الجارديان تكشف أسرار الأمين العام الجديد للأمم المتحدة

كتب:

فى: صحافة أجنبية

08:11 02 يناير 2017

عندما استقال أنطونيو غوتيريس، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة،  من رئاسة وزراء البرتغال في منتصف ولايته الثانية عام 2002 بسبب تعثر حكومة الأقلية، فعل شيئا غير معتاد بالنسبة لرجل وصل إلى أعلى سلم السلطة.

 

غوتيريس كان يتردد بعد التنحي على أحياء فقيرة على مشارف لشبونة لإعطاء دروس رياضيات مجانية للأطفال عدة مرات أسبوعيا،  بحسب صحيفة الجارديان تعليقا على توليه منصبه الأممي رسميا خلفا لبان كي مون.

 

ريكاردو كوستا, رئيس تحرير موقع "SIC News" البرتغالي قال: "لم يسمح غوتيريس أبدا بالتصوير أو التقاط صور فوتوغرافية أثناء الدروس المجانية، كما منع الأطفال من التحدث مع أي صحفي".

 

وأخبر رئيس الوزراء المستقيل طلابه المندهشين إنه يمارس عملا شخصيا وليس من أجل الاستعراض.

 

الأمين العام الجديد الذي تسلم منصبه رسميا مع بداية العام الجديد 2017 الأحد اشتراكي مثقف ترعرع تحت حكم الديكتاتورية العسكرية وشهد ثورة 1974 التي أنهت 48 عاما من الحكم الاستبدادي في البرتغال.

 

ويعتنق غوتيريس الكاثوليكية التقدمية التي تشكل دائما عنصرا أساسيا في تشكيل سياساته الديمقراطية الاشتراكية.

 

وفي الأيام المشتعلة من الثورة البرتغالية, كان نادرا ما تجد كاثوليكيا ممارسا للشعائر في ظل حزب اشتراكي جديد كان يمتلك العديد من أعضائه خلفيات ماركسية.

 

بيد أن غوتيريس، طالب الهندسة المتألق آنذاك, الذي كان يجعل شاربه على طريقة حاكم تشيلي اليساري سلفادور ألليندي، أصبح قائدا للمعاصرة معتبرا أن مهمته تتمثل في الترويج للعدالة الاجتماعية والمساواة.

 

ومن أبرز الأشياء التي حدثت خلال رئاسته لحكومة البرتغال هو إجراء استفتاء عام 1998 على اقتراح يقضي بالتحرر من قوانين صارمة تتعلق بالإجهاض مع منح أعضاء البرلمان التابعين لحزبه الاشتراكي حق التصويت الحر.

 

واختار غوتيريس عدم الترويج لوجهة نظر معينة رغم أنه شخصيا يعارض المرونة في الإجهاض، وتم التصويت بلا بفارق ضئيل عن "نعم" لكن نسبة المشاركة كانت ضئيلة على نحو جعلت النتيجة غير ملزمة.

 

وفي استفتاء آخر عام 2007 تمت الموافقة على تخفيف قوانين الإجهاض.

 

ولد في لشبونة وقضى طفولته مع أقاربه في الريف حيث شاهد بعينه مظاهر فقر الحياة الريفية تحت الحكم الديكتاتوري، وتطوع لاحقا مع جماعات كاثوليكية طلابية في مشروعات اجتماعية بالعاصمة.

 

وفي عام 1976، تم انتخاب المهندس الشاب آنذاك عضوا للبرلمان عن الحزب الاشتراكي في أول انتخابات ديمقراطية حرة بعد الثورة.

 

وفي البرلمان، كان غوتيريس خطيبا مفوها وهي الموهبة التي مكنته من تدمير خصومه السياسيين حتى اشتهر بلقب "المعول المتحدث".

 

وأصبح غوتيريس رئيسا للوزراء عام 1995، ورفعت حملته شعار "القلب والعقل" في صرخة لتطبيق سياسات أكثر إنسانية واشتراكية.

 

وقبلها بثلاث سنوات, كان قد تولى مقاليد الحزب الاشتراكي, وطبق فيه برامج تحديث.
 

كما ترأس لسنوات المنظمة الاشتراكية الدولية التي تضم الأحزاب اليسارية.

 

ومن خلال النمو الاقتصادي السريع للبرتغال, ومعدل توظيف شبه كامل, استطاع غوتيريس توفير حد أدنى للدخل والتركيز على قضية التعليم للجميع.

 

بيد أنه فشل في الفوز بالأغلبية المطلقة وأشرف على حكومة أقلية،  وتعين عليه الاعتماد على مهاراته لتمرير القرارات والتفاوض المستمر مع جماعات المعارضة، مما اعتبره مؤخرا بمثابة تدريب نموذجي على إدارة منظمة مثل الأمم المتحدة.

 

انطونيو فيتورينو نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق وصف غوتيريس قائلا: "لقد كان شخصا ماهرا وذكيا جدا، ويتفهم سريعا وجهات النظر الأخرى، ويركز على الحلول".

 

وخلف الستار، عاش غوتيروس تراجيديا حقيقية حيث كانت زوجته الطببية النفسية لويزا جويماريس تعاني من مرض شديد خلال فترة رئاسة للحكومة وخضعت للعلاج في مستشفى بلندن.

 

وفي عام 1998, ماتت زوجته التي أنجبت له اثنين من الأبناء, وفي العام التالي دخل الانتخابات العامة لكنه خسر الأغلبية وبدأ ولاية ثانية عبر حكومة أقلية، في وقت تسبب فيه بطء النمو الاقتصادي في جعل الأمور أكثر صعوبة.

 

وتزايدت درجة إحباط غوتيريس من السياسات الداخلية لحزبه, واتجه إلى العمل الدبلوماسي الدولي.

 

وكان غوتيريس قد فاز بجائزة دولية لدوره في حلحلة أزمة  "تيمور ليشني" المستعمرة البرتغالية السابقة التي انفجر فيها العنف عام 1999 بعد استفتاء لصالح الانفصال عن إندونيسيا.

 

وقاد غوتيريس جهودا دولية لإقناع الأمم المتحدة بالتدخل لإعادة السلام.

 

وفي عام 2000, عندما تقلدت البرتغال الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حققت المنظمة نجاحا بفضل قدرة غوتيريس على إقناع كبار القادة بالموافقة على قرارات هامة والاستماع للقادة الأقل حجما.

 

ومكث غوتيريس 10 أعوام كاملة في منصب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين خلال الفترة من 2005 -2015 في وظيفة رآها الكثيرون ملائمة لشخصيته.

 

ويتحدث الأمين العام الجديد البرتغالية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية ومتزوج حاليا من كاتارينا فاز بينتو.

 

رابط النص الأصلي

 

 

اعلان