يضغط وزير الخارجية الإيراني على مصر- أكبر بلد سني تعدادا للسكان في منطقة الشرق الأوسط- من أجل حضور مباحثات مهمة حول سوريا عُقدت في مدينة لوزان السويسرية الأسبوع الماضي، وفقا لما أظهرته رسائل بريد إليكتروني اطلعت عليها صحيفة " جارديان" البريطانية.
وذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طلب بصفة شخصية من القاهرة أن تحضر المباحثات، في خطوة تثير على ما يبدو المخاوف من أن تكون إيران تخطط لاستمالة القاهرة وتغيير موقفها المؤيد للسياسة الغربية تقليديا في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أن المباحثات التي عقدها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في لوزان السبت الماضي فشلت في التوصل لاتفاق حول إستراتيجية مشتركة مع روسيا لإنهاء الصراع الدموي الدائر في سوريا الذي يدخل الآن عامه السادس.
وأوضحت رسائل البريد الإليكتروني أن ظريف طالب كيري بحضور وفد من القاهرة لمباحثات لوزان. وعندما اقترح كبير مباحثات سداسية، رد ظريف:" ولماذا لا تحضر مصر أيضا؟"
ووافقت طهران على حضور المباحثات فقط بمجرد ما يتم تأمين مكانين لوزيري الخارجية المصري والعراقي لتلك المباحثات. وتؤيد كلتا الدولتين موقف إيران الداعم للأسد، لكن توجه مصر هذا ذات مغزى لكونها البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي والشرق الأوسط.
وحرصت إيران أيضا على ألا يفوقها عددا التحالف المناهض للأسد والذي يضم تركيا وقطر والسعودية والولايات المتحدة، في مباحثات لوزان.
وبدأ الضغط على المسؤولين المصريين لحضور اجتماعات لوزان قبل أيام قلائل من الصدمة التي وجهتها مصر للرياض، الداعم المالي الرئيسي للقاهرة، عبر التصويت لصالح مشروع قرار روسي في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة حول التهدئة في سوريا، والذي يهدف لعرقلة مشروع قرار فرنسي أخر يطالب بإنهاء الهجمات الجوية الروسية على حلب.
وانتقد المندوب السعودي في الأمم المتحدة تصويت مصر لصالح قرار روسيا التي تناهض المعارضة السورية، قائلا إن موقف القاهرة "مؤلم" لتكون المرة الأولى التي يظهر فيها علنا خلاف بين مصر والسعودية منذ تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة قبل عامين.
ويختلف موقف مصر مع الموقف السعودي في التعامل مع الحرب الأهلية السورية التي بدأت قبل خمس سنوات حيث تعطي القاهرة الأولوية للحل الدبلوماسي ولا تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، بينما تدعم السعودية جماعات معارضة وترى أن رحيل الأسد جزء من حل الأزمة السورية.
وتدعم ايران الأسد المنتمي للطائفة العلوية الشيعية في مواجهة جماعات المعارضة. ويسود التوتر العلاقات عادة بين السعودية السنية وايران الشيعية. وقطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع ايران في يناير الماضي بعد اقتحام مقر سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد.
وقالت "جارديان" في تقريرها إن طهران تنظر إلى مصر - التي تعد أحد المراكز الثقافية في العالم العربي وموطنا لأكثر من ربع سكانه- باعتبارها عامل توازن في مواجهة العداء السعودي في الدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر بشأن مستقبل سوريا.
ونسبت الصحيفة لـ صديق جورباني الصحفي بوكالة "فارس" الإيرانية شبه الحكومية قوله في تغريدة عبر موقع التدوينات المصغر "تويتر "من المثير للاهتمام كيف أن السيسي يتجه تدريجيا من محور التحالف الأمريكي السعودي إلى محور التحالف الروسي الإيراني.
وتتأرجح علاقات القاهرة وطهران بين التوتر والتقارب منذ خمسينات القرن الماضي. ولا ترى إدارة السيسي في ايران عدوا ويعتبر محللون أن علاقات مصر مع طهران ترتبط بحسابات عالمية وإقليمية.
وأعلنت الرياض الشهر الجاري في أعقاب الخلاف بشأن سوريا، وقف إرسال شحنات بترولية لمصر كانت تعهدت بإرسالها شهريا للقاهرة لمدة خمس سنوات بشروط سداد ميسرة، دون إبداء أسباب. ولجأت مصر عقب القرار إلى مناقصات كبيرة لتوفير احتياجاتها من المواد البترولية.
وتشهد عادة العلاقات بين السعودية السنية وايران الشيعية توترا، وقطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع ايران في يناير الماضي بعد اقتحام مقر سفارتها في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد. وتسعى السعودية، في مواجهة النفوذ الايراني، إلى تشكيل تحالف سني في المنطقة مع تركيا ومصر.
لمطالعة النص الأصلي