المونيتور: كيف نجحت الحكومة المصريّة في تقويض الموجة الثانية من مظاهرات الأرض؟

مظاهرات جمعة الأرض

حملات قبض مكثّفة شنّتها قوّات الأمن المصريّة منذ مساء الخميس 21 أبريل هدفها وأد الموجة الثانية من الحراك الشعبيّ الميدانيّ، احتجاجاً على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى الملكة العربيّة السعوديّة.

 

أصدرت 16 منظّمة حقوقيّة، أبرزها المبادرة المصريّة للحقوق الشخصيّة ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، بياناً مشتركاً، عبّرت فيه عن رفضها الشديد لحملات القبض التي قامت بها قوّات الأمن، مؤكّدة أنّ الشرطة ألقت القبض على 100 شخص على الأقلّ في 8 محافظات.

 

ووصف البيان حملات الضبط بأنّها محاولة للتخويف ومنع أيّ مظاهرات في 25 أبريل.

 

وفي الصدد نفسه، كذّبت الرئاسة المصريّة خبراً نشرته جريدة الشروق في 20 أبريل عن اجتماع في الرئاسة قال فيه الرئيس عبدالفتّاح السيسي إنّه لن يقبل بتكرار مشهد مظاهرات "جمعة الأرض"، فيما وعد السيسي خلال كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ34 لتحرير سيناء، بمواجهة حازمة لأيّ محاولات لما وصفه بالخروج على القانون والمساس بمؤسّسات الدولة.

 

يوم الإثنين في 25 أبريل تمركز عدد كبير من الشرطيّين بلباس رسميّ ومدنيّ أغلقوا محيط نقابة الصحافيّين تماماً وكثّفوا تواجدهم في شارع التحرير في الدقي، وهي المناطق التي أعلنت حملة "مصر مش للبيع" أنّها ستكون نقاط تجمّع للمظاهرات. وقد بدا على الشرطيّين التحفّز الشديد والاستعداد إلى ضبط كلّ من يشتبهون بعزمه على المشاركة في المظاهرات.

 

"حالة الاستنفار الأمنيّ الشديدة دفعتنا إلى تغيير مكان التجمّع"، هذا ما يقوله الناشط السياسيّ مصطفى راغب، الذي يضيف أنّه وآخرين كانوا يخطّطون للتجمّع في منطقة البحوث في شارع التحرير طبقاً للخريطة المعلنة للمظاهرات، لكنّ التواجد الأمنيّ المكثّف جعلهم ينقلون تجمّعهم إلى منطقة ناهيا القريبة من البحوث، إلّا أنّ الأمن فضّ عشرات المتظاهرين بعد تجمّعهم بدقائق مستخدماً قنابل الغاز المسيل للدموع ورصاص الخرطوش.

 

وأعلنت الداخليّة المصريّة في بيان أصدرته مساء الأحد في 24 أبريل أنّها سوف "تتصدّى بمنتهى الحزم والحسم لأيّ أعمال يمكن أن تخلّ بالأمن العام، وأنّه سوف يتمّ التعامل بكلّ قوّة مع أيّ محاولة للتعدّي على المنشآت الحيويّة والهامّة أو للإضرار بالمنشآت والمرافق الشرطيّة".

 

وأكّد راغب أنّه قرّر التظاهر على الرغم من حملات الضبط المكثّفة التي تعرّض إليها زملاؤه قبل المظاهرات وأثنائها، مشدّداً على أنّ الحراك الميدانيّ والمظاهرات المستمرّة هي الوسيلة الأفضل لإعلام السلطة بأنّ هناك معارضين لسياساتهم في الشارع المصريّ، مثلما حدث بنزول الآلاف في مظاهرات "جمعة الأرض" في 15 أبريل.

 

وسمح الأمن لمؤيّدي السلطة فقط بالتواجد داخل الميادين كالتحرير ومحيط نقابة الصحافيّين. وقد نزل هؤلاء المؤيّدون بحجّة الاحتفال بذكرى تحرير سيناء، ولكنّهم رفعوا أعلام السعوديّة وعبّروا عن تأييدهم الإدارة المصريّة في قرارها بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعوديّة.

 

وتساءل راغب: "منذ متى والمصريّون يحتفلون بعيد تحرير سيناء في الشوارع"؟ واختتم قائلاً: "لا يوجد سبب واحد يمنعني من التأكيد أنّ هؤلاء المحتفلين مدفوعون من قبل بعض المحسوبين على السلطة ومأجورون منهم".

 

وأكّد أحمد حسين، وهو طالب جامعيّ عشرينيّ، أنّه علم قبل نزوله إلى التظاهر بإغلاق الأمن نقاط التجمّع كافّة ومحاصرتها، وأنّ هناك تجمّعاً للتظاهر في ميدان المساحة في الدقي.

 

"كنّا نزيد عن 500 متظاهر في ميدان المساحة"، يقول حسين الذي يضيف أنّ المتظاهرين على الرغم من علمهم بمحاصرة قوّات الأمن للميدان تجمّعوا مردّدين هتافات "عيش حريّة الجزر دي مصريّة"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، ولكن سرعان ما دخلت قوّات الأمن الميدان وفضّت التجمّع، مستخدمة قنابل الغاز.حسب صحيفة المونيتور الأمريكية.

 

وأضاف حسين أنّه لجأ إلى أحد الشوارع المؤدّية إلى الميدان للهروب من قبضة الأمن ومعاونيهم ممّن وصفهم بـ"البلطجيّة"، مشيراً إلى تمكّن الأمن من ضبط العشرات ومحاصرة ما يزيد عن 100 متظاهر في مقرّ حزب الكرامة المطلّ على الميدان، وقد أنهى الأمن ذلك الحصار بعد تدخّل عدد من الشخصيّات السياسيّة أبرزها القياديّ اليساريّ جورج إسحق.

 

وأعلنت الداخليّة المصريّة عن ضبط 270 متظاهراً في محافظات القاهرة والجيزة في 25 أبريل، فيما نشرت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، قائمة ببيانات المضبوطين ضمّت 239 متظاهراً بينهم صحافيّون وناشطون وأعضاء في أحزاب سياسيّة.

 

الصحافيّ الشابّ عاصم محمّد، احتجزه الأمن مرّتين، الأولى كانت عشيّة اليوم المحدّد للمظاهرات في شارع البحر الأعظم في الجيزة، والثانية كانت في ميدان رمسيس وسط القاهرة عصر الإثنين.

 

يقول عاصم إنّه تعرّض إلى الضرب من قبل الشرطيّين الذين احتجزوه في المرّة الأولى، على الرغم من إبراز هويّته الصحافيّة، وتمّ تفتيش هاتفه المحمول ومراجعة ما ينشره عبر حسابه الشخصيّ على فيسبوك، وأخلي سبيله بعد ذلك.

 

وعقب احتجاز الأمن له للمرّة الثانية، تمّ اقتياده إلى إحدى سيّارات الترحيلات والكشف عن صحيفة حالته الجنائيّة والتحفّظ على هاتفه المحمول، إلّا أنّ ضابط برتبة رائد يعمل في جهاز الأمن الوطنيّ أخلى سبيله، وأعاد إلى عاصم هويّته وهاتفه، بعد تدخّل صحافيّين زملائه.

 

وأعلنت قوّات أمن محافظة القاهرة القبض على 15 شخصاً في محيط ميدان رمسيس، بعد تفتيش هواتفهم المحمولة، وقال مصدر أمنيّ لصحيفة الشروق إنّ مراسلات عبر تطبيق "واتس آب" أوضحت محاولة المضبوطين حشد المتظاهرين.

 

وبحسب المادّة 57 من الدستور المصريّ، فإنّ الحياة الخاصّة لها حرمة، وهي مصونة لا تمسّ، وللمراسلات البريديّة، والبرقيّة، والإلكترونيّة، والمحادثات الهاتفيّة، وغيرها من وسائل الاتّصال حرمة، وسرّيتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطّلاع عليها، أو مراقبتها إلّا بأمر قضائيّ مسبّب، ولمدّة محدّدة.

 

وقال رئيس الشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد إنّ من ألقي القبض عليهم منذ 21 وحتّى مساء 26 أبريل تجاوزوا الـ400 شخصاً، مؤكّداً أنّ جهود المحامين الحقوقيّين أثمرت عن الإفراج عن نحو 150 محتجزاً، بينما لا يزال هناك ما يزيد عن 240 محتجزاً في يدّ الأمن.

 

وأكّد تعرّض المحامين الحقوقيّين إلى تضييقات أمنيّة خلال محاولتهم الإفراج عن المحتجزين.

 

وعن مظاهرات 25 أبريل، قال عيد إنّها حقّقت هدفها السياسيّ بإيصال رسالة إلى السلطة بأنّ المعارضة المدنيّة السلميّة ما زالت موجودة ومؤثّرة، على الرغم من سعي السلطة إلى تقويضها، مستخدمة إحكام القبضة الأمنيّة.

 

وأكّد عيد أنّ المحامين والناشطين الحقوقيّين كشفوا عن أنّ مظاهرات المؤيّدين مدفوعة من بعض المحسوبين على السلطة ومأجورة منهم، بدليل رصد توزيع بعض الوجبات الغذائيّة على المشاركين في تظاهرات التأييد، مشيراً إلى أنّ الدولة فقدت الكثير من شعبيّتها بالفعل، وتستعين الآن بمأجورين.

 

اقرأ أيضًا:

 

شاهد..تشييد منصة للمتظاهرين بجوار مصطفى محمود شاهد..بصور السيسي وأعلام مصر..تظاهرة بمصطفى محمود اﻹيكونوميست: السيسي لم يتعلم الدرس من 25 يناير ممدوح حمزة: حلم إسرائيل أصبح حقيقة بسبب "تيران وصنافير" حفظ البلاغات المقدمة ضد "السيسي" بسبب تيران وصنافير ممدوح حمزة: "تيران وصنافير" ذاهبتان إلى إسرائيل حسن هيكل: علاقة السعودية بإسرائيل في العلن ولا تحتاج "تيران وصنافير"

مقالات متعلقة