فورين أفيرز: هجمات الكنائس كشفت حدود السيسي كـ «حليف» لواشنطن

كتب: جبريل محمد

فى: صحافة أجنبية

17:27 16 أبريل 2017

"السيسي ليس شريكا للولايات المتحدة".. تحت هذا العنوان نشرت مجلة "فورين أفيرز" اﻷمريكية مقالاً للكاتب مئير والترز حيث تناول تداعيات العلاقات الدافئة بين السيسي والرئيس اﻷمريكي دونالد ترامب

 

وفيما يلي نص المقال

 

يوم 9  أبريل هاجم انتحاريون كنائس في مدينتي طنطا والإسكندرية في مصر، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصًا، وبما أن الهجوم كان مدمرًا، فإنه لا ينبغي أن يكون مفاجأة.

وكانت الدولة الإسلامية المعروفة إعلاميا بداعش- والتي أعلنت مسؤوليتها- تعهدت في السابق بزيادة هجماتها على المسيحيين، وعلى مدى السنوات الماضية، تزايدت الهجمات على الكنائس وقوات الأمن والسياح.

 

وتأتي تفجيرات اﻷحد بعد أيام قليلة من عودة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من زيارته الأولى للبيت الأبيض وبعد ضجة انتصاره من وسائل الإعلام المصرية.

 

الرئيس السيسي حاول تبرير حكمه القاسي من خلال تقديم نفسه كالرجل القوي القادر على تحقيق الاستقرار والازدهار إلى مصر في أعقاب اضطرابات الربيع العربي، لكن هجمات "يوم السعف" تكشف مدى كذب هذه الوعود، وكذلك حدود السيسي كحليف للولايات المتحدة.

 

وبصرف النظر عن الأسئلة المتعلقة باحتضان القائد الأكثر قمعًا في تاريخ مصر الحديث، فإن السيسي ليس المنقذ القوي الذي يقدم نفسه.

 

السيسي نفسه سبب استقطاب كبير في بلاده ويعتمد على القمع الشديد والأوهام حول المعجزات الاقتصادية للبقاء في السلطة.

 

وفي الوقت نفسه، يستخدم شبح الإرهاب كذريعة لتهميش المعارضة والنقاد المحتملين للنظام العسكري الذي يقوده، ورغم أن السيسي قد يتعاون مع الغرب للحفاظ على الوضع الراهن على المدى القصير، فإنه ليس شريكا موثوقا به لتحقيق الاستقرار في مصر أو المنطقة.

 

في مصر السيسي قدم نفسه على أنه جمال عبد الناصر الجديد، السياسي القوي الذي يمكن أن يعيد الفخر الوطني وتحقيق الأمن والازدهار الاقتصادي لمصر.

 

وفي محاولة لتعزيز زيارة السيسي الأولى للبيت الأبيض، قدّمت وسائل الإعلام المصرية الموالية للحكومة كائنًا بديلا احتفلت به وسائل الإعلام الغربية، حيث أشادت صحيفة "الأهرام" المصرية بالتصوير المزعوم لوسائل الإعلام الأمريكية لزيارة السيسي للبيت الأبيض كاجتماع بين "الأرواح الطيبة".

 

وقالت صحيفة "الشروق" أن السيسي حصل على كل ما كان ينتظره خلال السنوات الأربع الماضية في ست دقائق فقط في البيت الأبيض، والتي من بينها تجديد الالتزام بالمساعدات العسكرية، والاقتصادية الأمريكية والإعلان العلني عن الثقة المطلقة في السيسي كزعيم وشريك.

 

في الواقع، انتقدت وكالات الأنباء الأمريكية بشدة زيارة السيسي إلى البيت الأبيض، الذي كان يبيح قمعه للمنشقين وقمع وسائل الإعلام.

 

واستمر هذا الانتقاد لاحتضان إدارة دونالد ترامب للسيسي في أعقاب تفجيرات الأحد، وهكذا يبقى من الواضح أن الحكومة المصرية ستستفيد بشكل ملموس من العلاقات الأكثر دفئا مع إدارة ترامب، وبعد التفجيرات التي وقعت الأحد الماضي، أعلن السيسي حالة طوارئ مدتها ثلاثة أشهر وحظرت وسائل الإعلام التي حملت الحكومة المصرية مسؤولية عدم بذل المزيد من الجهد لمنع الهجمات.

 

في السابق، كانت وسائل الإعلام المصرية مليئة بنظريات المؤامرة حول علاقات إدارة أوباما الغامضة مع جماعة الإخوان المسلمين، حتى مع سعي الحكومة المصرية لضمان استمرار تدفق المساعدات الأمريكية.

 

أما الآن، فإنّ الاحتفال بالزيارة التي قام بها السيسي إلى البيت الأبيض لا يزال الطريق الذي يضع الحكومة المصرية تحت سيطرة علاقتها مع الولايات المتحدة. (وذهبت بعض وسائل الإعلام المصرية إلى الزعم أن ترامب فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بسبب تأييد السيسي).

 

خطاب الحكومة المصرية يكشف عن ضعفها وليس قوتها، خاصة في ظل المآسي مثل تفجيرات الأحد، لا يمكن الحفاظ على "عبادة" السيسي إلا من خلال الأوهام التي ترعاها الحكومة والأكاذيب الصريحة التي تعتمد على القمع الوحشي للأصوات المنشقة.

 

وفي الخارج، قدم السيسي نفسه نموذجًا للزعيم العربي الصديق للغرب، "منارة للإسلام المعتدل"، الذي يستطيع محاربة التطرف في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

 

وتحت حكمه، قامت الحكومة المصرية بتوظيف جماعات ضغط من طراز "كيه ستريت" لتسويق مصر، والحفاظ على تدفق المساعدات الخارجية بعد انقلاب 2013.

 

وكانت زيارة السيسي للبيت الأبيض تتويجًا للجهود الرامية إلى إعادة تركيز العلاقة الأمريكية المصرية على التعاون في مكافحة الإرهاب وبعيدًا عن النقد على حقوق الإنسان، وعقب تفجيرات الاحد، أكد البيت الأبيض ثقته بالسيسي كزعيم يمكنه التعامل مع الأزمات الأمنية.

 

وإذا وصفت واشنطن جماعة الإخوان المسلمين بأنها "منظمة إرهابية" فإن السيسي سيكون له حرية في القمع بالداخل، وربما يحظى بتعاون أمريكي متزايد.

 

ومع ذلك، قال العديد من خبراء الشرق الأوسط، بمن فيهم منتقدو الإخوان، إن مثل هذا التوصيف سيكون غير حكيم لأن جماعة الإخوان المسلمين منظمة بشكل فضفاض تشمل العديد من الجماعات في جميع أنحاء العالم.

 

ومع ذلك، فإن عرض السيسي لنفسه كنموذج للإسلام المعتدل يخفي مدى الانقسام في مصر، ووفقا لبيو، كان المصريون منقسمين على السيسي قبل الانتخابات الرئاسية عام 2014.

 

ومنذ ذلك الحين، السيسي ببساطة سجن أو أسكت منتقديه، السيسي يستخدم ما تبقى من وسائل الإعلام المصرية لتقديم نفسه كحصن ضد فوضى ليبيا وسوريا، ويدعم رجالًا إقليميين آخرين قادرين على السيطرة على الجيوش الوطنية مثل بشار الأسد في سوريا، وخليفة حفتر في ليبيا.

 

ورغم أن السيسي يقدم نفسه كحارس ضد تهديد الإرهاب والفوضى، فإنّ أساليبه القمعية أدّت إلى تفاقم المشكلة، مثل تفجيرات الكنائس الأحد الماضي، لم يحل السيسي أزمة الأمن الداخلي في مصر.

 

منذ البداية، السيسي سيطر على اﻷمور فقط بالقمع، مجال الإعلام المصري يخرج الأصوات المعارضة، خاصة أولئك الذين يتحدثون عن أن القاهرة تفضل إما التطرف على غرار داعش، أو ديكتاتورية الجيش.

 

والواقع أن محاولة السيسي تسمية خصومه على أنهم إرهابيون أو محرضون يبحثون عن تدمير مصر قد تكون نبوءة تتحقق لأن المعارضة محظورة.

 

وفي الوقت نفسه، وعود السيسي اﻷخرى تستند في كثير من الأحيان إلى حلول غير واقعية أو حتى سحرية، ومنذ عام 2013، وعدت الحكومة بعلاج الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، وبمشاريع ضخمة مشكوك فيها اقتصاديا مثل توسعة قناة السويس،

 

على خلفية الصعوبات الاقتصادية الشديدة والتدابير التقشفية، دعا السيسي مرارا المصريين العاديين إلى تحمل العبء شخصيًا كجزء من واجباتهم الوطنية.

 

مخاطر الشراكة

 

في الغرب، من المرجح أن يؤدي تبني السيسي إلى نتائج عكسية على الجبهات الأمنية والاقتصادية، ويعني تأييد السيسي دعم طرف في صراع سياسي محلي يتطلب تسوية سياسية، وسوف يستخدم السيسي الشرعية الدولية لمواصلة قمع خصومه السياسيين باسم الأمن القومي وترسيخ دور الجيش في الاقتصاد.

 

ويعتبر السيسي شخصية استقطابية كبيرة دون مصداقية للتوسط في الحلول السياسية اللازمة للحد من التطرف أو حل المشاكل الاقتصادية العميقة في مصر بما في ذلك العمل مع المعارضين السياسيين أو غيرها .

 

لقد وضع السيسي مصر على الطريق المعاكس، وقد تكون الولايات المتحدة عالقة مع السيسي في الوقت الراهن، بل وربما تشارك بعض المصالح القصيرة الأجل مع حكومته.

 

ومع ذلك، فإن دعم الدكتاتوريين المعتمدين على المعونة ليس وصفة للاستقرار والازدهار على المدى الطويل.

 

الرابط اﻷصلي

اعلان