فيديو | هاني حنفي.. «يناير» منحته الأمل وسجون إيطاليا أعادته جثة
يجمع متعلقاته في حقيبة صغيرة قاصدًا أحد المراكب التي تحمل مجموعة من الشباب لتنقلهم إلى سواحل إيطاليا في هجرة غير شرعية، يتخذ مكانه وسط زملائه، تستمر المركب في طريقها لعدة أيام.
ينجح هاني حنفي الشاب السكندري في الوصول إلى بر الأمان محققا حلم الكثير من أبناء منطقته "أبو قير" في السفر إلى الخارج وجمع القليل من المال لمساعدة الأهل وبدء حياة جديدة.
يعمل هاني في مصنع ألومنيوم، استمرت رحلة عمله حتى 2011 حيث اندلعت ثورة 25 يناير، والتي أعادت الأمل له ليفكر في العودة إلى الإسكندرية، ويحسم أمره عائدا في 2012، يفكر فيما يمكن تحقيقه من أحلام وردية عقب سقوط رؤوس الفساد، التي كانت تختص نفسها بخيرات مصر، دافعة هاني وأمثاله من الشباب لإلقاء أنفسهم في قوارب الموت، ولم تستمر أحلامه طويلا ليصطدم بالواقع فيقرر العودة مرة أخرى وتكرار التجربة دون التفكير في أي عواقب.
في 2014 يتكرر المشهد مرة أخرى يودع هاني والده ويحمل حقيبته قاصدا المجهول، فيتخذ مكانه بين زملائه وينتظر أيام في عرض البحر، إلا أن نهاية المشهد اختلفت كثيرا، حيث ألقي القبض عليه ووضع في أحد السجون الإيطالية عقب الحكم عليه بالسجن 3 سنوات.
لم يكن هاني هو الوحيد من أفراد عائلته الذي يغترب لتحقيق الحلم، حيث سافر شقيقه وابن عمه إلى فرنسا منذ سنوات واستقر الأمر بهم هناك، حتى أن "إسلام فراج" ابن عم هاني لم يأت إلى مصر منذ 10 سنوات، فيعود مصاحبا لجثمان هاني من مطار روما بإيطاليا إلى مطار القاهرة.
يقول إسلام إن هاني كان على تواصل دائم مع والده وأن آخر اتصال هاتفي أجراه معه قبل الوفاة بـ 15 يوما، وكان في خير حال، مشيرا إلى أنه توفى في الساعة الثانية من صباح 1 مارس، وأنه كان يشاهد مباراة كرة قدم قبلها بساعات قليلة متسائلًا: "إيه اللي يخليه ينتحر؟"
في صباح 1 مارس أجرى إبراهيم عبد الله زميل هاني في الزنزانة والذي يقضي فترة سجنه بتهمة الهجرة غير الشرعية في سجن" كالتانيسيتا" اتصالا بوالدته يخبرها فيه بوفاة هاني، وطالبها بإبلاغ أسرته، وحين سألته الأم عن كيفية الوفاة قال: "بنصحيه من النوم ما صحيش".
وعقب علم الأب بنبأ الوفاة تواصل مع شقيق هاني في فرنسا وإسلام ابن عمه لتبدأ رحلتهم حيث توجهوا إلى إيطاليا موزعين المهام فتوجه إسلام إلى المستشفى بينما توجه شقيق هاني إلى القنصلية المصرية في روما لإنهاء الأوراق الخاصة به.
في يوم الثلاثاء الموافق 7 مارس وصل القنصل المصري للمستشفى التي يرقد فيها هاني ـ بحسب ما قاله إسلام ـ فسأله إسلام عن إمكانية أخذ المتعلقات الخاصة بهاني من حجرته في السجن، فأخبره أن ذلك متاح، وحين توجهوا للسجن رفضت الإدارة تسليمها لهم وأعلمتهم بأن الحجرة تم تشميعها بالشمع الأحمر، فطالبوا بالتحدث مع زملائه في الزنزانة فرفضت الإدارة بحجة أنهم مازالوا قيد التحقيق، مضيفًا: "مستحيل يكون انتحر ومعاه 2 في الزنزانة واحد مصري والتاني إيطالي هو لو انتحر مش حيسمعوا صوت؟".
ولم يتمكن إسلام من التواصل مع إبراهيم زميل هاني في الزنزانة لكنه تحدث مع أحد قوات التأمين الذي أخبره أن هاني كان بحالة جيدة وشاهد معهم مباراة كرة القدم ثم ذهب للنوم.
وعلّق إسلام: " إبراهيم كانت عينه بتدمع وهو بيتكلم، واللي قاله ينفي أن هاني انتحر".
يقول إسلام إنه لجأ لفرنسية من أصل مغربي تواصلت مع القوات الإيطالية وعادت إليه بما أعلن عقب ذلك عن وفاة هاني منتحرًا بملاءة سرير، موضحًا أن التقرير الخاص بحالة الوفاة تضمن "الشنق، الخنق".
وأكد أنهم وكلوا محامي إيطالي لمتابعة الأمر والتوصل للحقيقة وأنه في حالة وجود شبهة جنائية سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
وأثناء تشييع الجثمان علت الأصوات المودعة لجثمان هاني ناعية وفاته في الـ 30 من عمره، دون ذنب ارتكبه، بينما صمت الأب مودعًا جثمان ابنه في حالة من الثبات، مرددًا "كان كويس وماكنش فيه حاجة".
وأشار الأب أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع نجله الشهر الماضي طالبه فيه بإبلاغ والدة إبراهيم زميله في الزنزانة أنه بخير وتم وضعه معه في زنزانة واحدة، ليفاجئ عقب ذلك باتصالًا هاتفيا من والدة إبراهيم تبلغه فيه بوفاة ابنه.
"ابني مسلم وموحد بالله" هكذا جاء رد الأب رافضًا ما أثير حول انتحار نجله، مؤكدا أنه معروف بين أهالي منطقته بأخلاقه وحرصه على أداء الصلوات.
واستطرد: "واحد فاضله 6 أيام ويطلع إزاي ينتحر؟" مؤكدًا أن الرئيس سيعيد حق هاني في حالة وجود شبهه جنائية، فيما علق أحد جيرانه "هو مش أقل من ريجيني".
وأشار الأب إلى أن وزارة الخارجية ساعدتهم في إتمام الإجراءات بسرعة وسهولة ودون أي تعقيدات، مؤكدا أن مدير أمن مطار القاهرة اهتم بأمرهم، "بصراحة ربنا يخلي حكومتنا" وأخرج معهم 4 سيارات وما يقرب من 7 رتب، داعيا الله بأن يرحم نجله ويسامحه مطالبا الحكومة بأن يعيدوا حق هاني.