بعد فضيحة "موظف الرشوة".. خالد علي: مجلس الدولة يتعرض لحملة إعلامية شرسة
رأى المرشح الرئاسي الأسبق، خالد علي، أن مجلس الدولة يتعرض لـ"حملة إعلامية شرسة"، من ضمنها محاولة استغلال الواقعة التي حدثت، صباح أمس، بضبط مدير المشتريات في المجلس لتقاضيه رشوة.
وكتب "علي" عبر حسابه الشخصي على "فيس بوك": دافعوا عن منصتكم الشامخة بحق.. يعد مجلس الدولة المصرى أحد المدارس القضائية الفريدة على مستوى العالم، فأحكامه جاءت صوناً للحريات و دفاعاً عن حقوق الشعب المصرى من تعسف السلطة التنفيذية، وأظن أن الخلاف الوحيد مع جمعيته العمومية كان بشأن موقفها من رفض إرجاء عمل المرأة كقاضية بالمجلس، لكن غير ذلك، أزعم أنه فى العديد من المراحل التاريخية التى مرت بها بلادنا كان ملاذاً للمظلومين وطوق نجاة للمضطهدين، وسطر بأحكامه العديد من المبادىء القضائية التى استندت لرؤية تقدمية سبقت فى بعض الأحيان مجلس الدولة الفرنسي، فهذه المنصة هى التى أحالت قانون الطوارىء للمحكمة الدستورية منذ التسعينيات، وهى التى ألزمت السلطة بتعويض المعتقلين من جراء قرار الإعتقال أو التعذيب أو منع الزيارة، وهى التى أقرت للعمال بحق الاضراب استناداً للاتفاقيات الدولية، وهى التى أعادت آلاف الموظفين للعمل بعد أن تم فصلهم لأسباب أمنية أو سياسية، وألزمت الحكومة بتمكين المواطنين من ممارسة حق التظاهر فى عهد مبارك ، وألزمته بوضع حد أدنى للأجور، وفى الوقت الذى كانت محكمة النقض ترفض دعاوى رصيد إجازات العمال كان مجلس الدولة يؤكد أحقية الموظفين فى المقابل النقدى لهذا الرصيد، وهى المنصة التى أوقفت خصخصة التأمين الصحى، وقضت ببطلان عقد مدينتى وقت تولى مبارك للحكم رغم أن صندوق حورس الذى كان يملكه نجلى مبارك كان مساهما برأس مال شركة مدينتى، كما قضى ببطلان عقد بيع أراض لشركة بالم هيلز التى كان يشارك علاء مبارك فى رأسمالها، وهناك آلاف الأحكام التى يمكن ذكرها فخراً واعتزازاً بهذا الصرح القضائى العظيم والفريد.
ومنذ فترة يتعرض مجلس الدولة لمحاولات النيل من استقلاله ، والحد من دوره فى حماية مبدأ المشروعية، ومن أمثلة ذلك:
(١) تبنى حمله إعلامية شرسة ضد المستشار يحى الدكرورى بعد إصداره حكماً ببطلان اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.، وهذه الحملة كانت فى حقيقتها رسالة ضمنية لكل قضاة مجلس الدولة لإرهابهم والنيل من استقلالهم وحيدتهم.
(٢) محاولة الدولة لإصدار تشريع يجعل منازعات قرارات التحفظ على الأموال الصادرة من لجان إدارية من اختصاص القضاء العادى وابعادها عن مجلس الدولة.
(٣) محاولة استغلال جريمة الرشوة المتهم فيها أحد موظفى المجلس للنيل من مجلس الدولة ذاته وتشويه صورته.
(٣)اليوم تسعى الدولة لاستصدار تشريع يضرب أحد أهم أركان استقلال مجلس الدولة، وهى طريقة اختيار رئيس المجلس، فالتشريع الحالى يمنح الجمعية العمومية لمجلس الدولة وحدها سلطة اختيار رئيس المجلس، ويرسل القرار لرئيس الجمهورية لاعتماده وإصداره ، والمشروع الجديد الذى تتبناه الدولة يتوسع فى سلطات رئيس الجمهورية ويحد من سلطة الجمعية العمومية حيث يلزمها باختيار ثلاثة أسماء وإرسالها للرئيس الذى يصبح هو صاحب الحق فى اختيار رئيس المجلس من بينهم.
وهو ما يناهض المادة ٩٤ التى أكدت على أن استقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، وبالتالى فإن أى عدوان على هذا الاستقلال هو فى حقيقته يستهدف تعريض حقوق وحريات المواطنين للخطر.
كما أن هذا المشروع يمثل عدوان على نص المادة ١٨٤ التى جعلت التدخل فى شئون العدالة جريمة لا تسقط بالتقادم فضلاً على عصف هذا المشروع بالمادة ١٨٥ من الدستور والتى تنص على أن تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، بما يفيد حظر تدخل السلطة التنفيذية فى شئون تلك الهيئات أو الجهات.
واعتقد أن تبنى هذا التعديلين وحملات الهجوم على المجلس تستهدف بالأساس تقويض دوره، وأعتقد أن هناك محطات قضائية مهمة دفعت الدولة لضرب استقلال المجلس، ومن ذلك:
(١) بعد أن أصدرت الدائرة السابعة استثمار برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة ومن بعده المستشار حسونة توفيق أحكام بطلان خصخصة شركات القطاع العام فى ٢٠١١ و٢٠١٢، ظنت الدولة أن الإدارية العليا سوف تلغى هذه الأحكام فجاءت المفاجئة الكبرى بأن الإدارية العليا أيدت كل هذه الأحكام فى يناير وسبتمبر ونوفمبر ٢٠١٣، فما كان من الدولة إلا أن قام المستشار عدلى منصور بإصدار قرار بقانون يحظر على المواطنين الطعن على عقود الدولة، ويلزم المحاكم بالحكم بعدم قبول الدعاوى المنظورة أمامها، وسعت الدولة عبر هذا التشريع لغل يد مجلس الدولة عن نظر باقى القضايا.
وبالطبع دفعنا أمام مجلس الدولة بعدم دستورية هذا القانون فصرح لنا بإتخاذ إجراءات الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا ومازالنا من ٢٠١٤حتى اليوم فى انتظار انتهاء مفوضى الدستورية من إعداد تقريرها حول الطعن.
(٢) حاولت الدولة اغتيال كافة النقابات العمالية المستقلة التى نشأت قبل الثورة وبعدها لإجبار العمال على الدخول فى الاتحاد الحكومى، وتم التخطيط لرفع قضية من اتحاد العمال ضد وزير القوى العاملة بزعم تقاعسه عن إصدار قرار بحل كافة النقابات العمالية المستقلة، فحضر العمال الجلسات ودفعنا بعدم دستورية نصوص القانون التى تحرم العمال من تقرير مصيرها وتفرض عليها وحدة زائفة بالانضمام للإتحاد الحكومى، فقرت الدائرة الثانية إحالة قانون النقابات العمالية للمحكمة الدستورية العليا، ليتعطل بتلك الإحالة مخطط حل النقابات العمالية المستقلة بحكم قضائى لحين فصل الدستورية بالقضية.
(٣) التحفظ على أموال مواطنين وشركاتهم بزعم أنهم ينتمون لجماعة الإخوان وتحت ستار أن هذا التحفظ تنفيذا لحكم محكمة الأمور المستعجلة الصادر باعتبار الإخوان جماعة إرهابية، فأصدرت الدائرة الأولى أحكامها بإلغاء هذا التحفظ وأكدت أن لجنة التحفظ هى لجنة إدارية وليس من حقها إصدار مثل هذه القرارات حتى لو حاولت التستر خلف حكم الأمور المستعجلة.
(٤) كانت الدولة تحاول خلق أزرع أمنية لها داخل النقابات المهنية عبر منح تلك الأزرع سلطة الضبطية القضائية ليصبح أعضاء النقابة مرشدين ومخبرين على بعضهم البعض بزعم حماية المهنة من الدخلاء عليها، وبدأت التجربة بالنقابات الفنية، ولو مر هذا القرار مرور الكرام لتم تعميمه على كافة النقابات المهنية، لكن تم الطعن على تلك القرارات أمام مجلس الدولة، فقضت محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرارات وزير العدل بمنح الضبطية القضائية لأعضاء نقابات المهن الموسيقية والتمثيلية، ليوقف هذا الحكم كل محاولات تقييد أصحاب هذه المهن من مزاولة عملها بزعم عدم تمتعها بعضوية النقابة ، ويقف معها محاولات خلق أزرع أمنية بسلطات قضائية داخل النقابات المهنية.
(٥) قضت محكمة القضاء الإدارى ببطلان إتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بل وأكدت على أن مصرية الجزر واعتبارها جزء لا يتجزء من الإقليم البرى المصرى وكذا اعتبار المضيق مضيق وطنى.
هذه المحطات الخمس طوال الثلاث سنوات الماضية شكلت صداعاً للسلطة التنفيذية، وتحاول الآن ضرب استقلال مجلس الدولة والنيل من حيدته وإخضاعه لها، وهذه المحاولات فى حقيقتها لعقاب مجلس الدولة على دوره فى حماية حقوق وحريات هذا الشعب ، والذى عليه اليوم عبء مقاومة تلك الانتهاكات ليس فقط دفاعاً عن منصة مجلس الدولة الشامخة بحق ولكن أيضا دفاعاً عن حقوقه وحرياته، وعن جدارته واستحقاقه لقضاء نزيه ومستقل ومنصف شأن مجلس الدولة المصرى.
وتمكنت هيئة الرقابة الإدارية، اليوم الثلاثاء، من ضبط مسؤول مشتريات باحدى الجهات الرسمية عقب تقاضية رشوة.
وتم إقالة المستشار هشام جنينة، الرئيس الأسبق للجهاز المركزي للمحاسبات، بعد إصداره تقريرًا يفيد بأن حجم الفساد في مصر بلغ 600 مليار جنيه، خلال عام 2015.