بالرغم من كثرة الأحاديث الإعلامية عن وجود خلافات سياسية معلنة بين القاهرة وواشنطن، إلا إن هناك ثمة تناقض شديد على أرض الواقع خاصة من الجانب الاقتصادي، حيث وصل إلى مصر اليوم الأحد، وفدا أمريكا مكون من 120 رجل أعمال أمريكي لبحث فرص الاستثمار الأمريكي المشترك، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
ويرأس الوفد السفير ديفيد ثورن، كبير مستشاري وزير الخارجية الأمريكي، على رأس وفد يمثل نحو 50 شركة أمريكية، حيث قال ثورن أن الولايات المتحدة تلتزم بتعزيز شراكتها الاقتصادية طويلة المدى مع مصر، وهذا الوفد مؤشر واضح على اهتمام القطاع الخاص الأمريكي بمصر.
وقال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للبحوث السياسية والاقتصادية إن هذا الوفد الاقتصادي يبحث أوجه التعاون والفرص الاستثمارية لكي يبدأ العمل عليها، وليس له علاقة بالسياسة، كما أن أمريكا لا يحكمها رئيس الدولة فقط، فالاقتصاد هناك لا يتأثر كثيرًا بالسياسات لأن المبدأ الأساسي والمحفز لوضع السياسات الأمريكية بالبيت الأبيض.
وأرجع السيد، سعي أمريكا إلى هذا التقارب الاقتصادي بسبب تصدر مصر ضمن أكثر 5 دول عالمية تسمح بالاستثمار الأجنبي وتمهد له البيئة الخصبة وهو ما شجع الوفد الأمريكي للاستفادة من مصر، مضيفًا أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الزيارة تعد رقم 20 من قبل الوفود الأمريكية والتي تكررت من قبل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، للبحث عن الفرص الاستثمارية لأن مصر تحتل رقم 2 في قابلية المشروعات الاستثمارية للربح.
وأكد السيد أن هذه الخطوة لا تعني أنه سيستمر تدفق الاستثمارات على مصر قبل أن يتم وضع بيئة تشريعية للاستثمار عن طريق (قانون الاستثمار الجديد) والذي يناقشه مجلس النواب خلال أسبوعين، وكذلك تسهيل إجراءات تراخيص الشركات وتأسيسها، وأن يكون لمصر خريطة استثمارية عن طريق القطاعات التي تحتاج إلى تنمية.
من جانبها ترى الدكتورة علية المهدي، الخبيرة الاقتصادية أن هناك همزة وصل بين الإدارة الأمريكية والمصرية خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وتغير إدارة الرئيس الحالي "أوباما"، حيث ستكون له نظرة مختلفة للتعامل مع مصر ويشكل ضغط على الإدارة لتحسين العلاقات مع مصر للمحافظة على حقوق الأمريكيين داخل مصر، مؤكدة أنه لابد أن تخدم السياسة الأمريكية الاقتصاد في أي مكان في العالم.
وأضافت المهدي، أن هناك فصل بين السياسة والاقتصاد إلى حد ما من جانب الإدارة الأمريكية، كما أن تلك الوفود الاقتصادية تأتي إلى مصر منذ عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وهي عملية مستمرة ومناخ الاستثمار مشجع.
وأكدت المهدي، أن الشركات الاستثمارية الأجنبية في مصر تحقق أرباح جيدة نظرًا لارتفاع عدد السكان والذي يشكل قوة شرائية كبرى، فلابد أن تكون الأجواء مستقرة وجيدة لدعم الاستثمار وهو ما غاب منذ ثورة يناير، مشريه، إلى أن زيارة الوفد الأمريكي قد تكون مجرد جس نبض ودراة للوضع الحالي وسهو أمر جيد ستكون له آثار إيجابية على الاقتصاد .
في المقابل قال الدكتور رضا عيسى، الخبير الاقتصادي إن معظم الاستثمارات الأمريكية في مصر تنصب في مجالين فقط هما "البترول، والغاز الطبيعي"، مضيفًا أن زيارة الوفد الأمريكي تعبر عن نشاط الغرفة التجارية الأمريكية المصرية وهي موجودة منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، معتبرًا أن هذه الزيارات المتكررة للوفود الاقتصادية مجرد وعود وهمية، مطالبًا بوجود إنجاز حقيقي، فالأمر ليس جديدا وهو منذ عام 1974 ، وترسل الغرفة المصرية الأمريكية هذه الوفود فهي جزء من الغرفة التجارية و لأمريكية وترتبط بالكونجرس الأمريكي وليس الرئيس فقط، مشيرًا إلى أن مصر تنتظر التنفيذ الفعلي للاستثمارات لانقاذ الاقتصاد المصري.
جدير بالذكر أن جدول أعمال الوفد التجاري الأمريكي، يتضمن خلال زيارته لمصر التي تستغرق 3 أيام، لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين من بينهم رئيس الوزراء ووزراء المالية والتجارة والتعاون الدولي والاستثمار والكهرباء والبترول ورئيس مجلس إدارة هيئة تنمية قناة السويس.