"الحرب تدفع اليمن إلى التقسيم.. وتحبط جهود السلام".. جاء هذا في تقرير لوكالة "رويترز" عن الحرب في اليمن المستمرة منذ 19 شهرًا، وتداعياتها على منطقة الشرق اﻷوسط مع عجز اﻷطراف المتحاربة عن حسم المعركة لصالحها، مما يدفع اﻷمور في اتجاه الانقسام والعودة إلى قبل عام 1990.
وفيما يلي نص التقرير..
عاني اليمن من آلاف الغارات الجوية التي أدّت لمقتل أكثر من 10 آلاف شخص في الحرب التي بدأت منذ 19 شهرًا، وأطلقت العنان لمارد الجوع في البلد الفقير، ولكن التحدّي الأكبر لم يأتِ بعد.
الصراع أدى إلى تقسيم فعلي في اليمن، مع انقسام الجيوش والمؤسسات المتنافسة في الشمال والجنوب، وهو ما يعني أن خارطة الشرق الأوسط يجب رسمها من جديد.
الهدنة 3 أيام التي أبرمت للسماح بدخول المساعدات اﻹنسانية، انهارت ومعها التسوية السياسية الأسبوع الماضي، مما يؤكّد أن الجهود لإنهاء الحرب وصلت إلى طريق مسدود.
خلافات المتحاربين تتمحور حول كيفية تقاسم السلطة، مستقبل اليمن كدولة موحدة، يبدو على نحو متزايد في شك كبير.
وكان هذا الاحتمال بعيدا عندما بدأ تحالف من الدول العربية بشن غارات جوية في مارس 2015 لاستعادة السلطة للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي طرد من العاصمة صنعاء من حركة الحوثي المتحالفة مع إيران. لكن اﻵن اﻷمور تتغير.
وأثار وصول الحوثيين إلى السلطة في الشمال إحياء النزعة الانفصالية الجنوبية، وهي الحركة التي ترى في انقسام السلطة فرصتها للعودة إلى الماضي.
في الوقت نفسه، الجنوب ومدينته الرئيسية، عدن، بمثابة قاعدة للحكومة المعترف بها دوليا، والتي تحاول استعادة السيطرة على اﻷمور.
اليمن كان دولتين في الماضي واحدة موالية للاتحاد السوفياتي في الجنوب، وجمهورية تدعمها قبائل مسلحة في الشمال، ومحاولة انفصال الجنوب فشلت عام 1994 عندما تمكن الشمال من استعادة الوحدة بالقوة.
ويعتقد الكثير من الجنوبيين الآن أن الوقت حان بعد عقدين من ما يعتبرونه تهميش داخل الدولة الموحدة، ونهب الاحتياطيات النفطية التي توجد معظمها في الجنوب من قبل شيوخ عشائر الشمال الفاسدين والسياسيين.
يقول الجندي الجنوبي "فيصل السالمي" هو ورفاقه مستعدون للموت للتخلص من الشماليين.
لكن الانقسام يمكن أن يجلب المزيد من عدم الاستقرار على طول واحد من أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم ( باب المندب)، ربما عن طريق معركة على حقول النفط في الجنوب، أو من خلال التسبب - كما في عام 1994- في حرب لاستعادة الوحدة.
الآن، يبدو أن الجانبين قاما بإنشاء مؤسسات موازية من شأنها تمهيد الطريق ﻹنفصال دائم.
وقالت الحكومة إنها انتقلت إلى عدن من المنفى السعودي في سبتمبر الماضي، في حين شكل الحوثيين حكومتهم في صنعاء هذا الشهر.
وفي محاولة لمنع الحوثيين من استخدام أموال الدولة لتمويل الحرب، أمر هادي بانتقال البنك المركزي إلى عدن، وهو ما سيضر الحوثيين بشدة.
وقال المحلل اليمني فارع المسلمي:" الحوثيون يدركون أنهم ربما لن يحتلون الأراضي الجنوبية، لذلك عززوا من قاعدتهم وإدارتهم الخاصة".
وأضاف "لكن تحركات مثل هذه تعمق عدم الثقة بين الجانبين، وتأخير المفاوضات التي يدرك الجميع أنها السبيل الوحيد لإنهاء الصراع".
ورغم الدعم المالي والعسكري للقوات الجنوبية، تسعى دول التحالف الرئيسية لتجنب حدوث انقسام.
لكن مسؤول حوثي يدعى "محمد عبد السلام" اتهم دولة الإمارات بتشجيع الانفصال لتحقيق أهدافها الخاصة.
ويصر التحالف أن هدفه استعادة حكومة وطنية للبلد بأكمله في صنعاء، لكن ما إذا كان الشمال أو الجنوب سيكون دولة قابلة للحياة سؤال مفتوح؟.
فقرها الشديد والنزاعات القبلية وهجمات المتشددين حتى قبل الحرب، انكمش اقتصاد اليمن بنحو 28 % عام 2015، وفقا لإحصاءات الحكومة.
سواء كانت دولة واحدة، أو دولتين أو أي شيء آخر، تحتاج الأطراف المتصارعة في اليمن إلى اتفاق بشأن مستقبل البلاد، وإلا سيكون الشيء الوحيد الذي سوف يتقاسم هو القبور.
الرابط اﻷصلي