مع ضراوة الهجوم .. هل يحتاج الأزهر لمتحدث إعلامي؟
هل تحتاج مشيخة الأزهر إلى متحدث إعلامي؟.. سؤال طرح نفسه خلال الفترة الحالية بعد تزايد الهجوم على المؤسسة الإسلامية الأكبر في العالم، وتراجع الأداء الترويجي لدور الأزهر في نشر الفكر الإسلامي المعتدل.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن نشاط الأزهر الإعلامي لا يليق بحجمه، وأن الإدارة الإعلامية داخل هذه المؤسسة تسير ببطء في اتجاه الدفاع عن المؤسسة، ولا تستطيع استدراك الهجمات وتوجيهها، رأى آخرون أن دور الأزهر الأساسي دور دعوي وتعليمي وثقافي وليس مطلوبا منه القيام بأي أنشطة إعلامية.
وتعتبر مشيخة الأزهر المؤسسة الرسمية الوحيدة في مصر التي ليس لها متحدث إعلامي رسمي، فما يظهر في وسائل الإعلام، إما قيادات المشيخة كالدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أو محمد مهنا المشرف على رواق الأزهر، بصفتهم الشخصية، أو بعض عمداء الكليات على سبيل التطوع، مثل الدكتور عبد المنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة، أو الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بالقاهرة.
وفى السياق ذاته، انتقد قطاع كبير من الصحفيين المهتمين بملف الأزهر أداء المركز الإعلامي الحالي، مؤكدين أنه كيان هش وضعيف وليس له أي دور يذكر ، موضحين أنه رغم وجود أكثر من 17 موظفا في هذا المركز فإن من يقوم بعملية تحرير الأخبار الخاصة بالإمام الأكبر خلال لقاءاته مع المسئولين أو المؤتمرات شخص واحد فقط، ويقتصر دور المركز على نشر البيان على بوابة الأزهر الإلكترونية بعد إرساله للصحفيين فقط.
وعبر صحفيو ملف الأزهر، عن استيائهم الشديد من قيام المركز الإعلامي بإرسال دعوات لهم على البريد الإلكتروني من أجل تغطية لقاءات الإمام الأكبر بالمسئولين الأجانب داخل المشيخة، ورفض المركز دخولهم لتغطية اللقاء، وتكررت هذه المواقف أكثر من مرة كان آخرها لقاء الدكتور أحمد الطيب برئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكد الصحفيون أنهم يواجهون صعوبة فى التواصل مع مدير المركز الإعلامي الذي يرفض الرد على اتصالاتهم الهاتفية، أو رسائلهم الإلكترونية خاصة عندما يتعلق الأمر بطلب الحصول على إذن لظهور أي من قيادات الأزهر على القنوات الفضائية.
وقال مصدر بالمشيخة ـ رفض ذكر اسمه ـ إن المركز الإعلامي للأزهر قوته ضخمة على إنتاج فارغ، ومستوى الأنشطة التي يقوم بها تافه، لأنه مقتصر على البيان والتبيان. بحد وصفه.
ولفت المصدر إلى أن التقييم الوظيفي لكل فرد فيه لا يتخطى مستوى 20% ، وذكر أن مستوى الرضا الخارجي فيما يتعلق بالتعامل مع وسائل الإعلام والمجتمع ضعيف للغاية.
وأضاف أن "النظم الاتصالية في المركز لا تصلح، ونظم الأزهر الإدارية تسير كوعد بلفور (وزير خارجية بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى)".
وقال المصدر: إن المركز الإعلامي للأزهر يحتاج إلى نظام شامل واستراتيجية واقعية وأفراد أكثر كفاءة، وإدارات أكثر قدرة على تحمل مسؤولية الإعلام في الأزهر.
ولفت فى الوقت ذاته إلى أن أغلب العاملين الحاليين بالمركز تم تعيينهم بالوساطة، وذلك لأن قيادات المؤسسة يعتمدون في الانضمام لهذا المركز على سياستين، الأولى: أهل الثقة ممن يقولون سمعا وطاعة، والثانية: التزكيات من السادة أصحاب النفوذ.
في المقابل أكد الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن الهجوم الذي يتعرض له الأزهر فى وسائل الإعلام من آن لآخر لا علاقة له بوجود متحدث إعلامي لهذه المؤسسة من عدمه.
وذكر العالم لـ "مصر العربية" أن وسائل الإعلام أخذت إشارة الهجوم على الأزهر وشيخه من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تحدث فيها عن تجديد الخطاب الديني، خاصة الخطاب الذي داعب فيه شيخ الأزهر قائلا :"تعبتني معاك يا فضيلة الإمام".
وطالب صفوت العالم وسائل الإعلام، خاصة القنوات الفضائية، بالاتزان وعدم ممارسة الأداء السياسي النقدي مع الأزهر ، مضيفًا: "الأزهر مؤسسة لها مكانتها ووضعها وينبغي أن نحترمها، ولا يليق بالإعلام أن يهاجم الأزهر أو أن يتدخل في أمور مرتبطة بالفقه ومصادر التشريع".
وأكد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن الدكتور أحمد الطيب من الشخصيات الزاهدة فى المناصب غير متمسك بها، مشيرا إلى أنه يعمل بدون مقابل مادي منذ توليه مشيخة الأزهر وحتى الآن.
وافقه الرأي الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الذى شدد على أن دور الأزهر الأساسي دعوى وتعليمي وثقافي وفقهي فى المقام الأول، لافتًا إلى أن الأزهر ليس مطالبا بالقيام بأي دور إعلامي كأن يحرر الأخبار المتعلقة به على سبيل المثال.
وأشار أستاذ الإعلام إلى أن الأزهر لدية مسؤوليات كبيرة وشيخه يلعب دورا كبيرًا على المستوى العالمي والإقليمي فيما يتعلق بنشر الثقافة الإسلامية، والتواصل الحضاري مع الغرب عبر زيارات الخارجية.
وأوضح علم الدين أن ما يتعرض له الأزهر ليس هجومًا مباشرًا ، وإنما مجرد عتاب من بعض الذين لا يرون أنه يلبي طموحاتهم في مسألة تجديد الخطاب الديني.
يمثل الأزهر عدد من المنصات الإعلامية أبرزها جريدة "صوت الأزهر"، وهي مطبوع ورقي يهتم بشأن المؤسسة الأزهرية فى المقام الأول بجانب طرح بعض القضايا الاجتماعية الخفيفة، توزع هذه الجريدة على العاملين بالأزهر إجباريا، كذلك يصدر عن المشيخة مجلة الأزهر وهى مجلة علمية تناقش كبريات القضايا الفقهية والفكرية وتصدر شهريا ويتولى تحريرها والإشراف عليها مجموعة كبيرة من كبار العلماء.
ويوجد أيضًا بوابة الأزهر الإلكترونية، وهى عبارة عن موقع إلكتروني ينشر عليه كافة البيانات والأخبار المتعلقة بالمشيخة والإمام الأكبر وقطاع المعاهد ومجمع البحوث الإسلامية وتقارير مرصد الأزهر ، وتعتبر هذه البوابة السبيل الوحيد للتقديم في مسابقات التعيين بالأزهر، وإعلان نتائج الشهادات الابتدائية والإعدادية والثانوية.
ويعمل الأزهر منذ سنوات على إخراج كيان إعلامي جديد (قناة الأزهر)، ويتم تشييد مبنى ضخم لها بمنطقة مشيخة الأزهر في الدراسة، ومن المقرر أن تكون قناة عامة وليست دينية، تقدم ما يقدمه غيرها من القنوات لكن بصورة تليق بمصداقية الأزهر.