سوريا| «العفو الدولية»: قوات التحالف الدولي تقود «حرب إبادة» بمدينة الرقة
أدانت منظمة العفو الدولية، الغارات التي تشنها قوات التحالف الدولي على الأراضي السورية، ولا سيما التي تتسبب في مقتل المدنيين بمدينة الرقة.
وذكرت المنظمة في تقرير لها: "إن المدنيين يتساءلون، وسط أنقاض مدينة الرقَّة، عن السبب الذي يدفع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تدمير مدينتهم، وقتل مئات المدنيين في غمار عملية "تحريرهم" من هيمنة الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم تنظيم "الدولة الإسلامية".
وتابعت: "وقد زار باحثو منظمة العفو الدولية 42 موقعاً في مختلف أنحاء المدينة المُدمَّرة تعرضت لضربات جوية شنتها قوات التحالف، كما أجروا مقابلات مع 112 من السكان المدنيين الذين عانوا أهوال المذابح وفقدوا بعض أحبائهم، ويسرد التقرير، الصادر بعنوان: ""حرب الإبادة": خسائر فادحة في صفوف المدنيين في مدينة الرقَّة بسوريا"، رواياتٍ مفصَّلة عن الأحداث، وهي تثير شكوكاً في إصرار التحالف على القول بأن قواته بذلت جهداً كافياً للحد من الأضرار في صفوف المدنيين".
وأضافت: "وتعليقاً على ذلك، قالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات لدى منظمة العفو الدولية.. عندما يُقتل كثير من المدنيين في هجوم تلو الآخر، فمن الواضح أن هناك أمراً معيباً، ومما يزيد من فداحة المأساة أن هذه الأحداث لم يتم التحقيق فيها رغم مرور عدة أشهر على وقوعها، فالضحايا يستحقون العدالة".
وواصلت: "إن ادعاءات التحالف بأن حملته الجوية الدقيقة تتيح له قصف مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" خارج مدينة الرقَّة دون أن يتسبب ذلك إلا في أقلِّ القليل من الإصابات بين المدنيين هي ادعاءات لا تصمد أمام الفحص، فقد شهدنا على أرض الرقَّة مستوى من الدمار لم نره من قبل على مدى عقود من عملنا في تغطية آثار الحروب، فلقد اتسمت السنوات الأربع من الحكم الوحشي لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الرقَّة بتفشي جرائم الحرب، إلا إن الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية"، بما في ذلك استخدام المدنيين كدروع بشرية، لا تعفي التحالف من التزاماته باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحد من الأضرار في صفوف المدنيين".
وأردفت: "وقد كان السبب في تدمير المدينة، وقتل وإصابة هذا العدد الكبير من المدنيين، هو لجوء قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، بشكل متكرر، إلى استخدام أسلحة متفجِّرة في مناطق مأهولة، مع علم هذه القوات أن المدنيين قد علقوا في هذه المناطق، بل إن اختيار الأهداف كان يفتقر إلى الدقة شأنه شأن ما يُسمى الأسلحة الدقيقة".
واستطردت: "وخلال الفترة من 6 يونيو إلى 12 أكتوبر 2017، أدت العملية التي شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لإخراج تنظيم "الدولة الإسلامية" من مدينة الرقَّة، التي اتخذها التنظيم "عاصمة" له، إلى قتل وإصابة آلاف المدنيين وتدمير معظم أبنية المدينة، حيث تحولت البيوت والمباني الخاصة والعامة ومرافق البنية االتحتية إلى مجرد أنقاض، أو أُصيبت بأضرار جسيمة لم يعد يجدي معها أي إصلاح".
وأكملت: "شنَّت القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية المشاركة في التحالف عشرات الآلاف من الضربات الجوية، واعترفت القوات الأمريكية بأنها أطلقت 35 ألف قذيفة مدفعية خلال العملية العسكرية على الرقَّة. وكانت القوات الأمريكية مسؤولة عن أكثر من 90 بالمئة من الضربات الجوية، وعلَّقت دوناتيلا روفيرا على ذلك بقولها.. لقد قال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى إن قذائف المدفعية التي أُطلقت على الرقَّة أكثر عدداً مما أُطلق في أي مكان آخر منذ حرب فيتنام، وبالنظر إلى أن هامش الخطأ في قذائف المدفعية يزيد عن 100 متر، فلا غرابة في أن تؤدي إلى إصابات هائلة بين المدنيين".
وروت المنظمة الحقوقية في تقريرها: "وقد بعثت منظمة العفو الدولية برسائل إلى مسؤولي الدفاع في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهي الدول التي شنَّت قواتها ضربات جوية على الرقَّة، وطلبت المنظمة معلومات إضافية عن تلك الحالات وعن هجمات أخرى، كما استفسرت المنظمة عن الأساليب الحربية للتحالف، وأساليب الهجمات ووسائلها، وكيفية اختيار الأهداف، وكذلك عن الاحتياطات التي اتُخذت في تخطيط الهجمات وتنفيذها، وعن أية تحقيقات أُجريت بهذا الصدد حتى الآن".
وتابعت: "تهيب منظمة العفو الدولية بالدول الأعضاء في التحالف أن تبادر بإجراء تحقيقات نزيهة ووافية بخصوص الادعاءات عن الانتهاكات والإصابات في صفوف المدنيين، وأن تقرَّ علناً بمدى وفداحة إزهاق أرواح مدنيين، وتدمير ممتلكات مدنية في الرقَّة".
واختتمت: "ويجب على هذه الدول أن تعلن نتائج تحقيقاتها، وأن تفصح عن معلومات أساسية بخصوص ضرورة الهجمات، وذلك لتقييم مدى تماشيها مع القانون الدولي الإنساني، كما يجب عليها مراجعة الإجراءات التي تقرر من خلالها مصداقية الادعاءات بشأن الخسائر في صفوف المدنيين، وأن تكفل تحقيق العدالة، وتقديم تعويضات لضحايا الانتهاكات، وتقع على هذه الدول أيضاً مسؤولية المساعدة، بشكل أكثر جديَّة من الوضع الحالي، في العملية المضنية الجارية في مدينة الرقَّة لإزالة الألغام، وإعادة الإعمار".