في ظل المحاولات المصرية الحثيثة لتوفير العملة الصعبة للبلاد، تزايدت مؤخرا الاقتراحات والمبادرات لحل هذه المعضلة مع التراجع الحاد في مصادر العملة الصعبة، ولعل أخر هذه الأفكار، فكرة تحصيل رسوم العبور من قناة السويس مقدما، فما مدى فاعلية هذا المقترح، وما هي الآثار المتوقعة من خلال هذا التوجه؟.
بدأ وفد رفيع المستوى من هيئة قناة السويس والبنك المركزى، الإثنين، جولة أوروبية تشمل كلا من فرنسا وسويسرا والدنمارك،لأستطلاع رأى الخطوط الملاحية الكبرى والترويج لفكرة تحصيل رسوم العبور من قناة السويس من السفن التابعة لهذه الخطوط لمدة ثلاث سنوات مقدما.
وتأتي هذه الخطوة بهدف تعزيز الاحتياطى النقدى للبنك المركزى من العملات الصعبة، حيث صرح مصدر مسؤول بهيئة قناة السويس، حسبما نقلة صحيفة "الأهرام" أن الهيئة بدأت قبل عدة أيام فى مفاوضات مع الخطوط الملاحية الكبرى لتحصيل رسوم العبور مقدما لمدة 3 سنوات، مشيرا الى ان هناك موافقة مبدئية وترحيبا كبيرا من هذه الخطوط للفكرة، والتى تشمل تقديم العديد من المزايا لهم فى صورة تخفيض لرسوم العبور يحددها البنك المركزي.
من جانبها ذكرت شركة ميرسك لاين للشحن البحري، إنها تدرس مقترحات من هيئة قناة السويس المصرية لنظام جديد لسداد الرسوم قد يشمل مدفوعات مقدمة، حيث قال متحدث باسم الشركة التابعة لمجموعة ايه.بي مولر ميرسك الدنماركية للخدمات اللوجستية "نحن ندرس العرض الآن"، بحسب "رويترز".
في المقابل نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس قوله إن الهيئة تهدف لتحصيل رسوم المرور بالقناة مقدما لمدة تصل من ثلاثة إلى خمسة أعوام مقابل خصم ثلاثة بالمئة، مؤكدا أن المحادثات تجري بشكل جيد وأن الاتفاق قد يبرم الأسبوع المقبل على أن يبدأ سريانه بداية 2017.
المفاوضات تشمل نحو 6 من الخطوط الملاحية الكبرى وهى الدنماركى "ميرسك"، والايطالي/ السعودى "MSC"، والفرنسى "CMACGM"، والصينى "COSCO" ، و الألمانى "الهابك لويدز"، والتيوانى "أيفر جرين".
عروض متواضعة
محمد عبدالحكيم ، الخبير الاقتصادي، رأى أن محاولة تحصيل رسوم المرور بالقناة مقدما تخضع لعدة عوامل منها الخاص بالحكومة المصرية ممثلة فى رئاسة الهيئة ومنها ما يتعلق بالخطوط الملاحية.
ويتمثل ما يتعلق بالخطوط الملاحية فى حالة عدم التأكد من حجم أعمال الخطوط الملاحية خلال الفترة المقبلة التى قد تتأثر بأى عوامل كحالة الإقتصاد العالمى أو الأحوال الأمنية فى المنطقة فى ظل الصراعات الحالية، وأيضا بدائل قناة السويس من ممرات و طرق تجارة دولية، ما سيدفع الخطوط الملاحية لافتراض أقصى معدلات المخاطر عند تقييم شرائها لحقوق المرور من قناة السويس مقدما.
وأوضح عبد الحكيم خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية" أن هذه العوامل قد ينتج عنها عروض متواضعة للغاية من طرف الخطوط الملاحية حيث ستخفض المخاطر العالية وحالة عدم التأكد من قابليتها لقبول التزامات مادية لمدة ثلاث سنوات.
وأضاف أن دعوة هيئة قناة السويس، للخطوط الملاحية لشراء حقوق مرور مستقبلية ناشئ أساسا عن احتياجات تمويلية قد تدفعها إلى القبول بتحصيل إيرادات مستقبلية أقل فى قيمتها.
وتساءل عبد الحكيم، إلى أى مدى ستتقبل الهيئة تلك الخصومات؟ وإلى أى مدى ستؤثر تلك الخصومات على أرباح الهيئة فى الأعوام المقبلة؟، موضحا أن التدفقات من العملات الأجنبية تشكل نسبة هامة من إجمالى إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، مؤكدا أن الإجابة على تلك الأسئلة ستتضح من حجم العروض التى ستتلقاها الهيئة من الخطوط الملاحية وكذلك على مدى استجابة الهيئة لتلك العروض المتوقعة.
تراجع مستمر
وكانت هيئة قناة السويس قد أعلنت عن أن عائداتها خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري بلغت 3 مليارات و366 مليون دولار بتراجع بنسبة 2.1% عن إيرادات القناة خلال نفس الفترة من العام الماضي البالغة 3 مليارات و439 مليون دولار.
وقالت هيئة قناة السويس في بيان لها، إن عائدات القناة خلال أغسطس من العام الجاري بلغت 447.6 مليون دولار مقابل 462.1 مليون دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي، فيما بلغت عائدات القناة خلال شهر يوليو من العام الجاري 429 مليون دولار.
وكشفت الإحصائية عن تراجع حمولات السفن المارة بقناة السويس خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري بنسبة 3%، وبلغت حمولات السفن خلال الفترة من أول يناير حتى نهاية أغسطس من العام 649.3 مليون طن، في الوقت الذي بلغت فيه حمولات السفن خلال نفس الفترة من العام الماضي 669.924 مليون طن.
جيدة.. ولكن!
في المقابل، أكد أشرف إبراهيم، المحلل الاقتصادي، باحث دكتوراه بقسم الاقتصاد والمالية العامة، بجامعة الزقازيق، أن هذه خطوة جيدة وربما تساهم في حل أزمة الدولار الحالية، ولكن بشرط ألا يتم تقديم تنازلات نقدية كتخفيض الرسوم مثلا للسفن التابعة للوكالات الملاحية الموافقة على عرض الهيئة.
وأضاف "إبراهيم" خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية" أن تثبيت الرسوم الحالية هو في مصلحة تلك الوكالات لأن الرسوم عرضه للتغيير في المستقبل والتغيير الأقرب هو زيادة تلك الرسوم، ويمكن التغاضي عن التنازلات النقدية بالتفضيلات العينية.
وأشار إلى أنه لا ينبغي إغفال حقيقة أن الأمر يحتوى على خطورة، فماذا لو لم تُحسن الحكومة استغلال وتوظيف هذه المبالغ؟ فالأمر يشبه إلى حد كبير عملية الإقتراض، إذا لم تُحسن التصرف في مبلغ القرض وقمت بتبديده، فلن تتمكن من السداد وسوف تتفاقم مشاكلك.