بالفيديو| المقاومة الشعبية بالسويس.. ملحمة قهرت 100 يوم حصار

أبطال المقاومة الشعبية بالسويس

"إرادة مصرية ونكسة إسرائيلية".. هكذا وصف عدد كبير من الخبراء العسكريين وأساتذة التاريخ، يوم 24 أكتوبر من عام 1973، ذلك التاريخ الذي خُلِّد باسم المقاومة الشعبية لمحافظة السويس، وتناقلته الأجيال، تحكي ملحمته وتروي بطولاته.

 

بطولة شعب السويس، حقًا كانت من طراز خاص، إذ سجلت لنا صفحات التاريخ ملحمة عظيمة شارك فيها أفراد القوات المسلحة وأفراد الشرطة، لاسيما البطل الأساسي وهو أهالي المحافظة.

 

يقول لواء محمد عبد الغنى الجمسي رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 في مذكراته (حاول لواءان من فرقة أدان المدرعة اقتحام المدينة من الشمال والغرب بعد قصف بالمدفعية والطيران مدة طويلة لتحطيم الروح المعنوية للمقاتلين داخل المدينة).

 

وتابع: "ودارت معركة السويس اعتبارًا من 24 أكتوبر بمقاومة شعبية من أبناء السويس مع قوة عسكرية من الفرقة 19 مشاة داخل المدينة، ويصعب على المرء أن يصف القتال الذي دار بين الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية من جهة وشعب السويس من جهة أخرى وهو القتال الذي دار في بعض الشوارع وداخل المباني).

 

"مصر العربية" قابلت عددًا أبطال المقاومة الشعبية ليرووا قصص الفداء والبطولات.

 

 

الدبابات الإسرائيلية تقتحم السويس

يقول محمود عواد، كبير الفدائيين بالسويس "في مساء يوم 23 أكتوبر ونحن نستعد لتناول طعام السحور جاءتنا معلومة أن الصهاينة يتقدمون نحو السويس.

 

وأضاف: كان الفدائيون تحت قيادة الشيخ حافظ سلامة قد أعدوا كمائن في مواقع داخل شوارع ميادين السويس، ومع فجر يوم  24 أكتوبر بدأت القوات الإسرائيلية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة. "كانت خطة الفدائيين هي إدخال الصهاينة الشرك ثم محاصرتها.. بدت المدينة خاوية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لالتقاط الصور التذكارية.. وفجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان.

 

 

ابراهيم سليمان بطل المقاومة الشعبية في السويس شهيد على سور الأربعين

 

ويتابع عواد: "كان إبراهيم سليمان، صاحب أول قذيفة أطلقت على الدبابات الإسرائيلية التي دخلت السويس وقتل قائدها وذلك في كمين شارع الجيش عند سينما رويال "بنك الإسكندرية الحالي".

 

"وفي مساء 24 أكتوبر، جاءني إبراهيم إلى منزل الفدائيين وأخبرني أنه ينوي اقتحام قسم الأربعين الذي احتله الصهاينة.. كانت خطة الهجوم تتضمنه هو وأشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين وإبراهيم يوسف، لكنه استشهد فوق سور القسم أثناء اقتحامه وبقى جسده معلقا يوما كاملا حتى تمكن الفدائيون من استعادته تحت القصف الشديد.

 

يضيف: "كان إبراهيم أوصى أن يدفنه الشيخ حافظ سلامه لكن الحرب لم تسمح بذلك  فدفنته أنا".

 

يقول: "وبعد 90 يومًا من دفنه، أخرجه الشيخ حافظ سلامه من مقبرته ليجد جسده كما هو حتى أن شعره مسرحا وعلى وجهه ابتسامه".

 

ولد إبراهيم في السويس سنة 1942 وكان يعمل بقسم العلاقات العامة بشركة السويس لتصنيع البترول، وتطوع بالعمل الفدائي سنة 1968. شارك في كافة الأعمال الفدائية التي نفذت خلال حرب الاستنزاف في الضفة الشرقية".

 

 

رصاصات إسرائيل لاتزال عالقة في "ساق" سعيد

 

يقول سعيد علي، أحد الفدائيين، إن المائة يوم التي شهدتها حصار السويس كانوا بسنوات النكسة الستة.

وتابع: "أول مسمار دق في نعش إسرائيل كان محاولتها دخول السويس يوم 24 أكتوبر،  الموافق 28 رمضان.

يضيف: "كانت قوة اليهود تتجاوز 10 ألاف جندي يحاصرون ويسيطرون على المدينة بدباباتهم ومدرعاتهم ومدافعهم وعربيات جيب.. شهدنا حرب شوارع

 

"كنا نلقي بالقنابل اليدوية على أبواب المنازل التي يحتلها اليهود، وندق الأبواب ونفر هاربين .. وما أن يخرجوا حتى تنفجر القنبلة.. كنا نعالج جرحاهم ونسلمهم كأسرى للفرقة 19".

 

وقال: "لازالت أثار ضرب النار من الأسلحة الإسرائيلية والشظايا عالقة بساقي الأيمن والأيسر وأعتبرها وسام شرفني الله به حي ألقاهما به يوم القيامة لعلها تكون شفيعاً لي".

 

 

منزل الفدائيين مقصد المقاومة وهدف المدافع الإسرائيلية

 

كان منزل الفدائيين بشارع بنك مصر بحي زرب بالسويس والذي يمتلكه الفدائي محمود عواد وصمد طوال أيام الحصار أمام قذائف الهاون الإسرائيلية التي كانت تدكه ليلاً ونهاراً.

 

يقول محمود عواد صاحب المنزل، والذي تجاوز السادسة والسبعين من عمره: "ولدت في هذا المنزل عام 1940 وقضيت عمري فيه مع والديّ. وبعد النكسة هاجرت اسرتي لتلا بالموفية وبقيت هنا وفتحت أبوابه للفدائيين، حتى الأجهزة المخابراتية أمدتني بتليفون خاص في المنزل ليسهل عليا التواصل مع المختصين".

 

يقول: بعد طرد اليهود أعدت بناء ما تهدم من المنزل وتزوجت وأنجبت ابنائي الستة فيه ثم بقيت أيضا فيه حتى بعد زواج ابنائي.

."

 

ردم ترعة الإسماعيلية ومقاومة العطش

 

ويقول سعود عمر رئيس الحركة النقابية العمالية بالسويس  لـ "مصر العربية " "  كان والدى مراقب العمال بهيئة قناة السويس ومعاه عدد من زملاءه العمال منهم احمد ابو ضيف وعبد اللطيف وآخرين يعملون  فى محطة وابور المياه التابعة للهيئة، قبل ان يقوموا بترك المحطه رغما عنهم بعد ان وصلت دبابات الصهاينة الى الهويس الى المحطة ... الصهاينة بعد ان استطاعوا احداث الثغرة والتسلل عبر الدفرسوار كان اول مافعلوه هو .....ردم ترعة الاسماعيلية ومنع تدفق المياه الى السويس.

 

وبقى والدى رحمه الله عليه وزملاؤه من عمال هيئة قناة السويس يقومون بعمليات "الترويق"للمياه للحفاظ على صلاحية المياه للشرب وضخها للمدينةزادت ايام قيامهم بتلك المهمة على ال8 ايام تقريبا وسط قذف صاروخى للمحطة واستهداف للاستيرنات "خزانات مياه الشرب... إلى أن علا صوت جنازير مدرعات الصهاينة فلايجد ابى وزملاؤه سبيلا سوى مغادرة محطة المياه تلاحقهم قذائف الصهاينة فى شوارع البراجيلى وكفر شار ,وهم مهمومين بكيف سيحصل المحاصرين من ابناء السويس على مياه الشرب ,هنا انطلق ابناء المدينة القدامى للبحث عن مصدر اخر لمياه الشرب فوجدوا ضالتهم فى بئر المياه العذب اسفل محل احد ابناء السويس فى الغريب لتستمر الحياة والمقاومة ... والصمود وصولا الى رحيل الصهاينة بعد ان خاب مسعاهم.

 

"العسكرى اللى ضرب الصهاينة ...وأحال فرحهم إلى مآتم".

 

وتابع سعود "أثناء حصار ال100 يوم لمدينة السويس كان الصهاينة يقيمون الحفلات الغنائية الصاخبة لرفع معنويات جنودهم المرتعدين ومواجهة حالة الرعب المسيطرة عليهم.

 

وخلال إحدى الليالى أقام الصهاينة حفلاً موسيقياً بمدرسة "عبد المنعم سند"، وكان هذا الحفل صاخباً لدرجة استفزت أحد جنود الجيش المصرى والذى يدعى "أحمد السارحة" الذى كان عاملاً بترسانة السويس قبل أن يلتحق بالجيش الثالث خلال حرب أكتوبر، فحمل الجندى البطل سلاحه وتوجه بمفرده إلى كفر العرب واتخذ ساتراً بجوار منزلنا، وقام بإطلاق قذائفه فى اتجاه المدرسة ليحيل حفل الصهاينة إلى مآتم وذلك على الرغم من صدور قرار وقف إطلاق النار.

 

وأشار إلى أنه نتيجة هذا العام البطولى، قررت قوات العدو صباح اليوم التالى للواقعة، إزالة المنازل القائمة خلف المدرسة حتى سطح الأرض، واكتسحت بلدوزرات الصهاينة البيت الذى بنيناه، وعاد والدى ليجد منزله وقد سوى بالأرض ليصاب بالحزن والحسرة ، إلا أن هذه المشاعر تبددت منذ أن عرف ببطولة "أحمد السارحة ومنذ ذلك الوقت وابى يتحدث بفخر عن "الواد العسكرى اللى ضرب الصهاينة ...وأحال فرحهم إلى مآتم

".

 

أسماء الشهداء على المدارس و جدران المتاحف وفي الشوارع

 

تحمل مدارس السويس أسماء عدد من شهداء المقاومة الشعبية أبرزها مدرسة الشهيد إبراهيم سليمان الإبتدائية بحي فيصل ومدرسة الشهيد أشرف عبد الدايم الإبتدائية بحي ومدرسة الشهيد فايز حافظ أمين بحي  ومدرسة الشهيد أحمد أبو هاشم بحي فيصل وتحمل الشوارع أسماء العشرات من أبطال المقاومة الشعبية ولا يزال مسجد الشهداء وإمامه الشيخ حافظ سلامة بطل المقاومة كائناً يحكي بين جدرانه ملحمة شعب السويس.

 

وفي  متحف السويس تراصت  صور شهداء المقاومة الشعبية بالسويس على أحد الجدران  ودون على الجدار الذي خصص لأبطال المقاومة الشعبية عبارة "شهداء وأبطال ملحمة السويس"، حيث تم  وضع صور لأبطال وشهداء المقاومة الشعبية ودون أسفل كل صورة الأسم وأهم الأعمال والبطولات التى قام بها صاحب الصورة ودوره في المقاومة الشعبية وحصار ال100 يوم وواقعة استشهاده.

 

 

مطالب بتدريس  تاريخ المقاومة الشعبية بالمدارس

 

وطالب  محمود الجمل الكاتب والباحث السويسي بأهمية توثيق دور المقاومة الشعبية وتدريس تاريخ المقاومة للطلبة بالمدارس  لتنمية روح الشجاعة والتضحية في نفوس النشء.وقال " هناك كتب وأبحاث علمية ورسائل ماجستير ودكتوراه تناولت تاريخ المقاومة ودورها بالإنتصار إلا أنه يجب أن يتم تدريس تاريخ المقاومة من خلال المناهج الدراسية، فضلاً عن ضرورة اهتمام وزير الثقافة بالثقافة المتحفية بإقامة متاحف بجميع المحافظات وعدم اقتصارها على عدد من المحافظات والاهتمام بإقامة مراكز ثقافية جديدة بالسويس تقدم توثيق حقيقى ودقيق للمقاومة ودورها فى انتصار أكتوبر وغيرها من المعارك والبطولات الأخرى

.

 

شاهد الفيديو..

 

 

مقالات متعلقة