بعد فن التحطيب والسيرة الهلالية
الأراجوز.. أشهر الدمي الشعبية بقائمة اليونسكو للصون العاجل
"الأراجوز" من أشهر الدمى الشعبية في مصر على الإطلاق، ورغم انحساره في الآونة الأخيرة لقلّة عدد فنّانيه ولسطوة وسائل الإعلام الحديثة، إلا أن وزارة الثقافة سعت في الحفاظ عليه لأنه جزء من هوية مصر وتراثها الشعبي.
ونجحت وزارة الثقافة، في إدراج ملف الدمى اليدوية التقليدية "الاراجوز" بقائمة الصون العاجل للتراث غير المادي بمنظمة اليونسكو.
جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي للجنة الحكومية الدولية للمنظمة العالمية في مدينة بورت لويس بجمهورية موريشيوس.
وترأس وفد مصر الدكتورة نهلة إمام الأستاذ بأكاديمية الفنون، بحضور الدكتور احمد مرسي رئيس الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم؛ وزير الثقافة، إن تسجيل الاراجوز بقائمة الصون العاجل للتراث غير المادى يعد انجازًا جديدًا للجهود الرامية إلى الحفاظ على الموروثات الشعبية الغير ملموسة، كما يعد نصراً غالياً فى ميدان حماية الهوية.
وأشارت إلى أن تسجيل الأراجوز، يأتى بعد عامين من تسجيل فنون التحطيب الفرعونية بذات القائمة.
وأضافت عبدالدايم، أن التراث المصري يزخر بالعديد من الملفات التي تسعى الثقافة لتسجيلها بقائمة اليونسكو خلال الفترة المقبلة، مثمنة جهود وفد مصر في إعداد الملف وعرضه وحتى اعتماده.
كما وجهت وزير الثقافة، التحية للخارجية المصرية لتعاونها مع الثقافة فى إقناع الأعضاء بالتصويت لصالح الطلب المصري الذي تم اعداده خلال مارس 2017، وشمل العديد من الاسانيد الهامة الى جانب الانجازات التى تمت لإعادة احياء هذا الفن.
يذكر أن، وزارة الثقافة المصرية نجحت في تسجيل فن التحطيب كتراث مصري غير مادي في نوفمبر عام 2016 سبقه ادراج السيرة الهلالية عام ٢٠٠٨ ليصبح فن الدمى اليدوية التقليدية "الاراجوز" هو الثالث بقائمة الصون العاجل للتراث بمنظمة اليونسكو .
الاراجوز
اختلف الباحثون في تفسير كلمة الأراجوز فمنهم من ردها الي اصل فرعوني بمعني صانع الحكايات ومنهم من فسرها علي الاصل العامي، ومنهم من فسرها على أساس أنها تحريف لقراقوش الآن، ويجتمع بعض الباحثين على أن كلمة "القراجوز" من أصل تركي.
لعب الأراجوز فى مصر دورا بارزا فى الحياة العامة، وظل يحتل لعدة قرون جانبا كبيرا من فكر كل عصر وهو أحد مصادر تشكيل الوعى، وهو فن عمره سبعة آلاف عام تلقفه جيل بعد آخر ولذلك فدائما ما تجده محفوظا فى الذاكرة المصرية، هذه العروسة الشعبية التى تعلق بها الكبار قبل الصغار والتى هى من أشهر الدمى الشعبية فى مصر.
وبالرغم من انحسار فن الأراجوز فى الآونة الأخيرة إلا أن شهرته ما زالت كما هى، فهو لدية القدرة على انتقاد الواقع فى إطار من التهكم والسخرية وعلى الرغم من المبالغة فى السخرية التى يعرضها إلا أنه سرعان ما يعيدنا إلى أرض الواقع.
أسطورة الأراجوز
تشير بعض الروايات إلى أن فن الأراجوز، الذي ينتمي بالضرورة إلى فن العرائس من خلال أسطورة تقول: "إن السلطان "أوخان" العثماني الذي تولى العرش في العام 1236 أمر ببناء جامع في مدينة "بورصة" بعد فتحها وكان بين العمال الذين يعملون في البناء عاملان يدعى أحدهما "قره قوز" والثاني "حاجي واد" وكلاهما يملك من خفة الدم والمرح والفكاهة ما يجعلهما يقومان بحركات طريفة وفكاهات هزلية جعلت العمال يلتفون حولهما لمشاهدة ما يقومان به من ألعاب مسلية تاركين العمل مما جعل حركة البناء بطيئة.
ولما سأل السلطان عن ذلك أخبروه فأمر بحضورهما ورأى منهما ما أسعده بعد أن مثلا أمامه، ولكنه أمرهما أن يقلعا عن هذا حتى لا يتعطل البناء، إلا أنه بعد فترة لاحظ بطء العمل بسببهما، فقام بإعدامهما... وإن كان ندم بعد ذلك وحزن كما تشير الرواية.
وكان في مدينة بورصة بتركيا رجل يدعى "الكُشتري" أراد أن يُسري عن السلطان ويذهب عنه حزنه، فعكس خيال كل من "القره قوز" و"حاجي واد" على ستارة بيضاء، ونجح في تسلية السلطان، وهكذا قام أرباب هذا الفن بتشخيص هاتين الشخصيتين بمحاوراتهما الفكاهية بهذه اللعبة الظلية".
فن عالمي
وفي مطلع القرن السابع عشر أصبح مسرح العرائس فناً عالمياً، وفي القرن الثامن عشر شُيدت المسارح التي تقدم عروضه بصفة مستمرة بعد أن أصبح لهذا الفن جمهور عريض، وكانت الأسر الميسورة تستقدم فناني العرائس إلى قصورها لكي يشاهد صغارهم هذه العروض.
كما كانت الجبهات الحربية أيضاً لا تخلو من فناني العرائس للترفيه عن الجنود في أوقات فراغهم وإشعال الروح الوطنية فيهم، وشهد القرن التاسع عشر انتعاشاً كبيراً لهذا الفن، وتكونت فرق تتجول في العواصم والبلدان المختلفة، وشيدت باريس استديوهات ضخمة لإنتاج العرائس.
وواصل فن الأراجوز ازدهاره على خشبات المسارح، وإن كان تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
ومع مطلع العام الحالي ظهرت فرقة تسمى "ومضة" تقدم عروض الأراجوز في الشارع المصري والأحياء الراقية، وقامت بإنتاج أربعة أفلام تسجيلية، منها "أكل العيش" الذي يتحدث عن الحياة الاجتماعية للاعبي الأراجوز، و"حسن خنوفة في الظل" الذي يتحدث عن آخر لاعبي خيال الظل، و"السجل" الذي يسجل فقرات للاعبي الأراجوز مثل صابر شيكو ومحمد كريمة.
كما أقامت الفرقة ورشاً فنية للأراجوز وخيال الظل، وتميزت عروضها من خيال الظل والأراجوز بالتباين في طريقة التناول، ففي حين ينهل الأراجوز من التراث، نجد خيال الظل في المزج بين التراث والواقع المعيش، حيث يستمد من التراث شخصيات "الملك الأراجوز و"الأمير وصال بن دانيال".