على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من العراق في نهاية عام 2011 بعد احتلاله حوالي 9 سنوات، وفقا لاتفاقية أمنية وقعت عام 2008 بين بغداد وواشنطن، إلا أن محاربة داعش مؤخرا كانت الذريعة التي كثفت أمريكا من خلالها التواجد العسكري بالعراق.
ويأتي هذا التكثيف في عدد القوات الأمريكية في العراق، مقارنة بما كانت عليه في العام 2014، بشكل ثابت وتدريجي خصوصا في أعقاب انطلاق معركة استعادة الموصل، بل وأصبحت تلك القوات أقرب ما يكون لخطوط المواجهة الأولى مع تنظيم داعش.
خبراء ومدربين
وتزعم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أن معظم القوات التي يتم إرسالها إلى العراق هم من المستشارين والخبراء والمدربين للقوات العراقية والبشمركة.
وفي صيف العام 2015، ارتفع عدد الجنود الأمريكيين العاملين في سلاح المدفعية في العراق إلى نحو 3500 جندي، مقابل 2500 في يناير من العام السابق.
ومع استعدادات البشمركة والقوات العراقية للبدء بمعركة استعادة الموصل، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه سيتم إرسال 600 عنصر آخر من أفراد القوات الأميركية إلى العراق، ليتجاوز العدد الإجمالي للقوات الأميركية حاجز 5000 عنصر.
السبب الصعود الروسي
بدوره قال الباحث السياسي العراقي أحمد الملاح إن الأمريكان يمتلكون قواعد عسكرية ثابتة في العراق يستخدمونها بحرية مطلقة، كما أن سفارة الولايات المتحدة في بغداد تعتبر من أكبر سفارات العالم لما تحتله من مساحة واسعة لذلك من الطبيعي نشر قواتها بهذا الشكل.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الزيادة في التواجد أو فتح قواعد جديدة كما يحدث في قاعدة القيارة هو رد على الصعود الروسي في المنطقة والذي يدفع بطبيعة الحال لتعزير التواجد الأمريكي في العراق الذي يعتبر قلب الشرق الأوسط جغرافيًا.
وفي عام 2011 غادر آخر موكب للجنود الأمريكان العراق وأسدل الستار على قصة دامية بدأت باقتناع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بأن إسقاطها لنظام صدام حسين سيجعلها تفوز تلقائيا بقلوب وعقول العراقيين، فشنت حربا متحججة بالبحث عن أسلحة دمار شامل، تبين أنها لم تكن موجودة أصلاً.
وجاء الانسحاب الأمريكي تطبيقا لاتفاقية أمنية وقعت عام 2008 بين بغداد وواشنطن علماً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد الانسحاب الكامل إثر رفض العراق منح آلاف الجنود الأمريكيين حصانة قانونية.
أزمات سياسية
وتركت القوات الأمريكية العراق بعد انزلاق البلاد نحو أزمات سياسية وطائفية، فضلاً عن فتح الطريق أمام الجماعات المتشددة والتي كونت بما جيش يسمى دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام " داعش" والذي احتل مناطق عدة بالعراق .
ومنذ ذلك الحين وتخوض القوات العراقية الرسمية حروب لطرد داعش من المناطق التي يسيطر عليها بشكل أرهق ميزانية البلاد وزعزع استقرارها السياسي والأمني، وآخر تلك المعارك هى معركة تحرير الموصل التي تدخل فيها الولايات المتحدة بقوة عبر تغطية جوية وقوات على الأرض.
الموصل بانتظار صفحة نزاع كبيرة
بدوره قال المحلل السياسي العراقي الدكتور عبد كريم الوزان، إن العراق مازال محتل منذ عام 2003 لكن شكل وحجم وطبيعة الاحتلال تتغير وتتلون من حين لآخر، ويأتي ظروف الحشد الأمريكي الجديد متناغم مع قرب تحرير الموصل حيث يوجد صفحة نزاع كبيرة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن أطراف هذا النزاع المرتقب محلية وإقليمية، ودولية متمثلة في النزاع بين العرب والأقليات بالداخل العراقي، وتركيا، وأمريكا على وحدة نينوه وما تتعرض له من تغيير ديمغرافي، ناهيك عن مصالح أمريكا بالمنطقة التى تريد فرضها مقابل هيمنة إيرانية إن لم تكن حربا ستكون مناوشات مستمرة حول المحافظة.
وأوضح الوزان أن الوضع العراقي يزداد سوء يوما بعد يوم، مؤكداً أن المسؤول الأول والأخير عن ما آل إليه العراق هى الولايات المتحدة الأمريكية ومعاونيها بالداخل العراقي، لافتاً أن القادم للعراق سيكون أسوأ من الماضي إذا استمر الوضع على ما هو عليه.