حتى الأسبوع الماضي، لم تنسحب أي دولة من المحكمة الجنائية الدولية، الآن، ثلاث دول إفريقية طلبت رسميا الرحيل من عضوية المحكمة، وهي جنوب أفريقيا، وبوروندي، وجامبيا.
وأعلنت جامبيا قرارها في وقت متأخر أمس الثلاثاء، والدول الإفريقية نفذت انسحابها بعد سنوات من التهديدات، وسط اتهامات بأن المحكمة تركز بشكل غير على القارة.
وكالة "أسوشيتدبرس" ألقت الضوء على أسباب رحيل هذه الدول.
الإبادة الجماعية
هلل الكثيرون في المجتمع الدولي لمعاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ونظام روما الأساسي الذي اعتمد عام 1998 باعتباره وسيلة لمحاكمة المسئولين عن بعض أسوأ الفظائع في العالم، الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية.
جميع الدول لم توقع على المعاهدة، والأسبوع الماضي، كان يوقع على المعاهدة 124 دولة، ولم تنضم الدول البارزة مثل الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والهند لميثاق روما، بعض الدول تخشى من صلاحيات المحكمة حيث تعتبرها تدخلا محتملا في شئونها الداخلية.
الإحباطات الأفريقية والتهديدات
اﻷفارقة فقط يواجهون المحاكمة في 6 حالات جارية أو على وشك أن تبدأ، ورغم أن التحقيقات الأولية للمحكمة الجنائية الدولية في أماكن مثل كولومبيا، وأفغانستان تشير لوقوع جرائم، إلا أنها لم تفتح أي قضية أخرى في العالم.
ويشير خبراء إلى أن جميع حالات الجنائية الدولية من إفريقيا، باستثناء حالة واحدة، وأثارت إحدى حالات المحاكمة اﻹفريقية غضبا واسعا بين الزعماء الأفارقة وهي محاكمة الرئيس الكيني "اوهورو كينياتا" لدوره المزعوم في أعمال العنف الدامية التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية عام 2007.
ودعا الاتحاد الأفريقي لضرورة منح الحصانة لرؤساء الدول من الملاحقة القضائية، جاء ذلك على لسان الرئيس الاوغندي "يوويري موسيفيني" خلال حفل تنصيبه في مايو الماضي بحضور البشير الذي وصف المحكمة الجنائية الدولية بأنها "غير مجدية".
رحلات البشير
أصبح الرئيس السوداني عمر البشير رمزا للقيود التي تواجه المحكمة الجنائية، والتي ليس لديها قوة شرطة، وتعتمد على تعاون الدول الأعضاء.
البشير كان مطلوبا من المحكمة لاتهامه بارتكاب جرائم إبادة، وغيرها في دارفور بغرب السودان، ومنذ ذلك الحين، البشير زار عددا من الدول الأعضاء في المحكمة، بما في ذلك مالاوي، وكينيا، وتشاد والكونغو، وزيارته لجنوب أفريقيا في يونيو 2015 أثارت ضجة عارمة، حيث غادر بسرعة بعدما صدر أمرا باعتقاله.
المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة لإجبار الدول على اعتقال الناس، ولكن فقط التزام قانوني للقيام بذلك.
الخروج
بوروندي أعلنت خروجها من المحكمة الجنائية الدولية هذا الشهر، بعدما صوت النواب بأغلبية ساحقة لمغادرة المحكمة، وبعد أشهر قليلة من إعلان المحكمة أنها ستحقق في العنف السياسي الذي وقع في الآونة الأخيرة هناك.
ووقع الرئيس "بيير نكورونزيزا" مشروع القانون الأسبوع الماضي، اما جنوب إفريقيا فقد أعلنت الأسبوع الماضي أنها سترحل من المحكمة الجنائية أيضا، قائلا: " تسليم زعيم للمحكمة الجنائية الدولية يصل إلى حد التدخل في شؤون دولة أخرى".
هذه الخطوة تحول دراماتيكي لهذا البلد الذي كان من أوائل المؤيدين ﻹنشاء المحكمة في السنوات التي تلت خروج جنوب أفريقيا من حكم الأقلية البيضاء، والعزلة شبه العالمية، ومع انسحاب واحدة من أكثر البلدان تقدما في افريقيا كان يخشى المراقبين انفراط العقد، والآن جامبيا خرجت.
الخروج ليس سهلا
الانسحاب لا يحدث عندما تعلن دولة رغبتها، الدولة يجب عليها أن تخطر رسميا الأمين العام للأمم المتحدة عن عزمها الرحيل، و الانسحاب يبدأ فعليا بعد سنة من استلام الطلب.
وحتى الآن، اﻷمين العام للأمم المتحدة يقول إنه لم يتلق إلا طلبا من جنوب أفريقيا، والعد التنازلي ﻹنسحابها بدأ من اليوم الأربعاء.
والدول تظل تتعاون مع إجراءات المحكمة الجنائية الدولية قبل أن يتم انسحابها.
الرابط اﻷصلي