في ذكراه العاشرة
أشعار «محمود درويش».. صوت المقاومة التي خاطبت ضمير العالم
"في كوخنا يستريح العدوّ من البندقيّة.. يتركها فوق كرسيّ جدّي.. ويأكل من خبزنا مثلما يفعل الضيف.. يغفو قليلاً على مقعد الخيزران.. ويحنو على فرو قطّتنا.. ويقول لنا دائمًا:
لا تلوموا الضحيّة!".. أبيات من قصيدة "عندما يبتعد" لشاعر المقاومة محمود درويش؛ الذي نحتفل بذكرى وفاته العاشرة.
اجتمع العرب، حول أشعار محمود درويش وكانت قصائده الشعلة التي تنير درب الحرية، وتشعل الأمل في النفوس تجاه القضية الفلسطينية، خاطب بها الضمير العالمي، واشعلت الوجدان، لانها خرجت من قلبه الذى ذاب عشقًا في وطنه.
ولد درويش في عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل، قرب ساحل عكا، وعمل في صحافة الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي انتمى له وهو في الثانوية العامة.
ذاق محمود درويش، كغيره من النشطاء السياسين، مرارة الاعتقال من قبل الإسرائيلين وكان أول مرة اعتقل فيها عام 1961.
اتجه عام 1972 إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في العام نفسه حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، و أسس مجلة الكرمل الثقافية.
عشقه لبلده، وموهبته الشعرية ألقت على كتفه مسؤولية الدفاع عن حقه في أرضه، كانت كلماته كالرصاص في وجه الاحتلال الذي اغتصب الأرض وشرد الشعب، وقصائده وسيلته للدفاع عن وطنه.
كانت باريس هي مقر إقامة "درويش"، ولكنه عندما دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، طلب أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحًا بالسماح له، وهو ما حدث بالفعل ليظل في وطنه.
بدأت موهبة درويش في الظهور يوم الاستقلال العاشر ﻹسرائيل حينما ألقى في احتفالية مدرستة قصيدة "أخي العبري" ، والتي استدعاه الحاكم العسكري على أثرها وهدده بفصل أبيه من العمل في المحجر إذا استمر بتأليف أشعار شبيهة، وكان مولود درويش الأول من الشعر هو ديوان "عصافير بلا أجنحة".
ونشر محمود درويش 28 ديوان شعري، منهم: "عاشق من فلسطين، آخر الليل، أحبك أو ﻻ أحبك، حضرة الغياب، حبيبتي تنهض من نومها، يوميات الحزن العادي، محاولة رقم 7، وداعاً أيتها الحرب, وداعاً أيها السلام، حصار لمدائح البحر، ذاكرة للنسيان، جدارية، حالة حصار، لا تعتذر عما فعلت، أثر الفراشة، العصافير تموت في الجليل، أوراق الزيتون".
وأصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة أمينه العام الشاعر والكاتب الصحفي الإماراتي حبيب الصايغ، بيانًا بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر الكبير محمود درويش (13 مارس 1941- 9 أغسطس 2008).
وقال حبيب الصايغ، "محمود درويش" يعد واحدًا من أهم الشعراء في تاريخ الشعر العربي، وتعد دواوينه التي خلفها علامات أثَّرت في الوجدان العربي، وسيمتد أثرها إلى العقود والقرون القادمة، على المستويين الفكري والجمالي.
وأضاف: "محمود درويش كان صوت القضية الفلسطينية، عبر عنها طوال ما يزيد عن ثلاثين عامًا، وساهم في إبراز بعدها الإنساني والفني في الضمير العالمي، وأن تظل حية متجددة باعتبارها أكثر وأوضح القضايا عدلًا في التاريخ الحديث".
ولفت إلى أن سخونة القضية التي نذر لها "محمود درويش" نفسه ووقته وعمره، لم تؤثر على جماليات قصيدته، كما حدث في حالات مشابهة عند شعراء عالميين تعرضوا لما تعرض له، بل إن شعره حفل بالتجريب والإدهاش، كما تطور باستمرار على عدة مراحل، حتى صار في قمة نضجه الفني في دواوينه الأخيرة.
وأشار الصايغ، إلى أن محمود درويش الإنسان والشاعر جمَّع المختلفين سياسيًّا وفكريًّا على حبه، وعلى الالتفاف حوله كظاهرة شعرية وإنسانية نادرة، فلم يكن على خلاف مع أحد، ولم يتحيز لفكرة ضد أخرى ولا لشخص أو حزب ضد آخر، بل شغلته القضية الفلسطينية بنقائها وعدالتها في المقام الأول والأخير، بالدرجة نفسها التي اعتنى فيها بشعره والأسس الجمالية والفنية والفكرية التي قام عليها مشروعه الكبير المتفرد.
توفي محمود درويش، في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح.
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الحداد 3 أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاته، ودفن قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي، وسُمي القصر بقصر محمود درويش للثقافة.