"أنا زعلانة منك" ما مدى تأثير هذه العبارة على نفسية الطفل؟

كتب: رفيدة الصفتي

فى: منوعات

16:28 04 مارس 2017

"أنا زعلانة منك" عبارة تتردد كثير في حوارات الآباء مع أطفالهم، ولكنها تؤثر سلبا على تربية الأطفال، وخاصة إذا لم يتم استخدامها بأسلوب صحيح يعزز من ثقة الطفل بنفسه، ويبعد عنه التفكير في مشاعره السلبية.

 

ونصحت سلمى ياقوت مستشارة الصحة النفسية وتعديل السلوك، الآباء والأمهات بالتوقف عن استخدام عبارة "أنا زعلانة منك" في تربية الأطفال، لأنها تؤثر سلبا على نفسية الطفل.

 

وقالت ياقوت: "فيه أمهات كتير مش عايزه تضرب أو تزعق فبتستبدل ده بجملة في غاية الخطورة جملة: "أنا زعلانة منك"، موجهة حديثها للأمهات "حاسة بيكي دلوقتي وانتي بتقولي في نفسك: "أيوة اقرفونا بقى وحرموا علينا كل حاجة.. مالها بقى زعلانة منك كمان، يعني كل حاجة عندكم غلط".

 

وأضافت ياقوت عبر صفحتها على فيسبوك: "بتحاولي ماتضربيش وماتزعقيش وبتحاولي تتصعبني على الطفل، على أساس إن ربنا يهديه ويقصر الشر ويعمل لك خاطر.. لكن اسمحي لي أقولك إن المشكلة هنا مش مشكلة خواطر خالص.. المشكلة إنك بتطلبي من طفل خارج السيطرة إنه يسيطر على نفسه "عشان خاطر زعلك".

 

وتابعت: "في حين إنك المفروض تطلبي منه يسيطر على نفسه عشان خاطر مايسببش مشكلة ويعمل حاجة مؤذية، يعني يتعلم إنه يعمل الصح عشان ده صح، ويبعد عن الخطأ عشان نتايجه.. بغض النظر عن رأي الناس وحضرتك من ضمن الناس دول - حاليا- لأنك بالنسبة لطفل تحت 7سنوات بتمثلي أهم مجتمعه".

 

الإشارات السلبية

 

وأوضحت مستشارة الصحة النفسية أن: "مرحلة الطفولة هي أهم وقت بيتشكل فيه ضمير الإنسان، بيتشكل من صوت المربي الموجه الخارجي، بالتكرار بيتحول الصوت ده لمعتقده وصوته الداخلي اللي بيحاسبه ويوجهه، وده معناه إننا لازم كموجهين نخلي بالنا جدا من الإشارات السلبية والمعاني اللي بنرسلها وسط كلامنا اللي في ظاهره إيجابي".

 

واستطردت ياقوت: "فمعني اعمل أو ماتعملش عشان زعلي منك من عدمه مش هو اللي بيربي طفل عنده مبادئ بتوجهه حتى لو الناس كلها ضده، فمتخليش الجملة ديه منهج لتربيتك لطفلك.. وما تستخدميهاش عمال على بطال.. تخيلي بعد 20 سنة من دلوقتي لما فرصتك في تربية طفلك تنتهي، ويبقى إنسان راشد مسئول عن تصرفاته.. تفتكري في الزمن ده هيكون سهل على إنسان يعمل الصح بدون النظر لرأي الناس".

 

وأكدت أخصائية تعديل السلوك أن "الطفل مش سهل عليه إنه يعمل الصح، حتى لو عارف ومتأكد إنه صح، يعني نفرق بين طفل مش عارف الصح من الغلط، وطفل عارف كويس الغلط لكن مش قادر مايعملهوش.. يعني القدرة على ضبط النفس واختيار السيطرة على الرغبة في الخطأ، دي قدرة ناضجة جدا.. إحنا الكبار اللي عارفين ومتأكدين إن الواحد المفروض يلتزم بمواعيده ولا ما يكذبش ولا يراعي ربنا.. هل كلنا بنقدر نضبط نفسنا طول الوقت ونعمل ده".

 

وتساءلت ياقوت: "إزاي نطلب من طفل إنه يقدر على ده، ودماغه العلوي المنطقي المسئول عن ضبط النفس والسيطرة على الغرائز البدائية والانفعالات غير مكتمل النضج أصلا، وازاي نطلب من طفل لسه بنكون له ضميره، إنه يراعي ضميره"، موضحة: "يعني انتي رابطة زعلك منه بقدرة مش عنده أصلا أو صعبة عليه، وده معناه إنك طول الوقت هاتفضلي زعلانة منه".

 

ولفتت المستشارة النفسية إلى "هنا في مشكلة كبيرة إن الطفل بيكون صورته الذاتية حسب نظرتنا احنا له، فطول ماهو باصص لنفسه نظرة، ماما على طول زعلانة مني، يبقى أنا سيء وهاتصرف على هذا الأساس.. ويبقى حاله من سيئ لأسوء".

 

تفكير الطفل

 

وأشارت ياقوت إلى أن "الطفل مش بيفرق بشكل كبير بين، "زعلانة منك" و "مش بحبك"، وعشان كده دايما الطفل بعد ما يعمل عاملة سودة يجي يقولك؛ "ماما بحبك"، "ماما بتحبيني؟، بيكون عايز يتأكد أنه لسه محبوب ومحتاج تطمنيه وتحسسيه بالأمان والقبول أيا كان تصرفه، وعشان دايما بننصح بالحب الغير مشروط بتصرف الطفل وسلوكه فلازم نقلل جدا أو نلغي من حياتنا جملة زعلانة منك ديه، لإنها ممكن تترجم: مش بحبك".

 

وقالت ياقوت: "تكرار الجملة بيفقدها معناها، وبعد شوية ترجع الأم تشتكي إن طفلها المراهق مش بيعملها أي خاطر، والحقيقية هو بيكون شايف إن ماما طول عمرها زعلانة مني، إيه الجديد يعني؟".

 

وأضافت الاستشارية النفسية: "التطور الطبيعي لمسلسل زعلانة منك اللي مش بيجيب أي نتيجة؛ إنك تبتدي تحسي إن مافيش فايدة والحسنى مش جايبة نتيجة ،وتبتدي تضربي وتزعقي وتتهمي ابنك إنه حالة ما لهاش حل وهكذا. في حين إن حضرتك اللي اخترتي أسلوب في ظاهره سلمي لكنه سلبي جدا".

 

وأضافت ياقوت: "ساعات كتير الجملة دي بتجيب نتيجة سحرية مع بعض الأطفال، وممكن فعلا تخلي الطفل يكف عن سلوك معين، ودايما بيكون الطفل الأول وساعات الطفل الأخير، وعادة بتجيب نتيجة حسب طبيعة الطفل وساعات نوعه ولد/بنت".

 

ونصحت ياقوت: "لكن نخلي بالنا إن ده مكسب مؤقت جدا قصاد الأثر السلبي للجملة على نفسية الطفل، لأنه بيمتد لغاية الرشد، وبينشئ إنسان بيعاني من جلد الذات، دايما حاسس إنه عليه ذنب، دايما حاسس إنه وحش وفاشل، أو إنسان متفاني جدا ومدمن للعمل وللعلاقات اللي بتستنزفه، وكأنه بيكفر عن ذنب وشايف إن نفسه لا تستحق أي حق، وده طبعا حال أبعد ما يكون عن التوازن وعن الصحة النفسية".

 

البديل الإيجابي

 

وبحسب ياقون، يمكنك استبدال عبارة "أنا زعلانة منك" إلى عدة عبارات تعبر عن المشاعر بشكل صحيح، وهي: "أنا زعلانة من التصرف ده"، "أنا غضبانة جدا جدا من كسرك لحاجتي، ومحتاجة وقت عشان أهدى وأسيطر على غضبي"، "أنا اتخضيت جدا واترعبت عليك لما نطيت النطة المتهورة ديه، خوفت تتعور"، "أنا بحبك لكن مابحبش تضرب أختك، التصرف ده بيزعلني".

 

واستطردت: "وهكذا .. مشاعر "مختلفة " تجاه "سلوكيات" متنوعة.. مش تجاه "شخص" الطفل"، لافتة إلى أن "ده اسمه تعبير عن مشاعر بشكل إيجابي بل ومفيد جدا، ودايما بنصح بيه لتنمية ذكاء الطفل العاطفي والاجتماعي.. ويأتي بعده التوجيه والتصحيح والإرشاد الإيجابي للطفل بطريقة تكون مؤثرة وفعالة".

اعلان