«إمبراطورية الدم».. كتاب يكشف حقيقة الوجود التركي في المنطقة العربية
ما بين سطور الماضي الذي تثير عواصفه رمال الحاضر المحتقن في صحاري العرب، صدر حديثًا للكاتب والباحث الدكتور أسامة السعيد؛ مدير مركز أخبار اليوم للتدريب والاستشارات، كتابه "إمبراطورية الدم" عن السلسلة الثقافية لكتاب اليوم.
ويكشف الباحث د. أسامة السعيد، بين سطور كتابه وفصوله حقائق الوجود التركي في المنطقة العربية عبر قرون.
ويشير المؤلف، إلى أنّ الكتاب حافل بالحقائق التاريخية وانعكاساتها على أرض الواقع، وبخاصة حقائق الممارسات التاريخية التركية في إهدار دماء العرب واستنزاف ثرواتهم، والتضحية بهم في مغامراتها الخاسرة على الساحة الدولية، وكيف يعيد أردوغان اليوم تلك الممارسات التاريخية الدموية في بلداننا العربية، تحت ستار العثمانية الجديدة.
ومن جهته، يقول علاء عبدالهادي؛ رئيس تحريركتاب اليوم، في افتتاحية الكتاب: إن أردوغان يسعى إلى استعادة دور "الباب العالى" الذى كان يحج إليه الولاة بحثاً عن رضا خليفة المسلمين، ويجزلون له العطاء، كما يبحث اليوم عن عطايا بلاد الإسلام فى شمال العراق، وشمال سوريا، والآن فى ليبيا.
وأضاف رئيس تحرير كتاب اليوم: "لكن مشروعه يصطدم بمصر التى وقفت فى حنجرته لأنها عصية على البلع أو الهضم، فراح يترصد مشروع إعادة بناء مصر القوية العفية، لأنه يصطدم مباشرة بمشروعه التوسعى على حساب دول المنطقة".
وتابع: "لمعرفة قصة هذه الإمبراطورية التى يسعى أردوغان إلى بعثها من جديد، تأتى أهمية هذا الكتاب الكاشف للتاريخ الحقيقى للإمبراطورية العثمانية".
يتضمن كتاب "إمبراطورية الدم" 10 فصول تتناول تاريخ الوجود التركي في المنطقة العربية على مدى 5 قرون منذ الغزو العثماني للمنطقة في ١٥١٦، وانعكاسات ذلك التاريخ.
وبالأدلة التاريخية، يناقش الكتاب العديد من الأفكار التي روجتها العثمانية الجديدة والتيارات الإسلامية المتحالفة معها حول حقيقة الوجود التركي في المنطقة، ومن بينها أن سيطرة الدولة العثمانية على المنطقة العربية كانت "فتحاً"، وهو ما يتناقض مع مفهوم الفتح الذي أرساه الإسلام للأراضي التابعة لدول وشعوب غير مسلمة، إضافة إلى أن الحكم العثماني كان يتنافى مع مفهوم "الخلافة"، وهو المفهوم الذي جرى ترويجه على نطاق واسع من جانب القوى الإسلامية، في محاولة لاستغلال المكانة الروحية التي يثيرها هذا المفهوم في وجدان ملايين المسلمين، ويفند الكتاب بالأدلة التاريخية زيف تلك المزاعم العثمانية.
ويخصص الكتاب فصلاً كاملاً لتناول علاقة العثمانيين بالقضية الفلسطينية، وهي القضية التي يشير إلى أنها واحدة من أكثر القضايا التي تم استغلالها لدغدغة مشاعر ملايين المواطنين العرب، من خلال اتخاذ مواقف تركية حماسية ضد إسرائيل في العلن، في مقابل سياسات وتفاهمات تركية - إسرائيلية، دفعت بالعلاقات الثنائية إلى مرتبة العلاقات الاستراتيجية، وأصبحت بموجبها أنقرة، وفي ظل حكم حزب العدالة والتنمية هي الشريك الأكبر تجاريًا وعسكريًا لتل أبيب.
ويوضح الكتاب أن موقف أردوغان وإصراره على تعزيز التعاون مع إسرائيل، ليس سوى امتداد لتاريخ طويل من العلاقات الحميمة بين الأتراك والإسرائيليين، فقد كانت تركيا ثاني دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بالدولة الصهيونية، وذلك عام ١٩٤٩، إضافة إلى إنحياز تركيا للعلاقات مع إسرائيل على حساب العلاقات العربية.
كما يكشف الكتاب عن حقيقة التواطؤ العثماني مع الحركة الصهيونية وتورط الباب العالي في بيع الأراضي التي أقامت عليها الحركة الصهيونية العديد من المستوطنات الأولى على الأراضي الفلسطينية.
واستعرض الكاتب في أكثر من موضع بالكتاب طبيعة العلاقة بين تركيا ومصر عبر مراحل تاريخية مختلفة، وكيف كانت مصر هدفا دائما لتآمر الأتراك، ومحاولة القضاء على الدور المصري في المنطقة، أو على الأقل تهميشه، وذلك من خلال التآمر بصور مختلفة على مصر وطمس شخصيتها القومية.
ويتطرق الكتاب إلى استعراض العديد من الحقائق التي تمثل إضاءة مهمة لمجريات الأحداث المعاصرة، وبخاصة ما يتعلق بالدور التركي في التآمر على مصر في قضية مياه النيل منذ عام ١٩٥٨ والدور التركي في مساندة رفض تمويل إنشاء السد العالي، مرورا بالتآمر مع أثيوبيا آنذاك لحرمان مصر من مياه النيل، وصولا إلى التعاون التركي الحالي مع أديس أبابا لإنشاء سد النهضة، وتعطيش مصر، تماما كما فعلت في مشروعات السدود على نهري دجلة والفرات للتحكم في حياة سوريا والعراق.
وأوضح الكتاب، أنه أراد أن يكون الكتاب محاولة لاستعادة الوعي، واستدعاء التاريخ لفهم بعض حقائق الواقع، لنعرف حقيقة المعركة التي تجري على أرضنا العربية، وحجم ما يحاك لنا، وأبعاد الهاوية الذي يريدون أن تنزلق إليها المنطقة.