السيسي وحماس.. أعداء الأمس أصدقاء اليوم
وصل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والوفد المرافق له الاثنين 23 يناير 2017 للقاهرة، على متن طائرة قطرية قادمة من الدوحة، في زيارة تستغرق عدة أيام يلتقي خلالها عددا من المسئولين المصريين لبحث الملف الفلسطيني والأضاع بقطاع غزة.
تطرح هذه الزيارة أسئلة كبيرة، تتعلق معظمها بموقف مصر من الحركة التي يتهمها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتورط في تنفيذ عمليات "إرهابية" ضد القوات المصرية لاسيما في سيناء بالتنسيق مع تنظيم" ولاية سيناء" التابع لـ"داعش"، وكذلك بالتجسس على مصر، وتهريب المساجين من سجن وادي النطرون إبان ثورة 25 يناير في مصر، وهما قضيتان يحاكم فيهما الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وتعرفان إعلاميا بـ"التخابر مع حماس" و"الهروب الكبير".
ما الذي دفع نظام السيسي إذن وبشكل مفاجيء لطي صفحة الماضي مع هذا "العدو" الذي كثيرا ما صوره الإعلام الرسمي والخاص الموالي له في القاهرة على أنه "الشيطان الأوحد" الأكثر خطورة من إسرائيل نفسها؟.
يقول "آفي يسسخروف" محلل الشئون العربية بموقع "walla” العبري :” "كثيراً ما وجد المسؤولون الإسرائيليون وكذلك الصحافيون أنفسهم يجلسون مندهشين أمام موجة السباب والشتائم التي تنطلق من أفواه مسؤولين مصريين عندما يُطلب منهم إبداء رأيهم في حماس، لدرجة أن لواء إسرائيلي سابق في قيادة الجنوب اضطر ذات مرة إلى تهدئة أحد نظرائه المصريين لدى إطلاقه توصيفات متنوّعة على قادة التنظيم الذي يسيطر على قطاع غزة، وقد تضمنت العديد من الإشارات إلى أمهات هؤلاء القادة. احتقر المصريون حماس ولم يخفوا ذلك، بالطبع بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في مصر صيف 2013".
ويشير "يسسخروف" إلى أن " مصر عدوة الإخوان المسلمين (التنظيم الأم لحماس) قررت تغيير موقفها وسلوكها تجاه حماس. الاتجاه الجديد في علاقة مصر وحماس ليس ناجماً على ما يبدو عن حب مفاجئ تجاه التنظيم. ربما أكثر لأسباب تتعلق بكراهية داعش".
ويلفت الإسرائيلي "يوني بن مناحيم" في تحليل نشره "مركز القدس للشئون العامة والسياسية" بتاريخ 22 يناير 2017 تحت عنوان" شهر العسل الجديد بين مصر وحماس"إلى أنه :”في نهاية الأسبوع الماضي نشرت الصحف المصرية تفاصيل جديدة عن العلاقة بين تنظيم "حسم" الإرهابي التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وبين الجناح العسكري لحماس. لكن مع ذلك تواصل مصر التقارب مع حركة حماس بقطاع غزة".
"الصفقة"
ويضيف :”يتضح الآن أن التقارب المصري لحماس ليس ناجما فقط عن حقيقة التوتر الكبير في العلاقات بين مصر والسلطة الفلسطينية، في أعقاب رفض محمود عباس مطلبا مصريا بالتصالح مع محمد دحلان، بل يدور الحديث عن صفقة أمنية بين مصر وحماس وإذا ما استجابت الأخيرة للشروط المصرية، يتوقع حدوث تحسن جوهري في الموقف المصري من قطاع غزة".
“بن مناحيم" يجمل هذه الشروط في تسليم حماس للقاهرة نحو 20 مطلوبا يختبئون بقطاع غزة ومشتبه في تورطهم في عمليات داعش الإرهابية داخل مصر. لافتا إلى أن المصريين سبق ورفضوا اقتراح حماس بطرد ثلاثة من المطلوبين خارج القطاع ويصرون على تسليم جميع المطلوبين.
ويتعلق الشرط الثاني بحماية حدود قطاع غزة مع مصر. إذ تطلب مصر أن تعمل القوات التي نشرتها حماس على طول الحدود معها بشكل فاعل يعمل على "خنق تنظيم داعش بشمال سيناء".
وفي وقت تطلب القاهرة من حماس وقف عمليات تهريب السلاح من قطاع غزة لسيناء كشرط ثالث، يدور الشرط الرابع حول تعاون أمني بين مصر وحماس. وبحسب "بن مناحيم"، تطلب الاستخبارات المصرية من الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 تزويدها بالمعلومات حول العناصر الإرهابية التي تتحرك في الأنفاق بين سيناء والقطاع، وحول كميات الأسلحة التي يتم نقلها في الأنفاق، والتي تعتبرها القاهرة سببا في تزايد قوة الإرهاب بسيناء.
في المقابل، يؤكد المحلل الإسرائيلي أن حماس قررت في النهاية أن مصلحتها العليا تقتضي تحسين علاقتها مع مصر، مستغلة توتر العلاقات بين القاهرة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمر الذي من شأنه تخفيف الحصار على القطاع وتعزيز حكمها.
وشهد قطاع غزة مؤخرا اعتقال أجهزة الأمن التابعة لحماس عشرات عناصر "السلفية الجهادية" المعروفة بقربها الأيدولوجي من تنظيم داعش، ما دفع أبو هاجر الهاشمي، أحد زعماء التنظيم بسيناء، إلى وصف عناصر حماس بـ"الكفرة"، مصدرا تعليماته للمهربين بالتوقف الفوري عن إدخال البضائع من سيناء إلى عزة، وخاصة تلك التي تساعد حماس في صناعاتها العسكرية.
يشار إلى أن ملامح تحسن العلاقات بين القاهرة وحماس انعكس مؤخرا على فتح معبر رفح لفترات طويلة وبشكل غير مسبوق منذ صيف 2013، فضلا عن إدخال عشرات الأطنان من مواد البناء.
وبحسب تقارير إسرائيلية تدرس مصر استغلال قطاع غزة اقتصاديا، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها هناك لمنافسة المنتجات الإسرائيلية، وكذلك إنشاء منطقة تجارة حرة في رفح المصرية لخدمة القطاع.
موقع "نتسيف نت" الإسرائيلي كتب "لا يبدو أن شيئا قد يوقف الركض الاقتصادي المصري تجاه قطاع غزة"، معتبرا أن مصر التي تعاني أزمة اقتصادية حادة تتجه لفتح أسواق جديدة لمنتجاتها في قطاع غزة، بدلا من المنتجات الإسرائيلية التي يعتمد عليها سكان القطاع المحاصر.
ويطرح الإسرائيلي "بن مناحيم" فرضية أخرى هي خشية حركة حماس من العلاقة "الوطيدة" بين الرئيس السيسي والرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، والسياسات الأمريكية الجديدة في الحرب على الإرهاب، وتبعات الإعلان الأمريكي المتوقع عن جماعة "الإخوان المسلمين" كتنظيم إرهابي.