خبراء: ضبابية الرؤية والضعف الإداري وراء تفاقم الديون

إجمالي الدين الخارجي ارتفع بنحو 16%

لا يختلف أحد على أن الديون هي أكبر التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الحرجة، ففي الوقت الذي تصارع الحكومة الزمن للحصول على قرض النقد الدولي، كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن ارتفاع إجمالي الدين الخارجي بنحو 16% في الربع الرابع من 2015 - 2016، الأمر الذي يضع الحكومة بين خيارين، إما المواصلة في تحمل أعباء ديون إضافية، وإما إيجاد بدائل أخرى توقف النزيف.

 

"مصر العربية" ترصد أراء الخبراء حول الأسباب التي دفعت الديون لهذه القفزة، وما هي البدائل والحلول التي يمكن أن تلجأ إليها مصر لكبح جماح الديون.. خلال هذا التقرير:

 

الدكتور أحمد ذكرالله، الخبير الاقتصادي، واستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أكد أن الاقتصاد المصري يمر بحالة غير مسبوقة كنتيجة لجملة من التصرفات والقرارات الخاطئة ترتب عليها الاستدانة داخليا وخارجيا بأرقام صادمة، حتى تخطي مجموع الديون المصرية الثلاثة تريليون جنيه والمشكلة لم تكن في الإقتراض و أنما في كيفية التصرف في هذه القروض.

 

غياب الرؤية

 

وأوضح "ذكرالله" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن القروض قد تم توجيهها بالكامل لسداد عجز الحساب الجاري في الموازنة العامة للدولة، مما يحمل الأجيال القادمة لأعباء قد تذكرنا تاريخيا بأوضاع وضعت فيها الدولة المصرية تحت الوصاية البريطانية.

 

وأكد ذكرالله أن "غياب الرؤية وتوغل الجيش في النشاط الاقتصادي مزاحما للقطاع الخاص والعام واختيار قيادات "للأسف" ليست بالكفاءة المطلوبة، ثم عدم الجدية في محاربة الفساد والاكتفاء بالحالات الفردية وتسويقها للشعب علي أن الدولة تحارب الفساد".

 

وقال إن "كل ما سبق إضافة الي حالة الانقسام المجتمعي ومبالغة الدولة في الحديث عن الإرهاب وعد سعيها لعدالة انتقالية حقيقية قوض مفردات النشاط الاقتصادي بعناصره الأساسية من سياحة وتحويلات من العاملين في الخارج وغيرها".

 

الخبير الاقتصادي أشار إلى أن "الأداء الباهت لمحافظ البنك المركزي في قضية الدولار والملاحقة الأمنية لشركات الصرافة، وعدم البحث عن حلول جدية للمشكلة عن طريق البحث عن أسواق سياحية بديلة او استحداث أدوات ادخارية أكثر تشجيعا للعاملين في الخارج علي تحويل مدخراتهم كل ذلك صب في اتجاه تدعيم الأزمة".

 

نمو الديون

 

ونوه "ذكرالله" على أن "انعدام الرؤية والضعف الإداري وضع مصر في مأزق الديون الذي تكبل الوطن باشتراطات –في إشارة إلى قرض النقد الدولي- تطحن الفقراء وتعصف بما تبقي من الطبقة المتوسطة".

 

من جانبه، قال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، واستاذ التمويل، إن معدلات نمو الدين العام أخطر من مستوياته وخاصة الدين الخارجي والذي يرتب أعباءً على الدولة لا يمكنها التعامل معها بطباعة النقود أو بطرح السندات وأذون الخزانة على البنوك المحلية.

 

وأضاف "نافع" خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية" أنه ديون مصر العالمية بلغت ثلاثة أضعاف الناتج وهو مستوى مقلق وينذر بتغيرات كبرى على الصعيدين السياسي والاقتصادي، الأزمة إذن عالمية لكن يزيد من وطئتها فى مصر تراجع المساعدات الخليجية والموارد الدولارية، والتي انعكست على المستوى العام للأسعار وعلى خدمة الدين الخارجي التي ارتفعت قيمتها.

 

تنويع الإيرادات

 

وحول تأثير خفض العملة المحلية المتوقع، كشف استاذ التمويل عن أن الخفض يؤدي مباشرة إلى خفض تكلفة الدين المحلي ويؤدي نظرياً إلى ارتفاع تكلفة الدين الخارجي لكن واقعياً لا يسدد الدين الخارجي وفقاً لمعادلة الدولار مقابل الجنيه بالسعر الرسمي.

 

ونصح "نافع" الحكومة بالحد من الديون وتنويع الإيرادات وفتح المجال العام للاستثمار والتدفقات السياحية، كما طالب بالعدول فوراً عن الاعتماد على الديون بصفة عامة من خلال الطروحات الكبيرة للأذون والسندات، والبحث عن مواطن الهدر والفاقد مثل التهرب الضريبي وتجريف وتبوير الأراضي الزراعية وسرقة وهدر التيار الكهربائي.

 

في المقابل، يرى ضياء الناروز، استاذ الاقتصاد، ونائب رئيس مركز صالح كامل الاقتصادي، أن ارتفاع حجم الديون الخارجية والداخلية لمصر في هذه الفترة أمرا طبيعيا ومنطقيا في ظل إدارة اقتصادية أقل ما يُقال عنها أنها "فاشلة".

 

قرارات عشوائية

 

وأضاف "الناروز" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن "الاقتصاد يشهد يومياً قرارات عشوائية ومتضاربة، ولا يُعرف الهدف منها، فبدلاً من استهداف توفير بيئة ملائمة للاستثمار، ومحاولة زيادة الانتاج والصادرات، انصرفت الحكومة إلى قرارات وسياسات من شأنها "تطفيش" المستثمرين المحليين أو الأجانب؛ ولعل ما حدث مع شركة الأغذية المشهورة "ايديتا" خير دليل على ذلك".

 

وأوضح أن الحكومة وجهت كل طاقاتها وإمكانياتها للحصول على القروض المحلية والخارجية، بل إنها أصبحت تتباهى بإنجازاتها في مجال إقناع صندوق النقد الدولي بالموافقة المبدئية على الحصول على قرض الـ12 مليار دولار.

 

وحول الحلول التي يجب أن تلجأ لها الدولة، قال استاذ الاقتصاد إنه على الدولة البحث عن المشكلات الأساسية التي تواجه مصادر الدخل الرئيسة، والعمل على معالجتها؛ مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والصادرات، فالدين كله شر لا خير فيه، ولا يمكن لدولة أن تتقدم أو تنهض وتسلك مسار التنمية الاقتصادية الحقيقية من خلال الاستدانة.

 

قفزة بالديون

 

جدير بالذكر أن النشرة الشهرية لسبتمبر الصادرة عن البنك المركزي كشفت أن إجمالي الدين الخارجي للبلاد زاد إلى 55.764 مليار دولار في الربع الرابع الذي انتهى في 30 يونيو من 48.062 مليار دولار في الربع المقابل من 2014-2015.

 

وارتفع الدين العام المحلي إلى 2.619 تريليون جنيه بنهاية يونيو  من 2.116 تريليون جنيه قبل عام، كما أوضحت بيانات المركزي أن ديون مصر لدول نادي باريس قفزت 61.5% في الربع الرابع من السنة المالية 2015-2016 لتسجل 3.553 مليار دولار في يونيو  مقارنة مع 2.200 مليار دولار قبل عام.

 

وتسعى مصر لإقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، كما يتعين على مصر ترتيب تمويل ثنائي يصل إلى 6 مليارات دولار لكي يوافق مجلس الصندوق على البرنامج ويفرج عن الشريحة الأولى من القرض البالغة نحو 2.5 مليار دولار.

مقالات متعلقة