الغلاء يقلصها.. والغلابة ينتظرون
فيديو| «شنطة رمضان» في أزمة.. وقائمون على تجهيزها: «بنكلم نفسنا»
خلف باب خشبي لغرفة صغيرة بأحد المناطق النائية بالإسكندرية تجلس سيدة ثلاثينية نحيفة حاملة طفلها وتكسو وجهها علامات الحيرة بين الأمل واليأس، انتظارًا لشنطة رمضان؛ حيث اعتادت انتظارها في الوقت ذاته من كل عام، قبل شهر رمضان الكريم، إلا أنَّ الأمر اختلف هذا العام فقد طال انتظارها دون فائدة.
مشهد يتكرر في عدد من بيوت الإسكندرية، مع اختلاف عدد أفراد الأسرة واحتياجاتها، لكن يظل الانتظار هو سيد الموقف، فمع ارتفاع أسعار يواجه عدد من القائمين على تجهيز "شنطة رمضان" بالإسكندرية أزمة في توفير الكم المطلوب، فالبعض يلجأ لتخفيض السلع بإنقاص نوع أو نوعين، والبعض يلجأ لتخفيض الكم من كل سلعة من كيلو إلى نصف وهكذا.
"إحنا قاعدين بنكلم نفسنا، السنة دي جيلنا 4000 حالة زيادة".. هكذا عبَّرت ياسمين عبد الشافي أحد القائمين على تجهيز "شنطة رمضان" بالإسكندرية عما يواجهونه من أزمة مع ارتفاع الأسعار، موضحة أنهم العام الماضي وزعوا 300 "شنطة" وفوجئوا هذا العام بتضاعف عدد الأسر المحتاجة إلى هذا الحد.
تخفيض الكم من 5 كيلو إلى 2 أو كيلو واحد في كل الأنواع هو السبيل الذي لجأت له ياسمين لتوفير العدد المطلوب من"شنطة رمضان"، موضحة أن كافة السلع شهدت زيادة في الأسعار، وأكثرهم ارتفاعا كانت"الدجاج، والزيوت".
70 جنيهًا دون سعر الدجاج هي تكلفة الشنطة هذا العام بعض التخفيض حيث تحتوي على "2 كيلو مكرونة، 2 كيلو أرز، كيلو سكر، 2 علبة صلصة، علبة شاي، كيلو سمنة، زجاجة زيت، كيلو بلح"، بينما خرج قمر الدين وجوز الهند من المكونات لتضم الشنطة السلع الأساسية فقط.
ولم يختلف الأمر لدى مجموعة أخرى فضل ممثلها عدم ذكر اسمه قائلا: "ده شيء خالص لوجه الله وإحنا مجرد قائمين علة الموضوع"، موضحا أنهم مجموعة من الشباب اجتمعوا منذ 5 سنوات، كانت بدايتهم ب60 شنطة، وتزايد العدد في كل عام معلقا"كان الخير بيزيد بطريقة غير طبيعية لغاية السنة اللي فاتت" حيث تمكنوا من تجهيز 450 شنطة.
55 جنيه كانت تكلفة الشنطة العام الماضي وتحتوي على "كيلو سكر، كيلو بلح، زجاجة زيت، كيلو مكرونة، كيلو أرز، ربع كيلو زبيب، ربع كيلو جوز هند"، معلقا"السنة دي للأسف بالتفاوض وطلوع الروح التكلفة وصلت 85 للشنطة من غير الزبيب وجوز الهند".
ارتفاع التكلفة جعلهم يلجأون للاستغناء عن جوز الهند والزبيب، واصفا أسعار الياميش ب"المولعة"، مضيفا"إحنا زعلانين لأن دي الحاجة الوحيدة اللي بتفرح الأولاد الصغيرين للأسر غير القادرة"
قلة عدد المتبرعين والمشاركات ضاعف الأزمة، فيقول ممثل المجموعة"عمرنا ما حنوصل لعدد السنة اللي فاتت"، واصفا ذلك بالشيء المحزن، وأنهم يحاولون تخطي الأمر إلا أن الوضع صعب.
وأضاف أن كافة السلع شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار، معلقا"الناس فعلا تعبانة جدااا" موضحا أن بعض الأسر متوسطة الحالي أصبحوا في حاجة إلى شنطة رمضان، وأن هناك أسر تحت خط الفقر قائلا"ناس ميتة بس اسمهم أحياء".
لم تستطع مجموعة فرحة تجهيز أكثر من 100 شنطة حتى الآن، بينما وزعوا العام الماضي 180 شنطة تضم كل واحدة"2 كيلو أرز، 2 كيلو سكر، 2 كيلو مكرونة، زجاجة زيت، كيلو سمن، علبة صلصة، كيلو بلح".
الاستغناء عن الشاي والملح هي الطريقة التي لجأت لها المجموعة لتخفيض التكلفة، حيث وصلت تكلفة الشنطة هذا العام 87 جنيه، وتسعى المجموعة لإضافة نوع من البقوليات"ربع كيلو لوبيا" لإضافتها للشنطة إلا أنهم لم يحسموا أمرها حتى الآن بسبب الأسعار.
"هات كيس" مبادرة أطلقتها المجموعة العام الماضي تستهدف جمع أكبر كم من السلع دون شروط، فما عليك إلا المشاركة ب"كيس" واحد من أي سلعة طالما أنه متوفر لديك، وهو ما ساعدهم كثيرا العام الماضي، إلا أن هذا العام لم تتلق المجموعة تبرعات بالشكل الكافي.
فيما يقول طه حجازي ممثل إحدى الجمعيات الخيرية بمنطقة المندرة، أن ارتفاع الأسعار كان له أثر سلبي جدا، موضحا أنهم العام الماضي وزعوا 1500 شنطة، 750 قبل رمضان، 750 في العشر الأواخر تضم كل شنطة"كيلو سكر، زجاجة زيت، علبة سمن، كليو أرز، كيلو مكرونة"إضافة إلى الياميش من بلح، زبيب، جوز الهند.
ولفت إلى أنهم تمكنوا من تجهيز 500 شنطة فقط هذا العام، تضم كل منهم السلع الأساسية فقط إضافة إلى البلح، فيما تم الاستغناء عن الزبيب وجوز الهند، كما تم تخفيض الكميات، مؤكدصا أن هذا العام يعد الأصعب، في ظل جنون الأسعار وانخفاض الدخل، معلقاك "كم الحالات اللي عندنا يقطع القلب".