عائدون إلى الشيخ زويد يأملون بإعادة إعمار منازلهم
جمع محمد إبراهيم رفاعي (25 سنة) بعض أثاثه وزوجته وابنيه وطفلته في سيارة نقل صغيرة وانطلق قبل يومين من مدينة العريش في شمال سيناء إلى الشيخ زويد في أول يوم سُمح فيه بعودة المهجرين من المدينة إلى منازلهم، بعد إحكام الجيش السيطرة على قرى عدة في جنوبها عُدّت على مدى سنوات مناطق نفوذ للمتشددين.
ظل رفاعي المتحدر من قبيلة الريشات فرحاً بالعودة إلى قريته المسماة باسم عائلته «أبو رفاعي» القريبة من قسم شرطة الشيخ زويد، والتي تركها مرغماً تحت وقع حدة الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين المتشددين، وخشية سقوط أي من أفراد عائلته ضحية لتلك الاشتباكات.
لكنه صُدم حين وجد منزله مُدمراً ولم يبقى منه سوى حُطام، ومزرعته الصغيرة قد جُرّفت. وقال رفاعي لـ «الحياة»: «توجهت إلى السلطات المحلية في مجلس المدينة ومديرية الزراعة، وطلبوا مني تحرير محضر في قسم الشرطة لإثبات حقي في التعويض، وبالفعل حررت محضراً بتحطم منزلي وجرف مزرعتي، وقامت لجنة بالمعاينة وكتبت تقريراً رفعته إلى المحافظة مع وعد بالتعويض».
وأضاف أن «المشكلة الآن أن الإجراءات الحكومية تأخذ وقتاً طويلاً، والشتاء حلّ والآن نحن نبيت في العراء. بالكاد دُبّرت نفقات لرفع أنقاض جزء من المنزل حيطانه لا تزال قائمة، وثبت سقفاً من البوص للإقامة، لكن بطبيعة الحال هذا وضع لا يُحتمل… مع هطول الأمطار سينهار ما تبقى من البيت».
لكن الرجل الخمسيني يرى أن الإقامة في داره، حتى في ظل كل الصعوبات التي يلقاها، أفضل من التنقل بين شقق مستأجرة في العريش، بعدما ارتفعت أسعار الإيجارات إلى حد لم يعد يحتمله كثيرون، في ظل توافد مئات الأسر من رفح والشيخ زويد في الشرق على المدينة الغربية لشمال سيناء.
وقال لـ «الحياة» شيخ قبيلة الرويشات عبدالمنعم رفاعي، وهو من مشايخ الشيخ زويد، إن «العودة أمل انتظرته وتنتظره مئات الأسر، حيث توجد ديارنا وأرضنا وحياتنا. بات هدف أي أسرة العودة إلى جذورها»، لافتاً إلى أن «فرحة غامرة انتابت الأهالي للسماح بعودتهم، بعدما نزحوا مضطرين تاركين منازلهم ومزارعهم».
ولفت إلى أن «العودة تركزت على قريتي أبو رفاعي والترابين، وقمت بجولة في قريتي لتفقد الأحوال قبل نقل أسرتي من العريش، وحقيقة الأمر أن الأوضاع الأمنية باتت أفضل بكثير وأصبحت القرية مؤمنة تماماً بعد أن كانت ملاذاً للمسلحين، ومكامن الجيش في كل شوارع القرية لمنع عودة المتشددين إليها، لكن الأمن وحده لا يكفي في ظل الدمار الذي لحق بالقرية، والسماح بالعودة من دون إعمار ما خلفته الحرب».
وأضاف أن «الناس عادت، لكنها محاطة بالقوات من كل جهة. المكامن على أبواب البيوت، لكن المشكلة الكبيرة أن الدولة لم تُصلح قريتي أبو رفاعي ولا الترابين. القريتان فيهما تقريباً نحو 350 منزلاً تهدم بالكامل نصفها تقريباً، وتضرر ربعها، ولم يبقَ إلا أقل من 100 بيت لم يلحقها ضرر».
وأوضح أن «بعضهم شرع في إعادة تأهيل منزله من الأضرار التي لحقت به، لكن غالبية المنازل دُمرت وأصبحت ركاماً فوق الأثاث، وعودتها تحتاج أموالاً طائلة، وما زاد الضرر أن المزارع أيضاً جُرّفت». وشدد على أن «أهالي القريتين لم يتلقوا حتى اللحظة أي تعويضات... من تلقى تعويضات هم أهالي الشريط الحدودي في رفح بعمق كيلومتر واحد الذين صودرت ممتلكاتهم لمصلحة إقامة منطقة عازلة، كما تم تعويض أصحاب المنازل والمزارع بعمق 100 متر على جانبي الطريق الدولي من العريش حتى رفح، بعد أن جُرف لتأمين المكامن الأمنية. غير ذلك لم نتلق أي تعويضات».
وطالب بإسناد إعادة إعمار القريتين إلى الجيش من أجل سرعة إنجاز المهمة. وقال: «التقيت ومشايخ سيناء مسؤولين تنفيذيين كباراً في جهات عدة، وطلبنا أن يترافق الإعمار مع التحرير، لأن الكتلة السكانية في تلك المناطق هي أفضل ضمانة لاستتباب الأمن وعدم عودة المتشددين». وسأل: «كيف يعود الناس إلى بيوت مُهدّمة وحجارة فوق الأثاث ومزارع مُجرفة؟ عدد كبير من الأسر نزح مرة أخرى إلى العريش بعد أن صدمه الواقع، وآخرون بقوا في الشيخ زويد في ضيافة أقاربهم».
ولفت إلى أن «المتضررين شرعوا في اتخاذ الإجراءات الرسمية بتحرير محاضر وطلب تعويض من السلطات، وبانتظار أي تحرك»، داعياً إلى «صرف تعويضات عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه الآن مع خصمها من مجمل التعويض الذي ستحدده اللجان».
نقلا عن الحياة