بأمر ترامب.. مقتل الطفلة نوار العولقي
غارة أمريكية تستهدف القاعدة فى اليمن تحصد أرواح 14 شخصا بينهم الطفلة الأمريكية يمنية الأصل نوار العولقي البالغة من العمر ثمان سنوات بحسب تقرير لصحيفة الجارديان
وقالت الصحيفة: "حصدت غارة أمريكية على اليمن فى عملية للاستخبارات الأمريكية صدّق عليها الرئيس دونالد ترامب أرواح 14 شخصا بينهم طفلة ذات ثمانى سنوات، وأحد أفراد الكوماندوز الأمريكيين.
ونقلت الجارديان عن مسؤولين بالجيش الأمريكي قولهم إن الغارة المذكورة التي جاءت بتصديق من ترامب، قوات الكوماندوز خلفت قتيلا من الجيش الامريكي كما رجّحوا مقتل فتاة أمريكية تبلغ من العمر 8 سنوات.
غارات الأحد الماضي والتى نفذتها قيادة العمليات الخاصة والتى أردت زهاء 14 شخص قتيلا تخضع لتحقيق أولى لاستبيان ما إذا كانت مزاعم وجود قتلى فى صفوف المدنيين ذات مصداقية كافية بما يستدعى إجراء تحقيق كامل فى الأمر
من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية الأمريكية جون توماس إن العملية استهدفت جمع معلومات بشأن تخطيط تنظيم القاعدة فى اليمن لتنفيذ هجمات فى شبه الجزيرة العربية مؤكدا أن التخطيط لتنفيذ العملية الاستخباراتية بدأ منذ شهور برعاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بيد أنه أوباما رفض التصديق عليها.
وقال توماس إنه لا يعلم لماذا أحجمت الإدارة الأمريكية السابقة عن إعطاء الإذن بتنفيذ العملية غير ان إدارة أوباما مارست فعليا حق النقض الجيبي والذى يتضمن الإحجام عن التصديق على مشروع قانون حتى فوات الأوان على التعامل معه تشريعيا.
مسؤول سابق قال إن العملية خضعت لعدة مراجعات بيد أن المعلومات الاستخباراتية التى تم جمعها لم تخضع لتقييم واف بما يسوّغ المخاطر المتضمنة فى العملية فى الوقت الذي تُركت فيه لإدارة الرئيس ترامب لحين الفصل فى القضية.
وأسفرت الغارة الجوية الأمريكية عن مقتل ابنة المسؤول الإعلامى لتنظيم القاعدة أنور العولقي والذى لقي حتفه فى غارة جوية أمريكية بدون طيار فى اليمن فى سبتمبر 2011 كما لقى نجل العولقى وهو صبي يبلغ من العمر 16 عاما مصرعه فى غارة جوية أمريكية بدون طيار فى وقت لاحق.
جدير بالذكر أن ترامب إبان حملته الانتخابية قد أجاز تصفية أقارب المشتبه فى صلتهم بالتنظيمات الإرهابية وهو إجراء يرقى لجرائم الحرب وصرّح متحدثا إلى فوكس نيوز فى ديسمبر 2015 أن فى حال نجاحنا فى النيل من الإرهابيين يمكننا ايضا النيل من عائلاتهم.
المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية الأمريكية نفى بشدة علم القوات الامريكية بتواجد الفتاة فى الموقع الذي استهدفته الغارة الجوية قبيل شن العملية او ما إذا كان ال14 شخصا الذين لقوا حتفهم من المدنيين مؤكدا سقوط ضحايا من المدنيين
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت القوات الخاصة قد تعرفت على جثة الفتاة ضحية العملية قال توماس " لا نعرف عن الأمر شيئا "
كما أبرزت الجارديان تصريحات جد الطفلة ناصر العولقى أثناء مقابلة مع الصحيفة والتى أفصح خلالها انه لا يعتقد نية الأمريكيين استهداف حفيدته والتى كانت فى منزلها مع والدتها وأصيبت بطلق نارى فى الرقبة ولفظت أنفاسها بعد ساعتين من الإصابة كما صرّح جد الطفلة فى محادثة هاتفية إنه لا يعتقد أن الحادث متعمداً
العولقى وهو وزير سابق قال إن القرية التى كانت تقيم فيها حفيدته لم تكن معقلا لتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية وإنما كانت موطنا لأعمامها وشيوخ القبائل الذين خاضوا القتال لأجل إرساء أركان الحكومة الشرعية فى اليمن والتى اطاح بها فى انقلاب حركة الحوثيين المدعومة من إيران
وقال العولقي إن الحكومة السابقة الموجودة فى المنفى والتى تتخذ من عدن معقلاً جنوبيا ً لها حاليا كانت ترسل الاسلحة لاقاربه لقتال الحوثيين
كما أضاف " ربما افترض الامريكيون احتمالية وصول الاسلحة لتنظيم القاعدة وهو ما ارادوا منعه من خلال العملية العسكرية الاخيرة ولكن ما يتعذر فهمه القيام بضربة عسكرية ضخمة نفذتها القوات الخاصة على غرار عملية تصفية زعيم تنظيم القاعدة الاسبق اسامة بن لادن.
المسؤول الصحفي للبيت الأبيض سين سبايسر من جانبه ذكر أنه لن يتم استهداف أي مواطن امريكي فى العمليات الخاصة بمكافحة الإرهاب ولم يتضح ما إذا كان سبايسر يعلن عن توجه سياسي جديد أم انه يتحدث بصفة مستقلة.
وقد عانى الهجوم الذي وقع قبل الفجر من مشكلات منذ البداية حيث أن انحراف الدوران فى المركبة MV-22 والتى كانت تقلّ قوات الكوماندوز قد شهدت هبوطا اضطرارياً بالقرب من الموقع المستهدف ولهذا كان لا بد من تدميرها وقد لفظ ضابط حديث السن يدعى ويليام ريان أوينز أنفاسه جراء الغارة كما أصيب ثلاثة آخرين من القوات البحرية.
من جانبه قال وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس فى بيان الاثنين أن أوينز ارتقى لأسمى المراتب فى الخدمة العسكرية الامريكية
وقال توماس إن مهمة قيادة العمليات الخاصة المشتركة كانت لتحصيل معلومات بخصوص تنظيم القاعدة فى اليمن من الموقع المستهدف وليس لتعقب الإرهابيين المشتبه بهم موضحا ان العملية لا تستهدف قتل اياً من المدنيين مؤكدا على كفاءة الطيران الامريكي فى تنفيذ تلك المهام
وعادة فإن التحقيقات الاولية اللازمة لبناء إدعاءات ذات مصداقية بما يكفى لاتهام الولايات المتحدة بالتسبب فى سقوط ضحايا من المدنيين يستغرق قرابة الأسبوعين وفى ضوء عدم الوجود الفعلى للأمريكان على ارض اليمن فإنه سيتوجب على المحققين العسكريين استخدام الصور الجوية ووسائل أخرى لتحديد ما إذا كان الحادث يستحق إجراء تحقيق رسمي.
وكان ترامب قد طلب من ماتيس وغيره من المهندسيين العسكريين تزويده بخيارات من شأنها المساعدة فى شن حملة مركزة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وما اسماه ترامب " الإرهاب الإسلامى الراديكالى "
وقد خيّم القلق لوقت طويل على اجهزة الاستخبارات الامريكية والغربية إزاء الوضع فى اليمن والتى تعد تمركزا لتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية وهو أحد التنظيمات المبتدعة الموالية لتنظيم القاعدة، ناهيك عن تنظيم داعش.
على صعيد متصل فإن القيادة الوسطى الأمريكية وغيرها تدرس مقترحا لإعلان اليمن ساحة قتال رسمية للقوات الأمريكية غلى جانب سوريا والعراق وافغانستان ومن شأن تلك الخطوة ان تسمع بسرعة اتخاذ القرارات كما أنه ستمنح سلطات موسعة وكذا وتيرة مكثفة للعمليات العسكرية وليس مجرد شن غارات لمرة واحدة أو هجمات باستخدام طائرات بدون طيار.
فى عام 2015 و2016 قام مسؤولون فى البنتاجون بدق ناقوس الخطر محذرين البيت الابيض وحلفاءه الإقليميين مثل الإمارات العربية والمتحدة والسعودية العربية من أن الحرب السعودية الوحشية المدعومة من الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثيين الحاكمة والمدعومة من قبل النظام الإيرانى وكذلك الكارثة الإنسانية والتى خلفتها تلك الحرب الشرسة تعد بمثابة تشتتا عن الانتباه للتهديدات الحقيقية المتمثلة فى تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية.
وتعتبر القاعدة فى الجزيرة العربية واحدا من التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة بتاريخ حافل من محاولات شن هجمات داخل الولايات المتحدة وضد أهداف فى الغرب ايضا مستغلة مهاراتها فى صنع القنابل والتى مثّلت لوقت طويل مصدرا للقلق للمسئولين الأمنيين الأمريكيين
وتشير الجارديان لاستغلال التنظيم فى السنوات الأخيرة لحالة الفوضى والصراع التى شهدتها اليمن ليتطور التنظيم إلى لاعب محلى قوى قادر على الإستيلاء على مساحات شاسعة من الارض وكذلك على مقدرات الدولة ومصادر الدخل وأيضا القيام بتجنيد مقاتلين فى صفوف التنظيم
ووفقا لمسؤول سابق بوزارة الدفاع فقد بدت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مترددة حيال السماح بشن هجمات تنفذها القوات الخاصة ضد أهداف تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب فى السنوات الأخيرة رغم أنه سبق وأن أجاز شن هجمات لطائرات بدون طيار ضد أهداف للتنظيم
ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب – وفقا للصحيفة – لن تتوانى عن تنفيذ هجمات ضد التنظيم فقد كشفت القيادة العسكرية المركزية النقاب الأحد الماضي عن الغارة الجوية التى نفذتها وهو ما يؤشر على أن العملية تعد واحدة فى سلسلة هجمات عدوانية ضد مهندسي الإرهاب فى اليمن والعالم بأسره
فى وقت سابق من هذا الاسبوع زعم مسئول فى البنتاجون أن النساء التى لاقت حتفهنّ فى العملية ربما كانوا من المقاتلات فى صفوف التنظيم مشيراً إلى احتمالية فرارهم إلى مواقع محددة سلفاً كما لو كانوا تلقين تدريبات على التصرف حال هذه التطورات
وتقول الصحيفة رغم أن القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية قد كثّفا من تجنيد الإناث لشن تفجيرات بعبوات ناسفة فى شمال إفريقيا وأوروبا فى الاشهر الأخيرة إلا أنه هناك القليل من الأدلة التى تشير الى قيام هذه التنظيمات بتجهيز النساء للقيام بأدوار قتالية تقليدية فى معاقل التنظيم فى الشرق الأوسط.
وقال ناصر العوالقى أن النساء قد فتحن النار بالفعل على الأمريكيين ليس لكونهم جزءا من تنظيم القاعدة ولكن لأن الغارات والتى شنت قبيل الفجر قد أخافتهم مضيفاً أنه بمجرد هبوط وحدة الكوماندوز الأمريكية بدأ كل شخص فى القرية التجهيز لردّة فعل بما فيهم من النساء.
واختتم قائلا: "السياسات التي ينتهجها ترامب تدفع بالأمور نحو عنق الزجاجة سواء داخل الولايات المتحدة أو فى أى مكان بالعالم ورسالتى إليه أن هناك الكثير من الاستراتيجيات لحل الأزمات ليس من بينها قتل الابرياء فى اليمن أو حظر دخول المسلمين للولايات المتحدة".