في صفعة مدوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كشفت القناة الثانية في التلفزيون المحلي بتل أبيب أن إحدى أكبر "قصص البطولة" التي تدرس للجنود، ويتناولها الإعلام دائما في ذكرى حرب أكتوبر 1973، ليست سوى قصة مفبركة ابتدعها قادة عسكريون لرفع معنويات المقاتلين الإسرائيليين المنهارة.
وقال ضباط احتياط بارزون بالجيش الإسرائيلي إن قصة بطولة "قوة تسفيكا"، التي تحكي أن الضابط "تسفيكا جرينجولد" دمر وحده عشرات الدبابات السورية في اليوم الأول للحرب، ليست صحيحة وإنما جرى فبركتها بعد نهاية الحرب.
واعترف اللواء احتياط "يائير نفشي" الذي قاد بعد الحرب اللواء 188 الذي خدم فيه البطل المزيف "تسفيكا جرينجولد" أنه اختلق القصة لرفع معنويات الوحدة، التي فقدت غالبية مقاتليها في الحرب.
وأوضح "نفشي":لم يكن ذلك حقيقيا، اختلقنا قصة قوة تسفيكا لأننا أردنا إعادة بناء اللواء بعد الحرب، كان يتعين علينا بناؤه من الصفر، ماذا كنت لتفعل؟ كنا بحاجة لإحدى القصص".
صحيفة "هآرتس" علقت بالقول:” قصة "قوة تسفيكا" هي إحدى أكثر القصص البطولية في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي. وتحولت بمرور السنين إلى رمز للبطولة والقتال العنيد، الجسور والضاري. وألقى جرينجولد المحاضرات حول قصته أمام الجنود، وتداولت محتواها وسائل الإعلام مرة بعد الأخرى. مع ذلك ظهرت أول شروخ في هذه القصة في 1984 بعد 10 سنوات على الحرب، واستُبعدت لوقت قصير من دراسة التراث في الجيش".
تتمحور القصة حول النقيب تسفيكا جرينجولد 21 عاما من كيبوتس لوحامي هجيتئوت، كان في 6 أكتوبر 1973، يوم اندلاع الحرب على جبهة هضبة الجولان، وانطلق مع ثلاثة دبابات في محاولة لصد تقدم المدرعات السورية تجاه مفترق "نفاح". دمر السوريون دبابتين في المعركة وظل جرينجولد وحده يصد على مدى ساعات تقدم الدبابات السورية.
"تسفيكا" يروي لزوار إسرائيليين في الجولان المحتل قصتة المزيفة
يواصل موقع "ياد لشريون" الخاص بمتحف تخليد ذكرى سلاح المدرعات الإسرائيلي سرد القصة على النحو التالي:-
“عندما أصبح وحيدا قرر تسفيكا الخروج عن الطريق وتسلق هضبة قريبة. عندما وصل إلى قمتها لمح ثلاثة دبابات سورية بأضواء كاملة وقام بتدميرها واحدة تلو الأخرى، قبل أن يدركوا أنه وحيد. بعد ذلك اعتلى موقعا جديدا. وبعد مرور نحو نصف الساعة ظهر فجأة رتل سوري طويل، يضم ثلاثين دبابة وشاحنة تقريبا. انتظر تسفيكا بتأنٍ حتى وصلوا إلى مدى إصابة مؤكدة. دمر الدبابة الأولى من مسافة 20 متر، وبعد ذلك على الفور غير تسفيكا موقعه، وفتح النيران تجاه دبابة أخرى، وأعادة الكرة مجددا. بعد أن دمر بهذه الطريقة نحو 10 دبابات، اعتقد السوريون على ما يبدو أنهم يواجهون قوة كبيرة وسارعوا في الانسحاب من المنطقة".
في وقت لاحق من الحرب أصيب "تسفيكا جرينجولد" ونقل للمستشفى لتلقي العلاج، لكنه عاد للقتال مجددا بعد أسبوع. وبعد نهاية الحرب تلقى وسام الشجاعة.
لكن بعد مرور 43 عاما، قال اثنان من رفاق "تسفيكا" في الوحدة، إن القصة تم اختلاقها. ويروي العميد احتياط "أمنون شارون" الذي قاتل إلى جانب "تسفيكا" خلال المعارك وسقط في الأسر السوري:”في يوم الغفران الأخير شاهدت التلفاز ورأيت كل التحقيقات التلفزيونية التي أعادت كل القصص التي رويت عن تسفيكا. وهو ما أثار حنقي. يجب أن تعرف الجماهير الحقيقة. لذلك لم يعد بإمكاني الصمت. لا يجب أن يترعرعوا على هذه القصة".
وبحسب "شارون" خلال الحرب، وعندما التقى "تسفيكا" في ميدان المعركة، لم يذكر إطلاقاقصة البطولة التي تحولت بمرور الوقت إلى أسطورة، ولم يخبره بتصديه لدبابات سورية، وأن معركة دارت في هذه المنطقة.
لكن كيف تم اختلاق القصة البطولية؟ بحسب تحقيق القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، بعد الحرب أراد "يائير نفشي"قائد اللواء 188 إعادة بناء قوته التي خسرت 112 مقاتلا، واتفق على حبكة القصة مع "تسفيكا" وأرسل مراسل صحيفة "بمحنيه" التابعة للجيش لإجراء حوار معه.
في نوفمبر 1973 نُشر التحقيق الذي حوله من ضابط مغمور إلى أسطورة، تحت عنوان "60:0 لصالح تسفيكا"، في إشارة إلى عدد الدبابات التي تقول القصة إنه دمرها.
واعترف "نفشي" أنه لا يمكن أبدا تدمير 60 دبابة سورية، بـ 71 قذيفة فقط هي ذخيرة الدبابة.
“أمنون شارون" رفيق "تسفيكا" تعجب عندما وقع في الأسر السوري، عندما كان يسمع عن تلك القصص، وكيف أنقذ صديقه وحده هضبة الجولان وقاتل بضراوة، يقول "كيف لم أر ذلك"، ويضيف أنه التقى بعد إطلاق سراحه "تسفيكا" الذي أخبره أن القصة كلها مفبركة.
وعلى مدى سنوات ظل "تسفيكا" يتحدث بحماسة لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن المعركة الأسطورية، التي استخدمت فيما بعد لتليمع المقاتل الإسرائيلي بوجه عام، لكنه وكي تنطلي قصته على الجميع، كان دائما ما ينفي أن يكون دمر وحده 60 دبابة سورية، ويقول إنه لا يتذكر العدد تحديدا لكنه لا يقل عن 25 دبابة بأية حال.
الخبر من المصدر..