"هناك دولة قالت إنها ستقوم بدعم التعليم حتى المرحلة الإعدادية مجانا، وباقي المراحل تتحمل تكلفتها الأسرة بشكل كامل، حتى وصلت إلى تقدم تكنولوجي، وبعد فترة أدخلت التعليم الثانوي ضمن التعليم المجاني"، هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب المنعقد بشرم الشيخ، معقبا: "نقدر نعمل كدة فى مصر".
خبراء اختلفوا حول تفسير تصريحات السيسي، وما إذا كات يلمح إلى إمكانية إلغاء المجانية عن التعليم بعد المرحلة اﻹعدادية أم لا.
الدكتور أنطوان بركات، الخبير التربوي، ورئيس لجنة التعليم بحزب المصريين الأحرار، أبدى ترحيبه بحديث السيسي، حول تحمل الأسر المصرية تكلفة تعليم أبنائها فيما بعد المرحلة الإعدادية.
وأشار بركات، لـ "مصر العربية"، إلى أن هناك فئات من الطبقات المتوسطة يتمتعون بنفس المزايا التي يتمتع بها أبناء الطبقة الفقيرة ويكلفون الدولة مزيد من الأموال التي تذهب في غير وجهتها الصحيحة.
وتابع: "التعليم المجاني ليس له نتيجة إيجابية ولن يكون له نتيجة إيحابية لأن مستوى الخدمة المقدمة بالمجان متدني للغاية والأهم تقنين هذا الأمر ليقتصر التعليم المجاني على فئة محددة".
سالم الرفاعي، خبير المناهج والمواد التعليمية، قال إن الحديث عن تطوير التعليم في مصر هو حديث خداع وجميع ما تتخذه الحكومة في سبيل الدعوة لإصلاح منظومة التعليم يبعد كل البعد عن المشكلات الحقيقية لهذا القطاع الحيوي، فالأزمة الرئيسية هى أن الحق في التعليم يتعرض لانتهاكات متنوعة وممنهجة من جانب الحكومة نفسها.
وكشف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، حول مؤشر التنافسية السنوي لعامي 2015 / 2016 في مجال التعليم، عن تواجد مصر في المرتبة قبل الأخيرة لتسبق "غينيا"، على مستوى 140 دولة في العالم.
وتابع أن الخطط الموجودة حاليا تهدف بشكل قاطع إلى خصخصة التعليم الحكومي وتحويل التعليم لسلعة تباع وتشترى، من خلال التوسع في إنشاء الجامعات الخاصة، والأدهى من ذلك هو محاولات دخولها في شراكات مع القطاع الخاص في محاولة منها للتهرب من مسئوليتها أمام المجتمع، وأبرز تلك المشروعات ما يسمى بدبلومة النيل أو جامعة النيل.
وأشار إلى أن مشكلات التعليم الحقيقية تتمثل في أوضاع المدرسين، ومشكلة الامتحانات وتسريباتها، مؤكدا أن جميع خطط الحكومة لتطوير التعليم الجامعي وما قبله وضعتها أمانة السياسات بالحزب الوطني وبإشراف جمال مبارك عام 2005.
وأوضح خبير المناهج التعليمية أن نظام خصخصة التعليم أثبت فشله في مختلف دول العالم، في الولايات المتحدة إبان حكم رينالد ريجان، وبريطانيا أيضا والتي تحاول في الوقت الحالي مواجهة خصخة التعليم لديها.
وذكر أن الحكومة لا تحقق أدنى حد من متطلبات المدارس والجامعات، فهناك حاجة لبناء 27 جامعة، و 250 ألف مدرسة، و800 ألف فصل، وبدلا من محاولة توفيرها تعمل الحكومة على رفع يدها عنها من خلال الخصخصة وتقليل عدد الطلاب وحرمان الفقراء من التعليم وقصره على الأغنياء.
ورفضت الدكتورة محبات أبوعميرة، أستاذ المناهج والعلوم التربوية بكلية البنات جامعة عين شمس، تسمية حديث الرئيس أو توجهات الدولة للدخول في شراكات مع القطاع الخاص في مجال التعليم بالخصخصة، لأنها ستتم وفقا لمعايير وشروط محددة تضمن في النهاية الإبقاء على التعليم الحكومي والمساهمة في تطويره.
،
وأوضحت محبات، أن الحكومة لديها 3 أنواع من الخطط، أولها قصيرة المدى تنفذ خلال الأعوام2016-2017، وأخرى متوسطة المدى لمدة 5 سنوات، وثالثة بعيدة المدى حتى عام 2030. .
وأكدت على أن تلك الخطط تعتمد على محاور أساسية وهى تطوير مناهج التعليم والاستعانة بخبرات دول أخرى، وأنهم يسيرون بشكل جيد في هذا الأمر، وثانيا الاهتمام بتنمية العنصر البشري متمثلا في المعلمين والعمل على حل مشكلاتهم ورفع قدراتهم، وثالثا أن تدخل الدولة مجال الشراكة مع رجال الأعمال للاستثمار في تنمية التعليم.
ولفتت إلى أن تلك الشراكة ستنتج مدارس ذات مستوى أعلى من الحكومية وأقل من الخاصة فيما يتعلق بالتكاليف والمصروفات، ستكون أشبه إلى حد كبير بالمدارس التجريبية.