نشرت مجلة "تايم" اﻷمريكية تقريرًا عن المعاناة التي يعيشها المهاجرون اﻷفارقة في ليبيا، والتي وصلت حتى الاستعباد، وبيعهم بشكل يومي، مشيرة إلى أن ليبيا أصبحت حاليا "سوقا للعبيد".
وقالت المجلة، بالنسبة للمهاجرين من صحراء أفريقيا، ليبيا كانت الوجهة حتى قبل اﻹطاحة بمعمر القذافي عام 2011، وتحولت البلاد نفسها لقارب نحو القارة العجوز، الديكتاتور نصب نفسه باعتباره المشرف على القارة السمراء، فعندما كانت حركات التحرر تشتعل ضد القوى الاستعمارية، أرسل القذافي بالأسلحة والأموال، وعندما سعت الدول المستقلة حديثًا لتنظيم أنفسهم، اقترح تكوين عصبة الولايات المتحدة اﻷفريقية، الاقتراح لم ير النور لأسباب كثيرة.
وأضافت، لكن ليبيا لديها نفط، وبالتالي الكثير من المال، حتى أولئك الذين قدموا عبر الصحراء تمكنوا من الحصول على منافع كثيرة، أكثر من مليون أفريقي كانوا يعملون في ليبيا عندما أطيح بالقذافي عام 2011.
وذلك ليس كثيرا، ولكنه كافٍ لتأجيج مشاعر العداء ضدهم من السكان العرب في ليبيا، حيث استمر الكثير منهم يعتبرون السود أقل منهم، وفي عام 2000، قُتِل أكثر من 600 مهاجر أفريقي على يد الغوغاء في ليبيا، وهم يهتفون "يجب رحيل السود"، بحسب المجلة.
وأوضحت أن كل هذا مهد الطريق لما يحدث اليوم، منذ اﻹطاحة بالقذافي، لم تستطع أي حكومة السيطرة على البلاد، وملأت الجماعات المسلحة الفراغ السياسي، بما في ذلك الجماعات التابعة لتنظيم الدولة اﻹسلامية المعروف إعلاميًا "بداعش"، ولكن من حيث الاقتصاد، أصبحت ليبيا دولة بدائية، فبجانب النفط، يتم بيع البشر الآن.
ونقلت عن "نارسيسو كونتريراس" المصور الصحفي الشهير الذي قام بثلاث رحلات للبلاد هذا العام قوله: "جئت إلى ليبيا لتوثيق أزمة المهاجرين الإنسانية الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية .. ولكن في الواقع ما وجدته أن الذهاب في ليبيا يعني دخولك السوق".
وتظهر الصور التي التقطها كونتريراس، الرجال والنساء في المخازن، والسجون، والساحات، ومبجرد وصول المهاجر إلى ليبيا يأخذ مقتنياته، وفي نهاية المطاف يتم وضعه على متن قارب نحو أوروبا، ولكن هذا في كثير من الأحيان لا يحدث إلا بعد أشهر، وربما سنوات من العذاب في ليبيا. وبعد أن كان نصف المهاجرين ﻷوروبا يصلون إلى إيطاليا عن طريق ليبيا، أصبح يتم احتجازهم داخل البلاد وطلب فدية، بحسب دراسة جديدة من المنظمة الدولية للهجرة صدرت في أكتوبر الجاري، وأكثر من ثلث المهاجرين استمرت رحلتهم في ليبيا أكثر من ستة أشهر.
الرحلة تبدأ من المنزل الذي عادة ما يكون في غرب أفريقيا أو القرن الأفريقي، حيث يهرب الكثير من الاضطهاد السياسي في اريتريا، واثيوبيا، والصومال، والسودان.
أما أسباب الهجرة من غرب أفريقيا فتكون عادة لأسباب اقتصادية، تبدأ من السنغال، ونيجيريا، وساحل العاج، حيث يقوم المهربون بتهريب هؤلاء إلى ليبيا ثم ﻷوروبا مقابل مبالغ مالية .
وقالت حنان صلاح، الباحثة في هيومن رايتس ووتش:" لقد رأيت العنصرية على نطاق واسع جدا، وكراهية الأجانب في ليبيا.. فأصحاب البشرة السمراء يواجهون العنصرية بكافة أشكالها".
وبحسب كونتريراس، فإن المهاجرين في نهاية المطاف يقعون في أيدي المليشيات الذين تضعهم في مراكز الاعتقال، ويفعلون بهم ما يريدون.
وأضاف:" ما يحدث في ليبيا ليس مجرد تهريب مهاجرين.. إنها سوق كبيرة حيث يتم شراء المهاجرين وبيعهم على أساس يومي .. مراكز الاعتقال بمثابة نقاط التوزيع".
اسميا البلاد تحت سيطرة الحكومات المؤقتة، لكن المراكز تحت سيطرة المليشيات، وفقا لنشطاء حقوق الإنسان. في الماضي كانت البلاد مقصدًا للمهاجرين لأسباب اقتصادية، لكنها اﻵن تتاجر في اﻷفارقة، ويقول كونتريراس "إنه نوع من العبودية.. شيء من الماضي".
ونقل عن رشيد، الغاني الذي كان سائق سيارة أجرة في وطنه، قوله إن عجزه عن دفع فدية ﻹطلاق سراحه، جعلته ملكا لقائد إحدى الميليشيات.
وقال كونتريراس:" منذ 2011 كان الاقتصاد الليبي في تراجع مستمر.. لا يوجد مال في البنوك، والحياة صعبة للغاية والسوق السوداء مزدهرة جدا، الناس دفعت ثمنا باهظا".
الرابط اﻷصلي