"حقيقة الثورة المصرية" تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" اﻷمريكية تقرير عن الثورة المصرية، وصعود جماعة اﻹخوان، وأسباب اﻹطاحة بها من الحكم، ومستقبلها خلال الفترة القادمة.
وفيما يلي نص التقرير..
الكلام المعتاد عن الثورة المصرية، أنه في فبراير 2011 تنحى الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد 18 يوما من الاحتجاجات قادها النشطاء والثوار في ميدان التحرير، انتهت فترته الرئاسية التي استمرت 30 عاما، ثم اختطفت جماعة اﻹخوان المسلمين الثورة، وسيطروا على الانتخابات البرلمانية، وأصبح أحد أعضاء الجماعة رئيسا للجمهورية، وبعد عام من فوزها بالحكم، نزل المصريون إلى الشوارع للتظاهر، ولكن هذا المرة ضد الجماعة، الجيش انقلب على الرئيس محمد مرسي وأطاح به، وعادت مصر إلى نقطة البداية التي كانت تعرفها منذ 6 عقود وهي الحكم العسكري.
في كتاب بعنوان "سقوط العرب" يطرح "إيريك تايجر" الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق اﻷدنى رؤيته لقصة صعود وسقوط جماعة اﻹخوان، حيث يؤكد أن الجماعة لم تختطف الثورة وكان لها وجود قوي جدا منذ البداية، فهي الجماعة الوحيدة التي كانت اﻷكثر تنظيما وقدرة على الوقوف أمام النظام القديم في صناديق الاقتراع.
كما أنه يرى أن تحرك الجيش ضد الرئيس مرسي لم يكن نتيجة حتمية لتصميمها على حرمان باقي الكوادر السياسية من المشاركة في هيكل السلطة، ولكن كان بسبب غياب رؤية الجماعة نفسها وعدم الكفاءة في التصدي للحشود التي نزلت إلى الشوارع للمطالبة بعزل مرسي.
"سقوط العرب" يستند في روايته على عشرات المقابلات مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين قبل وأثناء وبعد الثورة، فالكاتب لا يرى فقط أن اﻹخوان فشلوا في حكم مصر، وأنما أيضا واشنطن أخطأت في دعمها للجماعة، وفشلت في فهم أنهم لا يصلحون للحياة السياسية.
جماعة الإخوان هي أقدم وأكبر منظمة إسلامية في العالم، أسسها عام 1928 حسن البنا.
وقبل تنحي مبارك، أكد مدير الاستخبارات الوطنية اﻷمريكية جيمس كلابر أمام لجنة في مجلس النواب، أن مصطلح اﻹخوان المسلمين، مصطلح لمجموعة متنوعة من الحركات في مصر، وعي مجموعة غير متجانسة جدا، وعلمانية إلى حد كبير، وهنا بدأ البيت اﻷبيض مدركا أن نوعا كهذا من الحركات قد يحل محل مبارك، وفي 1 فبراير 2011، بعد أسبوع فقط من بدء الاحتجاجات ، أعلن الرئيس باراك أوباما أن تغيير النظام في مصر يجب أن يبدأ اﻵن.
في الشهور التي تلت الثورة، تعهد الإخوان بعدم الترشح للرئاسة أو الحصول على اﻷغلبية في البرلمان، كي لا تخيف هذه الإجراءات المصريين وتشعرهم بالقلق من أسلمة المجتمع، إلا أنَّ تعهدات الجماعة تلاشت في نهاية المطاف.
وعندما استبعد الخيار اﻷول للمرشح الرئاسي للجماعة، كان البديل جاهزا وهو محمد مرسي، كما كانت إدارة أوباما تعرف القليل عن الجماعة، كانت تعرف أيضًا اﻷقل عن مرسي، لكن بعض قيادات البيت اﻷبيض قالوا إنه معارض داخل الجماعة ومحب لسيد قطب، المفكر اﻹخواني الذي أعدمه نظام جمال عبد الناصر.
وبحلول موعد الانتخابات في 2012، كان من الواضح أن اﻹخوان تجاهلوا المعارضة، ومع توجه مرسي للسيطرة على الانتخابات، تفاجأ المسئولون اﻷمريكيون بفوزه، واعتبروا أن اﻹخوان لديهم رؤية سياسية حقيقة بغض النظر عن تراص الحكومة مع الجماعة.
ومن أجل دعم الاقتصاد المتعثر في مصر، قدمت حكومة مرسي مشروع النهضة الذي وعدت خلاله بخفض التضخم للنصف، وحماية الفقراء، ومضاعفة عدد اﻷسر التي تحصل على الضمان الاجتماعي.
ومع تراجع الاقتصاد، شرع مرسي في استهداف الصحافة، متهما عددا من الصحفيين بـ إهانة الرئيس" ، وفي نوفمبر 2012 اتخذ قرارات لم يجرؤ مبارك عليها، ثم اعتمد الدستور الذي صاغته الجماعة.
وخلال اﻷشهر التالية، بدأ فلول مبارك في التحريض على الاضطرابات، وشرعت الجماعة بتسليح أنصارها بالخوذات والعصي ووقعت اشتباكات بين الطرفين في الشوارع مهدت الطريق بشدة لتدخل الجيش في يونيو 2013، وبمجرد تدخل الجيش اعتقد اﻹخوان أن الاحتجاجات لفترات طويلة سوف تجبر النظام على الركوع، ويعود مرسي مرة أخرى.
مرة أخرى، أخطأ الإخوان بشدة، حيث يرى تايجر أن الجماعة بالغت في تقدير قوّتها، وقللت من حرص النظام على الجديد على سحقها.
واليوم بعد 3 سنوات، اﻹخوان أصبحوا قوة تتقلص إلى حد كبير، مع وجود الكثير من قياداتها وعناصرها في السجون أو طردهم أو قتلهم في ظل حكومة السيسي، ولكن هذا لا يعني انتهاء حركة عمرها 88 عاما بين عشية وضحاها، ولكن اﻷمر ربما يستغرق سنوات وربما عقودا، لكنها حتما ستستعيد أهميتها السياسية.