بين جداريْن ملتصقيْن، لونهما قاتم يميل إلى "السواد"، في مخيم "الشاطئ" للاجئين غربي مدينة غزة ربط المصور الفلسطيني "عز الزعنون" حبل غسيل، علّق عليه صورا تروي تفاصيل الحياة في القطاع المحاصر. ويتجول الزعنون( 24 عاماً) في مخيمات اللاجئين، والمناطق المُدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة قبل عامين، والميادين العامة، من أجل عرض صوره بمشابك خشبية على "حبلٍ" وصفه بـ"المعرض". ويضيف الزعنون وهو مصور حر، لوكالة الأناضول، إنه أراد الخروج بفكرة غير مألوفة، بعيدا عن إقامة معارض للصور داخل القاعات المغلقة. وتابع:" الحبل هو معرضي المتنقل، هو لجميع المارة، خاصة الأطفال، في محاولة لاستقطابهم نحو الفن، ورؤية الجمال". ومن داخل حافلة صغيرة يتنقل المصور بصوره (نحو 50 صورة) والتي تروي تفاصيل الحياة في غزة، ضمن مبادرة قال إنها تحمل اسم "الفن ليس تجارة"، بدعم من مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي (غير حكومية). و يتحلق المارة حول صوره التي تراصت على "الحبل" للتعرف على زوايا جديدة التقطتها الكاميرا. و يحرص الزعنون على عرض صور فنية وجمالية لقطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام، والذي يعاني من دمار واسع بفعل الحروب المتكررة. ويريد الزعنون لهذه الصور كما يقول أن تكشف عن الوجه الآخر لغزة، من خلال عرض اللقطات التي تجسد الحياة والأمل. ويستدرك بالقول:" هناك صورا يجب أن يراها الآخرون مغايرة للحزن والدمار". في إحدى الصور، التقط الزعنون مشهدا لمجموعة ضاحكة من الأطفال في لحظات الغروب، فيما أظهرت أخرى مساحات الجمال في المدينة المحاصرة كشاطئ البحر، وأضواء الملاهي، وقوارب الصيادين. ويؤكد المصور الفلسطيني عزمه على إظهار غزة بصورة جميلة بعيدا عن الألوان الداكنة، واللقطات البائسة التي صنعتها سنوات الحصار والحروب المتعاقبة. و بحسب الزعنون تعد هذه المبادرة الأولى من نوعها، التي يتم فيها عرض صور في الميادين العامة، والمخيمات. و تابع:" هناك صور تعبر عن الحالة الإنسانية لسكان غزة، لكن ما أردته بالدرجة الأولى أن يكتشف الناس الفرح، والأمل، وأن يحلموا بحياة بعيدا عن الحروب". وشهد القطاع المحاصر ثلاث حروب شنتها إسرائيل بين العامين 2008 و2014 كان أعنفها الحرب الأخيرة قبل عامين والتي أدت إلى مقتل 2323 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وعلى هامش المعرض يتلقى الأطفال، دروسا في التقاط الصور عبر حمل الكاميرا، ورسم لوحات فنية، أكد الزعنون، أنها جزء هام من المبادرة. و أضاف:" نفسح المجال أمام اكتشاف مواهب الأطفال في الفن، والتقاط الصور". وهو ما رحبت به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وقالت في بيان لها تلقت "الأناضول" نسخة منه إن الصورة لها قيمة أكثر من ألف كلمة. وتابعت:" لهذا نشجع مثل هذه المعارض، والتنقل بها في مخيمات اللاجئين والمناطق النائية، وتشجيع الأطفال على التعبير عن أحلامهم، وآمالهم من أجل مشاركتها مع بقية العالم". و يلتقط مصورون وهواة من غزة "صورا" تنقل الحياة اليومية، لسكان القطاع المحاصر، ترصد الحكايات والتفاصيل اليومية لأناس تحاول انتزاع "الفرح" من وسط واقعهم الاقتصادي والإنساني المتردي، والذي تقول مؤسسات دولية إنه وصل إلى حد غير مسبوق من "المعاناة". ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته "إسرائيل" منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع في صيف العام 2007.و ترتفع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، إلى ما يزيد على 42.7%.