بخصوص العنف.. عندما يفقد العالم إنسانيته
يستعرض فيلم "بخصوص العنف" مكافحة عددٍ من الدول الأفريقية للاستعمار، ويلقي الضوء بشكلٍ كبيرٍ على بشاعة الاستعمار، وكيف تم استغلال هذه الدول وثرواتها، والموارد الخام بهذه الدول من ذهب وماس وبترول، كانت سببًا في تضخم ثروات أوروبا على حساب أهالي هذه المستعمرات الذين ازدادوا فقرًا وبؤسًا وجهلاً.
عرض الفيلم خلال مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، وهو إنتاج سويدي أمريكي مشترك من إخراج جوران هوجو أولسون.
استعان الفيلم بلقطات أرشيفية تم تصويرها بعدد من الدول الأفريقية، منها موزمبيق وبوركينا فاسو وغيرها من الدول في الفترة ما بين عامي 1966، و1987، ليوضح بشاعة الاستعمار الأوروبي لهذه الدول وسرد قصص وحكايات المقاومة ومكافحة الاستعمار من قبل هذه الدول.
استخدم مخرج الفيلم تقنية التقريب للصورة والبعد zoom in،zoom out بشكل كبير لتسجيل تعبيرات الأوجه التي توحي بالحزن والألم من هول الدمار والقتل المنتشر والمحيط بهم، كما اعتمد على اللقطات القريبة بشكل كبير close up للجنود وأفراد المقاومة لتوضيح بشاعة الاستعمار، وما نتج عنه من كوارث، كما التقط صورًا قريبة لبعض الأطراف المقطوعة لأطفال ونساء بسبب القنابل والقصف على القرى لكبح زمام المقاومة هناك.
صورت العديد من المشاهد بواسطة الكاميرا المحمولة portable camera وخاصة مشاهد المعارك بين الثوار وبين المستعمرين لهذه الدول، كما استخدم المخرج حركات الكاميرا بشكل كبير ومنها حركة الـpan، أي الحركة الاستعراضية لتصوير مشاهد المعارك أو أثارها، كما استخدم حركة tracking لتصوير طوابير من أهالي البلاد المستعمرة وعليهم علامات الفقر والجوع والألم.
الموسيقى التصويرية كانت أهم أحد العناصر التي اعتمد عليها المخرج وكانت مناسبة جدًا للفيلم والأحداث التي يعرضها، كما استعان في بعض المشاهد بالموسيقى الحية، ومزج المخرج بين اللقطات الأرشيفية المصاحب لها التعليق الصوتي، والحوارات والمقابلات الحية سواء مع بعض أهالي هذه البلاد أو حتى رؤساء هذه الدول، مثل رئيس دولة بوركينا فاسو الأسبق.
الفيلم بشكل عام قدم صورة واقعية صادمة لحقيقة الاستعمار لهذه الدول وما أحدثه من خراب ودمار هائل، وكيف فقدت أوروبا إنسانيتها وخلقت عالمًا مليئًا بالعنصرية والجشع والاستغلال، وكيف أن أوروبا التي نراها الآن هي صنيعة العالم الثالث بموارده الطبيعية والبشرية، وكيف أن العنف أصبح هو السبيل الوحيد أمام أبناء الدول المستعمرة للخلاص.
وقدم المخرج بنهاية الفيلم رسالة مفادها بأنه يجب على أهالي الدول التي تمكنت من الاستقلال من الاستعمار أن تعمل على بناء نموذج ومفهوم جديد للعالم بعيدًا عن النموذج الأوروبي الذي نشأ على الاستغلال والقمع وعدم الإنسانية.
اقرأ أيضًا:
مخرج اجرى والجبل: ليس بين المصريين والأتراك مشاكل
تزوج.. فانتازيا ساخرة من مجتمع بن على قبل الثورة التونسية
الإسماعيلية">الجزيرة الوثائقية تغيب عن مهرجان الأفلام التسجيلية بالإسماعيلية