بالصور| «الفركة».. حرفة دمرها الغلاء وغياب السياحة في قنا

كتب: وليد القناوي

فى: تقارير

11:30 28 يناير 2017

عشرات السنين انفرد فيها مركز نقادة جنوب محافظة قنا، بصناعة «الفركة» أو كما يطلق عليها الأهالي حرفة "النول" التي توارثوها عن أجدادهم في صناعة الشال الحرير، وعُرفت الفركة بأنها صناعة قديمة ترجع إلى عصر الفراعنة الذين كانوا يفرضونها على المحكوم عليهم بالسجن أو الإعدام لمشقتها واضطرار الصانع للجلوس على النول لساعات طويلة.

 

"مصر العربية" تجولت داخل مركز نقادة للبحث عن أصحاب تلك الحرفة القديمة، والتي أطلق عليها  أصحابها صناعة الستر لأنها تستر ولا تغني، وتتميز بأنها صناعة عائلية تمارسها الأسرة بجميع أفرادها في المنزل الريفي.

 

وعقب البحث لساعات طويلة عن المعمرين وقدماء تلك الحرفة كانت المفاجأة أن أصحابها هجروها منذ عدة سنوات بسبب غلاء الأسعار والغياب التام للوفود السياحية، وبدأوا بتحطيم الآلات المخصصة في تلك الصناعة .

 

بين أزقة المنازل القديمة عثرنا على إحدى السيدات المسنات والتي تحتفظت بالنول رغم عدم عملها عليه منذ سنوات، قائلة:"الحرفة خلاص مبقتش تجيب همها عشان أقعد على النول طوال ساعات النهار لأصنع شال وفي الآخر يباع بـ 90 قرشاً"،لافتة إلى أن الصناعة اندثرت نهائياً والمتواجد عندهم الآن الآلات ما هي إلا ذكريات يخلدونها .

 

وأوضحت أن الفركة عبارة عن منتجات مصنعة من الحرير والقطن تمر صناعتها بعدة مراحل تبدأ أولاً بصباغة الخيوط بألوان زاهية ثم صفّ الخيوط بطريقة هندسية على النول اليدوى الفرعوني والمنوال تتفرع في أطرافه يمينًا ويسارًا، وأجلس في حفرة أرضية وأمد قدمي لتحريك المنوال باليد أثناء ضبط الخيوط فتخرج القطع منه وهى قطع يتم تشكيلها حسب الطلب من  ملايات أو أحجبة أو حُبر لغطاء النساء في الخروج.

 

 

ويضيف أحمد حسين، صانع فركة، إن ما يتم تصنيعه كان يتم تصديره إلى السودان وكان يقدر الإنتاج سنويًا بحوالي 700  ألف قطعة بقيمة تزيد عن أربعة ملايين دولار وكان عدد العاملين بها 10000 أسرة بالمدينة والقرى المجاورة وعدد الأنوال 5000  نول وكانت تُجلب الخيوط من شركة إسكو وشركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار، مناشداً الجهات التنفيذية مدّ يد العون للنهوض بالصناعة التراثية وعودة التصدير.

 

 

ويشير أحمد إبراهيم، طالب، إلى أن والده عكف على تلك الصناعة لمدة 50 عاماً وكانت هي مصدر رزقنا، على الرغم من أنه كان يبيع منتجاته إلى أحد التجار بأسعار بخسة للغاية، لكنها كانت هي الحرفة التي أحبها والدي وتربي عليها وتعلمها من أجداده، لكن الشيء المؤسف أن هذه الصناعة انهارت نهائياً وباتت دربًا من دروب الذكريات.

 

ولفتت جهاد حامد، مديرة التسويق بمشروع تنمية الحرف، إلى أن صناعة الفركة تعرضت لمنافسة شرسة من قبل المنتجات الأجنبية خاصة الصيني التي تلعب على وتر السعر، فالصين والهند لم يكتفيا بتصدير الخيوط المصبوغة لمصر، بل قاموا بتصنيع وإنتاج مختلف الأقمشة والملايات الصعيدية التي تنتجها الورش المصرية، وصدروها لنا بأسعار زهيدة.

 

 

وأشار محمود عبد الغني ،تاجر ومصدِّر سابق لصناعات الفركة، إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم وجود منافذ للتسويق بعد أن توقف التصدير للسودان، وكذلك حالة الكساد السياحي خلال السنوات الثلاثة الأخيرة فقد كنا من قبل نقوم بعمل معارض في مدينة الأقصر حيث الرواج السياحي ولكن الآن لا يوجد أي مصدر تسويق سوى المعارض التي تشارك بها بعض الجمعيات الأهلية التي تهتم بالحفاظ على الصناعة من الاندثار.

 

وأوضح أنّ قلة الأيدي العاملة التي تخلت عن تلك الصناعة نهائياً وعدم معرفة الجيل الناشئ بتلك الحرفة العريقة لعدم وجود مكسب أو تسويق للمنتجات وأيضاً ارتفاع أسعار المواد الخام تم تدمير تلك الحرفة نهائياً وأصبحت أطلالا يحكي عنها كبار السن لأبنائهم .

 

 

 

 

لمتابعة باقي الصور  اضغط هنا 

اعلان