رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجي بوزارة الصحة والسكان إنَّ الوزارة تسلَّمت 350 ألف فلتر، وسيتم البدء في توزيعهم بعد 48 ساعة وهي المدة اللازمة للفحص الفني على الفلاتر، وسيتم توزيعهم بنفس نسب التوزيع وطبقًا لعدد المرضى الموجودين بكل قطاع.