صحفي إسرائيلي يكشف تفاصيل مثيرة للقاء هنية بمسئولي المخابرات المصرية
كشف الصحفي الإسرائيلي "شلومي إلدار" المتخصص في الشئون الفلسطينية في مقال نشره موقع "المونيتور" الأمريكي في نسخته العبرية (إسرائيل بولس) تفاصيل مثيرة للقاءات القيادي بحركة حماس إسماعيل هنية fمسئولي المخابرات العامة المصرية في القاهرة.
وخلص الكاتب إلى أن حركة حماس في وضع لا تحسد عليه، إزاء الشروط التي وضعها المصريون لتحسين العلاقات، وعلى رأسها تسليم مطلوبين أمنيين للقاهرة، وهو ما سينظر إليه في الحركة على أنه خيانة لا تغتفر، لافتا إلى أن مصر رفضت اقتراح حماس، بالسماح للمحققين المصريين بالتحقيق مع هؤلاء المطلوبين داخل قطاع غزة، بدلا من تسليمهم.
واعتبر أن من ضمن الشروط، اتخاذ حماس خطوات تعكس عدم جديتها في التصعيد ضد إسرائيل والدخول في مواجهة جديدة، والتركيز بدلا من ذلك على النشاطات الاجتماعية، مقابل تخفيف كبير للحصار يسمح للحركة بتعزيز سيطرتها على القطاع.
إلى نص المقال..
عاد إسماعيل هنية إلى الوطن، غزة، بعد إقامته لأربعة شهور ونصف في قطر. وكما ذكرنا هنا الأسبوع الماضي (24 يناير)، قرر هنية العودة لقطر رغم أنه لم تنته بعد إجراءات تعيينه زعيما لحماس بدلا من خالد مشعل، في إطار عملية انتخاب مجلس الشورى- الهيئة العليا للتنظيم.
استقبل سكان مخيم الشاطيء في غزة هنية بحماسة شديدة يوم الجمعة (27 يناير)، وتوقعوا أن يسمعوا منه أخبارا إيجابية حول منظومة العلاقات بين حماس ومصر بعد سلسلة لقاءات أجراها مع قادة المخابرات المصرية في القاهرة. لكن هنية لم يقل شيئا. في الأيام القريبة عليه أن يتخذ أحد أصعب القرارات في حياته:”هل يوافق على الشروط التي طرحها المصريون لتخفيف الحصار بشكل كبير، أم يتمسك بمواقفه ويواصل مواجهة الأوضاع الصعبة في القطاع".
ليس هناك اليوم زعيم واحد بحماس يعتقد أن بإمكان الحركة الاستمرار في السيطرة لوقت طويل على أكثر من 1.8 مليون مواطن في قطاع غزة دون رفع الحصار أو على الأrل تخفيفه بشكل كبير. هذا الاعتراف سمح لرئيس المخابرات العامة المصرية خالد فوزي fأن يطلب من هنية بشكل واضح غير قابل للبس: عليكم تسليم مصر كل مطلوب تريده، سواء أكان متورطا بشكل مباشر في اعتداءات بسيناء أو ساعد العناصر الجهادية.
في لقاءات القاهرة شارك أيضا المسئولان بحركة حماس موسى أبو مرزوق وروحي مشتهى، اللذان تفاجئا من الطلب المصري. يتوقع تماما أن تحكم القاهرة بالإعدام على هؤلاء المطلوبين. لذلك فإن تسليمهم لمصر هو طلب من المشكوك فيه إن كان قادة حماس مستعدين لتنفيذه. تسليم مطلوبين للسجن في دولة أخرى، سواء كانوا نشطاء بحماس أو منتمين لتنظيمات أخرى، يمكن أن ينظر إليه في الحركة كاستسلام، وخيانة لا تغتفر.
قال مصدر فلسطيني بالسلطة الفلسطينية على إطلاع بمضمون المحادثات بالقاهرة للمونيتور إن زعماء حماس طالبوا بإجراء مفاوضات للتوصل إلى حل وسط حول صيغة الطلب، لكن المصريين لم يكونوا مستعدين لذلك.
بعد مشاورات مع القيادي بالحركة الدكتور محمود الزهار طرح إسماعيل هنية اقتراحا يقضي بأن تسمح حماس لمحققي المخابرات المصرية بالتحقيق مع المشتبه فيهم داخل قطاع غزة، بدلا من تسليمهم. ولا يتضح من هذا الاقتراح ماذا يمكن أن يحدث بعد التحقيق: إذا ما اتضح أن هناك دلائل على تورط مشتبه به في هجمات على جنود مصريين- هل ستسمح حماس بتسليمه أم ستطالب بمحاكمته في غزة؟ على كل حال، رفض المصريون الاقتراح. قال قادة المخابرات المصرية لهنية ومرافقيه: تستجيبوا لمطالبنا وتحصلوا على تسهيلات وفتح صفحة جديدة في العلاقات، أو تحكمون بالإعدام على حركة حماس.
كما ذكرنا، لم يتحدث هنية في المسألة لدى عودته للقطاع، لكن الزهار تحدث لوكالة الأنباء المصرية "منا" وحاول التقليل من الخلافات الهائلة التي تحول دون فتح صفحة جديدة بين الطرفين، كما تمنوا في حماس". “حدث تحسن في العلاقات مع مصر"، زعم الزهار، وأضاف "لكن لا تزال هناك مسائل لم يتم الاتفاق عليها ويجب حلها".
منح مسئولو المخابرات المصرية هنية حافزا يمكن أن يساعده في اتخاذ قرار إيجابي وإقناع من يجب إقناعهم في غزة بجدية نواياهم. وعد خالد فوزي، باسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن تنفذ القاهرة بشكل فوري سلسلة من التسهيلات في معبر رفح- فتح المعبر لساعات أطول وزيادة حصة تأشيرات العبور من غزة إلى مصر. وسوف تستمر التسهيلات لعدة أسابيع، على أمل أن يعود هنية برد إيجابي. إذا لم ينجح في الحصول على موافقة على الطلب المصري، سوف يضطر لأن يواجه بنفسه، كزعيم مرتقب للتنظيم، العواقب الوخيمة للقرار.
وبشكل مواز للطلب الرئيسي لمصر من حماس، توصل الجانبان في القاهرة لعدد من الاتفاقات (الأخرى). تعهد وفد حماس بتكثيف الدوريات على طول الحدود مع مصر لمنع تسلل المسلحين داخل أراضيها، والسماح للقوات المصرية بتعقب المشتبه فيهم وإجراء عمليات تفتيش داخل أراضي القطاع خلال النشاطات العملياتية.
المدهش أكثر، أن المصريين طالبوا حماس في تلك المحادثات بالحفاظ على الهدوء على الحدود مع إسرائيل. فتدهور الوضع الأمني أو اندلاع مواجهة عنيفة مع إسرائيل، يمكن أن يزعزع المنطقة بأسرها، لذلك طُلب من قادة حماس اتخاذ سلسلة من الخطوات كي تثبت أن الحركة لا تركز بشكل كبير على الاستعداد للمواجهة، وتركز أكثر على النشاطات الاجتماعية وتحسين معيشة السكان في القطاع.
تنتهج مصر مع حماس أسلوب العصا والجزرة. فكلما أثبتت الحركة أنها تصوب وجهها نحو نشاطات لصالح السكان في قطاع غزة، وتوافق على مطالب القاهرة الأمنية، سوف تحصل على مزيد من التخفيف من الحصار وتستطيع ترسيخ حكمها.