ماذا يريد العرب من الإدارة الأميركية المقبلة؟

لسيد أمين شلبي

مع كل إدارة أميركية جديدة، يتجدد الأمل بأن تكون أكثر توزاناً وأكثر استجابةً للتوقعات العربية، مما سبقتها. الإدارة المقبلة ستكون ديموقراطية على الأرجح، وعلى رغم ما سببته إدارة أوباما من إحباط عربي، يتوقع أن يطرح العرب عدداً من القضايا القديمة والجديدة على الإدارة التي ستخلفها، على أمل أن تطلق مبادرات تستهدف إعادة الاستقرار إلى المنطقة، خصوصاً أن في ذلك ما يخدم المصالح الأميركية.

 

ويلاحظ أن الأزمات التي سادت المنطقة خلال السنوات الخمس الأخيرة، سحبت نسبياً الاهتمام بالقضية الفلسطينية، إلا أنها كانت، وستظل، في أولويات الضمير العربي، بل أحد المصادر الرئيسة للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، مغذية للجماعات المتطرفة التي تستخدم محنة الشعب الفلسطيني لتبرير سلوكها.

 

لذلك، فإن سياسة أميركية تستجيب للأماني الأساسية للشعب الفلسطيني، ستساهم في بناء الاستقرار وتجفيف منابع العنف في المنطقة.

 

لقد أصبح الإرهاب يمثل عدواً مشتركاً للعرب وللولايات المتحدة، بل للمجتمع الدولي. وللمصارحة، فإن تفكيك الدولة العراقية ومؤسساتها ساهم في خلق بيئة من الفوضى كانت المدخل الرئيس للمنظمات الإرهابية التي تبلورت في ما سمّي «الدولة الإسلامية»، وتقدمها السريع في العراق وسورية، مستغلة تفكك الأخيرة والحرب الأهلية المستعرة هناك، وهي البيئة نفسها التي تقدمت من خلالها تلك المنظمات في ليبيا.

 

كذلك فإن المهمة الأولى للمجتمع الدولي، وبدور أميركي بنَّاء بالتعاون مع القوى الدولية والإقليمية، وأياً تكن العقبات، هي العمل على تحقيق توافق وطني داخلي، يسمح بإعادة بناء مؤسسات الدولة وإعادة إعمار ما خرَّبته الحروب. وذلك سيسحب الأرض من تحت المنظمات الإرهابية، وهو ما ينفي ضرورة هزيمتها عسكرياً.

 

مع بداية التسعينات تقدَّمت مصر بتأييد عربي، بمبادرة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل، إلا أنها قوبلت من جانب الولايات المتحدة أولاً باللامبالاة، ثم بإحباط جهود الأمم المتحدة في هذا الصدد. وعلى رغم التحفظات والمخاوف من الاتفاق الأميركي مع إيران حول برنامجها النووي، فإن المراقبين العرب اعتبروه اتفاقاً ناقصاً، ويجب أن يستكمل ببذل الجهود نفسها التي بذلت مع إيران، مع قوة نووية أخرى في المنطقة هي اسرائيل، لكي تنضم إلى نظام منع الانتشار في الشرق الأوسط.

 

أما الملاحظة الثانية فهي ما تولَّد بعد الاتفاق الأميركي- الإيراني من توقع أو أمل بأن تعيد إيران النظر في سلوكها في المنطقة وتعمل على بناء الثقة مع جيرانها، وتكف عن تدخلها في مناطق الاضطراب العربية، بخاصة في سورية واليمن. إلا أن السلوك الإيراني بعد الاتفاق جاء مناقضاً لهذا التوقع، فما زال عدائياً تجاه الجيران، وبخاصة السعودية. وما زالت إيران تقف وراء عدم الاستقرار خصوصاً في سورية واليمن، وبذلك تعيق التوصل إلى تسويات سياسية لأزمات عدة.

 

ونلاحظ أن إدارة أوباما لم تكن خلال المفاوضات مع إيران، أو بعد الاتفاق، تعطي أي اهتمام لهذا البعد في السلوك الإيراني. بل إن أوباما طالب القادة السعوديين بـ «التعايش» مع إيران، لكنه لم يقل ما إذا كان السلوك الإيراني يشجع على هذا التعايش.

 

المأمول من الإدارة الجديدة أن تراجع هذا الموقف، فلن يتحقق أي استقرار في المنطقة ما لم تراجع إيران سياساتها وسلوكها سواء تجاه جيرانها أو في مناطق الاضطراب العربية. نعرف أن الإدارة الجديدة ستحتاج إلى شهور لكي تراجع ملفاتها وتبلور مواقفها، غير أن هذا لا يمنع بدء حوار جاد مع فريقها سواء في شكل ثنائي مع كل دولة عربية، أو في شكل جماعي من خلال الجامعة العربية.

 

مقالات متعلقة