ارتفعت الأصوات التي تناشد بحماية المدنيين في الموصل ومحيطها، ومساعدتهم بعد انطلاق عملية استعادة المدينة الأسبوع الماضي من قبضة تنظيم الدولة "داعش"، لكنَّ ذلك لم يمنع قوات عراقية من نهب المساعدات المخصصة للنازحين عوضًا عن مساعدتهم كما يقتضي الواجب العسكري.
وقالت صحيفة "التلجراف" البريطانية، حسب "سكاي نيوز عربية"، اليوم الاثنين، إنَّ قوات تابعة للجيش العراقي تواجه اتهامات بنهب المساعدات المخصصة لإيواء الفارين من المعارك الرامية لاستعادة الموصل ومحيطها من تنظيم "داعش".
وأضافت الصحيفة أنَّ مراسلها زار مخيمًا شيّد لاستقبال النازحين في بلدة طينة قرب القيارة شمالي العراق، حيث أكَّد له أفراد الشرطة المكلفين حماية الموقع بأنَّ الجنود نهبوا الخيام وثمانية صهاريج مياه قدمتها الأمم المتحدة.
وقال ضابط في الشرطة، رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، إنَّ قوة عسكرية قدمت إلى المخيم من بغداد وأبلغتهم أنها تنتمي إلى قوات التدخل السريع، وأنها بحاجة للخيام والماء بسبب نقص في التجهيزات.
وأوضَّح ضابط قوة الشرطة المكلفة حماية المخيم أنَّ قوات التدخُّل السريع تجاهلت مناشداته بعدم انتزاع الخيام لأنَّها تعد المأوى الوحيد للنازحين، وأصرَّت على الاستيلاء عليها دون أن يتمكن من ردعها.
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين قال، أمس الأحد، إنَّ القتال حول مدينة الموصل أجبر 5640 عراقيًّا على الفرار من منازلهم خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأغلبهم في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة.
وحسب شهادته للصحيفة البريطانية، فإنَّ القوات الحكومية استولت على زهاء 200 خيمة قدمتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، ونقلتها إلى معسكر تتشاركه مع فرقة من الجيش الأميركي قرب القيارة.
ويقدم نحو 100 مستشار أمريكي الدعم للقوات العراقية والبشمركة الكردية في هجوم الموصل، معقل "داعش" الأخير بالعراق، ويساعدون التحالف الدولي لضمان إصابة القوة الجوية الأهداف الصحيحة.
وقال أحد الناحين في المخيم إنَّ القوة العراقية لم تأبه بتوسلات المدنيين وعملت على رمي بعض العائلات في العراء للاستيلاء على الخيم، ما دفع أطفال ونساء إلى مشاركة المأوى مع عائلات أخرى.
واعتبرت منظمات إنسانية، وفق الصحيفة، أنَّ ما أقدمت عليه القوة العراقية في المخيم قد يعد انتهاكًا للقانون الدولي، ويتعارض مع واجبات الجيوش النظامية التي تقضي حماية المدنيين في مناطق النزاع.
ولم تكتفِ القوة بالاستيلاء على الخيام، بل نهبت أيضًا ثمانية صهاريج مياه قدمتها "اليونيسف" لمساعدة نحو 300 عائلة لجأت إلى المخيم هربًا من المعارك بين القوات الحكومية و"داعش" في القرى والبلدات المحيطة بالموصل.
وأكَّد ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة في العراق بيتر هانكيس انتهاك القوة العراقية للمخيم، معربًا عن قلق اليونيسف إزاء الاستيلاء على مساعدات إنسانية، بينها صهاريج المياه، وتجهيزات أخرى كمراحيض متنقلة.
ويأتي الكشف عن نهب المساعدات الإنسانية وخيام النازحين وسط تقارير عن تعذيب فارين من المعارك، ونشر ثلاث فيديوهات توثق إقدام جنود وعناصر من الميليشيات بضرب مراهقين خلال عملية استجوابهم.
واللافت أنَّ الاتهامات طالت جنودًا ولم تقتصر على عناصر ميليشيات الحشد الموالية لإيران، التي عرفت بانتهاكاتها ضد المدنيين وممارسة الأعمال الانتقامية ضدهم في معارك عدة، أبرزها الفلوجة والرمادي بالأنبار.