لا تفتح فمك
فى هوجة التعديل الوزارى وحركة المحافظين، صدرت توصيات بإسقاط عضويات بعض النواب، منهم محمد أنور السادات.. وربما كان السبب فى تأجيل موقفنا من الأمر هو الانتظار حتى الانتهاء من التعديل، وثانياً أنها مازالت توصية، وليست قراراً من مجلس النواب، كما حدث مع النائب توفيق عكاشة.. وحكاية إسقاط العضويات كارثة من الكوارث، خاصة إذا تعلّقت بمواقف سياسية أو آراء مخالفة للنواب!.
كنت أتصور أنهم تعلموا من واقعة توفيق عكاشة، وكنت أتصور أن المجلس أدرك أنه تسرع، وأن إسقاط العضوية من المحرمات النيابية، التى لا ينبغى الاقتراب منها، إلا إذا تعلقت الحكاية بخيانة للوطن أو نحو ذلك.. أما أن يكون إسقاط العضوية سيفاً على رقبة كل من يفتح فمه بكلمة أو بنقد فهذا هو الطامة الكبرى، ويخالف الأعراف النيابية، فالحصانة أصلاً لحماية «رأى النائب» مهما كان تحت القبة!.
فمن غير المعقول أن نفعل ذلك مع النائب السادات.. ومن غير المقبول أن يتم تصدير هذا عن برلمان ثورة.. يضيق صدره بموقف هنا أو هناك.. ولا أدرى كيف تغيب الحكمة ويغيب الحكماء عن المشهد؟.. صحيح أن البرلمان لم يُصدّق على إسقاط العضوية حتى الآن، لكن التلويح بالعقوبة أمر مخجل.. التلويح بالطرد يسىء لمصر وبرلمان مصر.. ولا تقل لى إن القصة تتعلق بتسريب أو نحو ذلك، فهذه مكانها المحاكم!.
لا تقنعنى بأن هناك جريمة تستحق إسقاط عضوية السادات.. الجرائم تستدعى تحريك الإجراءات، وساعتها النائب العام يطلب «رفع الحصانة»، والمجلس يسمح.. ولا شىء من ذلك حدث.. كيف بالله عليكم يكون عمل البرلمان هو تكميم الأفواه؟.. النائب نفسه تقدم للنائب العام يطلب مساءلته، وبإمكان المجلس أن يرفع عنه الحصانة، فإن ذهب ولم يعد، يكون المجلس قد تخلص من شره دون أن يلوث يده بقطع لسانه!.
مهم أن يكون فى المجلس صوت حكيم، وأصوات تتدخل لتهدئة هنا أو هناك أو تحل مشكلات دون اللجوء إلى قرارات إسقاط العضوية، وهو أبغض الحلال.. التفريق بين النائب ومجلسه لا يكون إلا فى حالات الخيانة، أو ارتكاب أعمال من شأنها الإخلال بمبادئ دستورية صريحة.. ثم يكون ذلك آخر محطة فى المحاسبة.. فلا يكون ذلك لموقف أو رأى أو انتقاد لأداء رئيس المجلس، وكل الدنيا تنتقده علانية!.
صحيح هناك مرحلة أخرى باقية، وهى التى تتعلق بتصويت النواب، وهنا ينبغى أن نتنبه إلى خطورة الأمر، لأن التوسع فى إسقاط العضويات مأساة.. وقد حذرت منها حين لوحوا بها فى وجه النائب مرتضى منصور.. واليوم أحذر منها ثانية مع النائبين أنور السادات وإلهامى عجينة.. فهناك مراحل عديدة تسبق ذلك، ينبغى أن تستنفد أولاً.. وأرجو ألا تُستدرج التكتلات الكبرى للتصويت بشكل آلى على طلب من هذا النوع!.
أعرف أن هناك خلطاً للأوراق فى قضية «السادات».. القضية أنه يتجرأ ويقول «لا».. هيثم الحريرى أيضاً يقول «لا».. وخالد يوسف يقول «لا».. الكيد لهؤلاء يجعل مصر بلا برلمان.. غير معقول أن نعاقب كل من يتكلم.. وغير مقبول أن نُسقط عضوية من يفتح فمه.. وربما لا نسمح بدخوله أصلاً مثل النائب عمرو الشوبكى!.
نقلًا عن صحيفة "المصري اليوم"