في ظل احتفال مجلس النواب المصري بذكرى مرور 150 عاما على تأسيسه، ينتظره خلال دور الانعقاد الثاني والذي بدأ في الرابع من أكتوبر الجاري، عدد من القضايا الهامة التي تستوجب الفصل في بعضها، وستشهد الأخرى جدلا واسعا تحت قبة البرلمان.
وعقب انتهاء البرلمان من الاحتفالية، وإجراء الانتخابات على لجانه النوعية، سيبدأ مهمة تشريعية كبيرة تحمل تحديات مختلفة منها تنفيذ الحكم الصادر ببطلان عضوية أحمد مرتضى منصور، ومناقشة قضية تيران وصنافير، وقوانين الإدارة المحلية، والإعلام الموحد، وقانون الإيجارات القديمة.
أحمد مرتضى والشوبكي
شوط طويل من الصراع بين أحمد مرتضى منصور وعمرو الشوبكي حسم قضائيا لصالح الأخير، بعد أن قضت محكمة النقض ببطلان عضوية نجل مرتضى وتصعيد الشوبكي في يوليه الماضي، إلا أن مجلس النواب امتنع عن تنفيذ الحكم، معللا بأهمية انتظار نتيجة الالتماس المقدم من أحمد مرتضى على الحكم، وهو الالتماس الذي رفضته المحكمة في 19 سبتمبر الماضي، للترك البرلمان في معترك تنفيذ القرار أم لا.
الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، أكد أن مجلس النواب وعلى رأسه الدكتور علي عبد العال لا مفر لهم من تنفيذ حكم محكمة النقض فور عودة البرلمان من احتفالية مرور 150 عاما على تأسيسه، وإلا سيكون البرلمان ممتنع عن تنفيذ الحكم وسيواجه العقوبات المنصوص عليها في قانون الإرهاب.
وشدد الفقيه الدستوري، على أن حكم النقض أصبح واجب النفاذ بشكل بات، عملا بنص المواد 123 من قانون العقوبات، و100 من الدستور الحالي.
وتنص المادة 123 من قانون العقوبات على "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة ".
وتنص المادة 100 من الدستور على "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذى ينظمه القانون. ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين، جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة. وعلي النيابة العامة بناءً على طلب المحكوم له، تحريك الدعوي الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله".
المحليات
فتنة كبيرة أثارها قانون الإدارة المحلية المقدم من الحكومة والذي يناقشه مجلس النواب في الوقت الحالي، وذلك في عدد من البنود ومنها مسألة ضم المجتمعات العمرانية الجديدة للإدارة المحلية من عدمه، إلى جانب صلاحيات المحافظ وفقا للقانون.
الدكتور فريد زهران، رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، عبر عن تخوفه من تمرير قانون الإدارة المحلية ببنوده الحالية دون إجراء تعديلات عليها، معتبرا أنه تكريس للمركزية، بعكس ما يجب أن يحققه القانون من تحقيق سياسة الانتشار واللامركزية.
وتابع زهران: "هناك تضارب في الكثير من المواد داخل مشروع القانون المقدم من الدولة، فيما يتعلق بصلاحيات المحافظين والمجالس المحلية"، منوها إلى أنهم يعكفون على الانتهاء من قانون للمحليات لطرحه للنقاش داخل المجلس.
وأشار فؤاد عبد النبي، إلى أنه لا يوجد التزام دستوري على البرلمان لإقرار هذا القانون، وفقا لنص المادة 142 من الدستور، والمادة 228، والتي تنص على ضرورة إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات لأنها الجهة المنوط بها هذا الأمر.
وذكر أن صدور قانون الإدارة المحلية قبل قانون تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات لن يشكل أي فارق، وسيكون قانونا معطلا لحين تشكيل هيئة الانتخابات.
الإيجارات القديمة
يمثل قانون الإيجارات القديمة أزمة حقيقية داخل الشارع المصري ما بين المالك والمستأجر، وهو القانون الذي لم تقترب منه جميع البرلمانات السابقة، والذي يضعه البرلمان على أجندته التشريعية خلال دور الانعقاد الثاني، وتعمل عدد من الأحزاب على تقديم مشروعات قوانين له ومنها حزب الوفد.
النائب إيهاب منصور، عضو لجنة الإسكان داخل مجلس النواب، أوضح أنه لا مفر من تعديل قانون الإيجارات القديمة الذي يهدر على مصر ثروة ضريبية كبيرة للغاية، ويشكل أزمة قائمة تهدد أرواح السكان.
منصور، لفت إلى أن لجنة الإسكان في البرلمان ستعمل على عقد جلسات استماع لكلا الطرفين المالك والمستأجر، من أجل وضع قانون عادل يعطي لكل منهما حقه.
وأكد منصور أن قانون الإيجارات القديمة مهمة صعبة للغاية على البرلمان الحالي، لكنه ضرورة لا يمكن السكوت عنها، وخاصة أن هذا البرلمان يأتي بعد ثورتين طالبتا بالحرية والعدالة الاجتماعية.
العدالة الانتقالية
يشكل قانون العدالة الانتقالية إشكالية تواجه البرلمان في دور الانعقاد الثاني، وكان من المتوقع أن يتم إقراره خلال الفصل التشريعي المنتهي من عمر المجلس، وفقا لحديث إيهاب منصور، والذي أوضح أن القانون يمثل أولوية لدى مجلس النواب.
وأشار إلى أن هناك محاولات لتعطيل إصدار القانون بدعوى أنه سيكون بوابة لعودة الإخوان المسلمين للحياة السياسية مرة أخرى، وفي الحقيقة هو قانون سيشمل كل طوائف المجتمع بما فيهم شهداء 25 يناير و 30 يونيو.
اتفاقية تيران وصنافير
وصلت أزمة قضية تيران وصنافير ذروتها بعد حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الصادر بتاريخ 29 سبتمبر الماضي، والذي نص على وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر بتاريخ 21 يونيو الماضي، والذي قضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وإعلان تبعية الجزيرتين للدولة المصرية.
هذا الخلاف القانوني الدائر حول مصرية أو سعودية الجزيرتين سوف ينتقل إلى قاعات مجلس النواب، والذي أكد النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30 البرلماني، أن نص الاتفاقية لم يصل إلى البرلمان حتى الآن لكي يبدأ مناقشتها.
وأوضح الحريري، لـ "مصر العربية"، أن هذه الاتفاقية تمثل عبء على مجلس النواب نظرا لخطورتها الشديدة وحالة الرفض الشعبي الواسع لها، وإصرار الدولة على التنازل عن الجزيرتين، أو نقل تبعيتهما للمملكة العربية السعودية.
الإعلام الموحد
أثار قانون الإعلام الموحد جدلا كبيرا، ما بين مؤيد للقانون ومعارض له فيما يتعلق بمواد هذا القانون وهل ستكون محاولة من الحكومة لتقييد حرية الإعلام والصحافة، أم سيحمل نتائج إيجابية لوضع المهنة في مصر.
وأوضح النائب محمد سلامة الجوهري، عضو مجلس النواب عن المصريين الأحرار، أن هناك حاجة ماسة إلى إصدار قانون الإعلام الموحد لضبط الأداء الإعلامي الذي أصابه العديد من الاخطاء في الفترة الماضية.
وأكد الجوهري، لـ "مصر العربية"، أن الإعلام له أهمية خطيرة جدا في توجيه الرأي العام داخل مصر فهو الآلية التي يمكن من خلالها توصيل رسالة الأنظمة لشعوبها.
وبين أنه لابد من وضع تحديد وتعريف واضح لمن يطلق عليه اسم إعلامي، حتى لا يترك المجال لحالة الهرج والمرج، نافيا أن يكون ذلك ماسا بحرية الصحافة والإعلام لكنه سيقنن أوضاع المهنة.
اقرأ أيضًا:
قانون الإيجارات القديمة.. الحق الذي لن يعود لأصحابه بكيان جديد.. إنقاذ الوفد تستعد لخوض انتخابات المحليات "محلية النواب" تقر المادتين "29 – 30” زكي بدر: صلاحيات غير مسبوقة للمحليات في القانون الجديد