دخلت خامس هدنة أممية في اليمن، حيّز التنفيذ، منتصف ليل الأربعاء/ الخميس، بالتوقيت المحلي، ولمدة 72 ساعة قابلة للتمديد.
ويأمل اليمنيون أن تمهد الهدنة لإطلاق خارطة سلام تنهي النزاع المتصاعد في بلادهم، منذ أكثر من عام ونصف العام.
والهدنة أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، فجر الثلاثاء الماضي، وذكر أنها تبدأ اعتباراً من الساعة 23:59 بالتوقيت المحلي (20.59 تغ) مساء 19 أكتوبر 2016، لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد.
وأعلنت الحكومة اليمنية والتحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، الداعم لها، الالتزام بالهدنة، وعلى نفس المنوال جاء إعلان جماعة "انصار الله" (الحوثي).
وإذا ما نجحت الهدنة في الحد من الأعمال القتالية، سيتم تمديدها لمدة 72 ساعة أخرى، على أن يعقبها إعلان المبعوث الأممي عن دعوة طرفي النزاع اليمني (الحكومة من جهة، والحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام "جناح الرئيس السابق، علي عبد الله صالح" من جهة أخرى) للالئتام مجددًا على طاولة مشاورات جديدة، وفق المصادر الحكومية.
ولا يُعرف أين ستقام الجولة المرتقبة، لكن الكويت أعلنت في وقت سابق، استعدادها لاستضافة الأطراف اليمنية.
لكن الكويت اشترطت أن تكون الاستضافة من أجل التوقيع على اتفاق سلام، وليس الدخول في مشاورات جديدة تشابه مفاوضات الـ90 يوما التي استضافتها من 21 إبريل/نيسان إلى 6 أغسطس الماضيين دون التوصل لأي نتائج ملموسة.
وهذه هي الهدنة الخامسة في عمر الحرب اليمنية، والتي تعلنها وترعاها الأمم المتحدة.
كما أنها الهدنة السادسة، إذا ما وضعنا في الحسبان الهدنة التي أعلنتها قوات التحالف العربي، في 25 يوليو (2015) من طرف واحد، ولم يلتزم بها الحوثيون.
وخلافا للهدن السابقة، يتوقع مراقبون أن تكون الصورة مختلفة نوعاً ما، خصوصا مع ضغوط دولية لحل النزاع وتحركات دبلوماسية طيلة الشهرين الماضيين، منذ رفع مشاورات الكويت الأخيرة.
وكانت أول هدنة في الحرب اليمنية، يوم 13 مايو 2015، حيث أعلنتها الأمم المتحدة، بموافقة أطراف النزاع وترحيب مجلس الأمن، لمدة خمسة أيام لفتح المجال أمام تقديم المساعدات الإنسانية للسكان، لكنها تعرضت لخروقات مبكرة في ساعاتها الأولى من قبل الحوثيين، وفشلت.
وفي العاشر من يوليو 2015، أعلنت الأمم المتحدة عن هدنة جديدة في البلاد لكنها فشلت هي الأخرى، ولم تصمد في ساعاتها الأولى، حيث واصل الحوثيون وقوات صالح معاركهم في تعز (وسط) ومحافظات مختلفة، وردّت مقاتلات التحالف على تحركاتهم.
وفي 15 ديسمبر 2015، أعلنت الأمم المتحدة عن ثالث هدنة بالتزامن مع مشاورات "جنيف2" بين الأطراف السياسية، لكنها هي الأخرى فشلت في تثبيت وقف إطلاق النار، حيث تقدمت القوات الحكومية في ميدي بمحافظة حجة (شمال غرب) وفي الجوف (شمال)، وتخوم صنعاء، فيما واصل الحوثيين قصفهم لمدن تعز ومأرب.
وفي 10 إبريل الماضي (2016)، أعلنت الأمم المتحدة عن هدنة قبيل الدخول في مشاورات السلام التي استضافتها الكويت لنحو 90 يوما.
وعلى الرغم من نجاح تلك الهدنة في الحد، بشكل كبير، من الأعمال القتالية باليمن بالتزامن مع سير أعمال المشاورات، إلا أنها تعرضت للانهيار بشكل كبير مع رفع المشاورات في 6 أغسطس الماضي، من دون تحقيق سلام، ما أدى إلى تصاعد غير مسبوق في القتال داخل الأراضي اليمنية وفي الشريط الحدودي مع السعودية.
ومن المتوقع أن ينتقل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، فجر اليوم الخميس، إلى الرياض، للقاء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والوفد الحكومي التفاوضي ومسؤولين سعوديين، وفقا لمصادر حكومية للأناضول.
وقالت المصادر، إن المبعوث الأممي سينتقل أيضا إلى مدينة "ظهران الجنوب" السعودية، جنوبي المملكة، والتي ستكون مقرا للجنة التهدئة والتنسيق المركزية التي ستقوم بالإشراف على وقف إطلاق النار، والتي وافق طرفي النزاع على تفعليها بعد تشكيلها في العاشر من إبريل الماضي الماضي.
وتتألف اللجنة المركزية، من قادة عسكريين موالين للحكومة والحوثيين وقوات صالح بالتساوي، ويتبعها لجان فرعية في 5 محافظات يمنية مشتعلة، هي "مأرب" و"حجة" و"الجوف" و"البيضاء" و"تعز".
ويشهد اليمن حربًا منذ قرابة عامين بين القوات الموالية للحكومة اليمنية من جهة، ومسلحي الحوثي وقوات صالح من جهة أخرى، مخلفة أوضاعاً إنسانية صعبة، فيما تشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني (80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات، وأسفر النزاع عن مقتل 6 آلاف و600 شخص، وإصابة نحو 35 ألف، وفقا لمنظمة الصحة العالمية،فضلا عن نزوح أكثر من ثلاثة ملايين يمني في الداخل.
ومنذ 26 مارس 2015، يشن التحالف العربي عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين وقوات صالح، استجابة لطلب هادي، بالتدخل عسكرياً لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية"، في محاولة لمنع سيطرة عناصر الجماعة وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على كامل اليمن، بعد سيطرتهم على العاصمة.