والقاهرة ترد بـ«الهجان والعميل»
بـ«الملاك».. هكذا سعت «إسرائيل» لتعكير صفو المصريين في ذكرى أكتوبر
في نهاية شهر سبتمبر من كل عام، تعيد العديد من القنوات الفضائية المصرية، عددًا من المسلسلات التي تناولت الجاسوسية، وانتصار القوات المسلحة المصرية على جيش الاحتلال الإسرائيلي ودحره ورفع العلم المصري على الضفة الشرقية لقناة السويس، ولكن تزامن هذا العام أمرًا جديدًا وهو عرض إسرائيل بتعاون أمريكي فيلمًا سينمائيًا يزعم تجنيد إسرائيل لشخص مهم جدا ومقرب من صناعة القرار في مصر وهو أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومستشار الرئيس الراحل أنور السادات، في محاولة منها لتعكير صفو المصريين في الذكرى الـ45 من انتصارات أكتوبر المجيدة.
الدراما المصرية كثفت هذا العام من عرض مسلسل "رأفت الهجان"، الذي يروي لنجاح المخابرات العامة المصرية في زرع عميلا لها داخل الكيان الصهيوني خلال فترة الخسمينيات واستمر الأمر حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، أي بعد أن حقق الجيش المصري هدفه بالنصر الكبير والعبور إلى سيناء، وهي فترة طويلة استمرت لأكثر من 20 عاما، تجعل من المخابرات المصرية أن تفتخر بهذا الدور الكبير، خصوصًا أن لرفعت سليمان الجمال -الاسم الحقيقي لرأفت الهجان- دورًا كبيرًا في عملية النصر هذه.
أيضًا عرضت القنوات المصرية مسلسل "دموع في عيون وقحة"، وهو أيضًا لقصة نجاح المخابرات المصرية في زرع عميل آخر يدعى أحمد الهوان أو "جمعة الشوان"، كما ذكر في المسلسل، وتوضيح دوره الكبير في حصول مصر على جهاز تجسس في غاية الخطورة والتطور حينها.
كل هذا فضلا عن الأفلام الشهيرة كـ:"الرصاصة لاتزال في جيبي"، و"العمر لحظة"، و"أغنية على الممر"، وغيرها من الأفلام المصرية التي تجسد الانتصار العظيم الذي حققته القوات المسلحة في حرب أكتوبر المجيدة على الكيان الصهيوني.
ومؤخرًا وافق جهاز الرقابة على المصنفات الفنية (حكومي) على المعالجة السينمائية لفيلم "العميل" بعد عامين من تلقي السيناريو.
والفيلم المصري لسيرة أشرف مروان، الذي أجازه الجهاز الرقابي الحكومي، تأليف الإعلامي والسيناريست هاني سامي، ولم يعلن حتى الآن عن مخرج العمل أو فريق التمثيل.
الرد الإسرائيلي:
لسنوات طويلة لم ترد إسرائيل على النجاح المصري في اختراق حصونها المخابراتية، والتي أدت في النهاية لتحقيق النصر العظيم في 1973، لكنها فاجأت الجميع الآن، وعرضت فيلما سينمائيًا بمساعدة أمريكية تزعم فيه أنها كانت لديها "جاسوس" مهم جدا، وهو أشرف مروان.
وأشرف مروان (1944-2007) هو صهر (زوج ابنة) الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ومستشار مقرب من الرئيس الراحل أنور السادات.
ولعب مروان دورًا مخابراتيًا تقول القاهرة إنه كان لصالحها، بينما تتبنى تل أبيب رواية معاكسة بعمالة مروان لها.
ورغم العلاقة النقيضية في المعالجة الفنية لفيلمي "مروان" بنسختيه المصرية والإسرائيلية، لكن الاتهام لهما يظل واحدًا بـ"تزييف التاريخ" لصالح كل من القاهرة وتل أبيب، في واقعة فنية نادرة.
وجاءت الموافقة بعد أيام من عرض فيلم باسم "الملاك" عبر شبكة الترفيه العالمية "نتفليكس"، يزعم أن مروان عمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
ويتبنى الفيلم الرواية الإسرائيلية فيما يتعلق بعمالة مروان لتل أبيب، والمأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الإسرائيلي يوري بار جوزيف عام 2016.
ولا يزال مصرع مروان لغزًا محيرًا إذ عثر على جثته خارج منزله في لندن (يونيو 2007)، وتواترت روايات بشأن سقوطه من شرفة المنزل بالطابق الخامس (لم يتحقق من ثبوت صحتها).
غير أن نهايته الدرامية لم تحسم الصراع الدائر بين الروايتين المصرية والإسرائيلية، بل زادتهما غموضًا.
وكانت رواية "الملاك" من أكثر الروايات مبيعًا في العالم، قبل أن تترجم للعربية بعنوان "الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل".
ورغم الجدل الصاخب حوله، حضر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك (1981-2011) جنازته برفقة رئيس المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان.
وقال مبارك آنذاك عنه "مروان كان وطنيًا مخلصًا، وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها".
وترك الغموض الذي اكتنف رحيل مروان السؤال دون إجابة هل كان انتحارًا أم اغتيالًا؟.
كما حظى مروان بقدر من الاهتمام العالمي، ربما لم يحظ به أي من العملاء لأجهزة الاستخبارات في العالم،وصاحبه طوال حياته وامتد أثره لبعد وفاته بأكثر من 10 سنوات.
وقالت تقارير تميل للرواية الإسرائيلية إن إبلاغ مروان تل أبيب بموعد حرب أكتوبر 1973 ساهم في تعبئة طارئة للجيش الإسرائيلي سمحت له بالاستعداد نوعا للمواجهة.
وجسد دور مروان في فيلم "الملاك" الممثل الهولندي من أصل تونسي مروان كنزاري، ولعبت ميساء عبد الهادي، وهي من عرب إسرائيل، دور زوجته منى ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1956-1970)، ومن إخراج الإسرائيلي أرييل فرومن.