طلال مداح.. «عامل البريد» صار فارس الأغنية السعودية
"حمل على كاهله هاجس الأغنية السعودية.. وتطويرها.. ويرفض أي مساس بها، إنه إنسان من عهد الطرب الأصيل الذي يلتزم بالإنسان ويحكي سيرته.. يكتب الجملة الموسيقية بكل مشاعره.. يسبح في الفن الشرقي.. لكنه لا يرفض الفن الحديث والمعاصر.. ويسعى دائما للتجديد.. ويعتقد أن الكلمة الشاعرية المتدفقة من أعماق القلب.. هي التي تحرك ملَكة الإبداع" بهذه الكلمات وصف الملحن السعودي سامي إحسان المطرب طلال مداح الذي يحتفل محرك البحث جوجل بذكرى ميلاده.
ولد الفنان طلال مداح في مكة تاريخ 5 أغسطس 1940، وتوفت والدته بعد ولادته، وتولى تربيته منذ ولادته زوج خالته علي مداح.
في السنة الخامسة انتقل إلى الطائف، واكمل دراسته، وتعلم العزف على العود وبدأت موهبته تنمو وحبه للغناء يزيد.
عندما كان عمره 19 عاما، لحن أول أغانيه "يازارع الورد" و عرض عليه رئيس الإذاعة في وقتها عباس غزاوي الغناء من خلال أثيرها، ومن هنا بدأ اسم طلال مداح في الانتشار.
يقول طلال مداح أنه كان يمارس الفن بجانب وظيفته كعامل بريد، في يوم ذهب إلى والدته التى ربته وأخبرها أنه لا يستطيع أن يجمع بين الأمرين، وتركت له الخيار ليختار الفن، ليصبح "الحنجرة الذهبية" و"قيثارة الشرق " و"صوت الأرض" و"فارس الأغنية السعودية" كما يلقب.
كان لطلال مداح اسهامات في الأغنية السعودية منها :قام بعمل بعض الأغنيات التي لحنها يشبه الموسيقى الغربية مثل أغنية "وعد"، وإلى حد ما "يا حلوة شيلي اللثام، وأذيعت له أغنيات متعددة من لندن ودمشق وإذاعات عربية من ألمانيا وهولندا، وترجم له التلفزيون الفرنسي أغنيته «وعد».
كان أول فنان سعودى سجلته جمعية المؤلفين والموسيقيين فى فرنسا، و حصل على الأسطوانة الذهبية، وقدم أكثر من 80 ألبوم.
استطاع طلال أن يشعل مسارح القاهرة في السبعينات رغم وجود أساطير الغناء في العالم العربي مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش بأدائه لأعمال مثل "مقادير" و"أغراب" و"أنادي" و"لا تقول" و"وقفي" و"هلي الجدايل" وغيرها.
في حفلة بالإذاعة العامة، يحكي طلال أنهم طلبوا منه تقديم أغاني فقط وطنية، ولكنه رفض لأن كان هناك أعداد كبيرة من الجماهيرالتي تريد سماع أغاني عاطفية، وفي وقتها تدخل أحد المسؤلين ليحيي طلال الحفل.
تعاون مع عدد من الملحنين المصريين، أبرز هم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكان التعاون قد بدأ بأغنية "ماذا أقول؟"، كما تعاون طلال مداح مع الملحن الكبير محمد الموجي في أغنيتين وهما "لي طلب" و"ضايع في المحبة" وتعاون أيضًا مع الملحن بليغ حمدي في أغنية "يا قمرنا" ومع الملحن جمال سلامة في أغنية "يا حبيب العمر".
تعاون طلال مداح مع العديد من الملحنين السعوديين مثل الفنان الكبير طارق عبد الحكيم في مجموعة من الأعمال من أهمها أغنية "عاش من شافك"، و"عند النقاء ويلاه" و"لمين ابشكي غرامك"، و"فات الأوان"، وأوبريت وطني بعنوانافديك يا وطني، وأغنية حايل بعد حيي وكذلك تعاون مع الفنان الراحل عبد الله محمد في أعمال كثيرة منها "يا صاحبي" و"سويعات الأصيل" والفنان الراحل "فوزي محسون" في أعمال متعددة مثل "يالي جمالك جعلني باكي متالم" و"يا حبيبي.. يا حياتي" و"مين فتن بيني وبينك"، وأغنية "كلام البارحة تغير".
كان يعشق الفن فكان هو حياته و يقول طلال أن المرة الوحيدة التي شعر بها طلال بالغربة عندما غاب عن الحفلات والمسرح وقرر السفر لمدة ثلاث شهور.
في 11 من أغسطس عام 2000، صعد طلال مداح إلى مسرح مدينة أبها يحمل العود بطريقته المعتادة، وجلس ليطرب جمهور وبدأ يردد "الله يرد خطاك" ولكنه سقط فجأة من أعلى الكرسي وتم نقلة للمشفى إلا أنه كان توفى.