اشتعلت المظاهرات من جديد في المملكة الأردنية الهاشمية احتجاجا على اتفاقية استيراد الغاز التي أبرمتها حكومة المملكة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر الماضي، الأمر الذي يثير مخاوف من تمدد تلك المظاهرات في جميع أنحاء المملكة وعدم السيطرة عليها بحسب مراقبين.
وعلى مدار أسابيع، شهد الأردن احتجاجات متواصلة بسبب اتفاقية الغاز، والتي أبرمها النظام الأردني مع الكيان الصهيوني، حيث احتشد مئات المحتجون أمام شركة الكهرباء الأردنية بالعاصمة عمان، رافعين لافتات تندد بالتطبيع مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي و"إعطاء شرعية للغاز المسروق من فلسطين، ورهن الاقتصاد الأردني لإسرائيل لعقود".
ووقعت الأردن وإسرائيل أواخر سبتمبر 2016 اتفاقية تستورد بموجبها عمّان الغاز الطبيعي من حقل "لفيتان البحري" قبالة السواحل الإسرائيلية.
وقالت الإذاعة الأردنية الرسمية حينها إن الصفقة "تنص على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدار 15 عاما بقيمة عشرة مليارات دولار
مخالف للدستور
واعتبرت لجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع الأردنية النقابية التي تأسست عام 1994 اتفاقية شراء الغاز من إسرائيل "غير شرعية ومخالفة للدستور".
بدورها قالت شركة الكهرباء الوطنية في بيان سابق لها إنها وقعت مع شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية المطورة لحوض غاز شرق البحر المتوسط اتفاقية تزويد 40% من احتياجات الشركة من الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء بالمملكة.
وخلال العامين الماضيين خرجت مسيرات بالعاصمة ترفض أية مفاوضات أردنية لاستيراد الغاز الإسرائيلي من الحقول الواقعة قبالة سواحل شرق البحر المتوسط لتلبية حاجة الطلب.
ويعتبر المعارضون لهذه الاتفاقية أنها ترهن سيادة الأردن، وتعطي اليد العليا لإسرائيل على أمنه ومستقبله على حد قولهم، ويرون أن الدولة كان أمامها بدائل تتمثل في استيراد الغاز من دول أخرى عربية.
بدائل استيراد الغاز
بدوره قال الناشط السياسي الأردني، أحمد المالكي، إنه لا يصح أن يربط الأردن أهم مصدر للحياة وهى الطاقة بإرادة عدونا، لافتاً أن دولة الاحتلال الصهيوني المزعومة ( إسرائيل) أصبحت تتحكم في السلاح والغذاء والدواء وغيرهم من مقومات الحياة وهذا أمر خطير على الأمن العربي ككل.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن إنتاج غاز الشركات الصهيونية سيبدأ في عام 2018 وهذا يعني أن تكاليف الحفر واستخراج الغاز سندفعها مقدماً من جيوب الشعب الأردني في ظل ارتفاع الأسعار والحالة الاقتصادية المتردية.
وأوضح أنه كان هناك بدائل أمام الحكومة الأردنية عن استيراد الغاز من إسرائيل ومنها اتفاقية الحكومة مع شركة "شل" لتوفير الأردن بالغاز المسال، عبر الأسواق العالمية مباشرة لميناء الغاز الذي تنفذه الحكومة الأردنية في محافظة العقبة.
وأشار إلى أن هناك أيضًا بديل كمحطات الكهرباء التي تعمل على الصخر الزيتي، وكمية الطاقة المتوفرة من هذا المصدر هائلة - اذ هناك 70 مليار طن من احتياط الصخر الزيتي بالأردن، كما أن مشاريع الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية الساقطة على أرض المملكة والتي تعتبر من أعلى المعدلات العالمية.
توقيت خطير
بدوره، قال محمود كمال الباحث السياسي بالمركز العربي الأفريقي، إنه معروف لدى الجميع أن الأردن لديه علاقات واسعة بين إسرائيل، لكن إبرام هذه الاتفاقية بين المملكة والكيان الصهيوني في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به المنطقة العربية من متغيرات خطيرة فيه سوء تقدير من النظام الأردني .
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن النظام الأردني استدرج ووقع في فخ هذه الاتفاقيات المشبوهة التي قطعا ستستخدمها قوى دولية في أي وقت لتكون شوكة في ظهر الأردن لتنفيذ ما يطلب منه على الرغم من أن الأردن لا يمانع في تنفيذ أي مطالب غربية.
وأوضح أن هذه الاحتجاجات قد تكون بداية الشرارة الأولى للتخلص من النظام الأردني، إذا ما تم استغلالها وتوسيعها في جميع أنحاء المملكة من قبل قوي داخلية وخارجية.