يبدو أن مجموعة من المرّشحين الشباب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، أطلقوا وعداً بتنازلهم عن رواتبهم الشهرية وتعويضاتهم البرلمانية، وتخصيصها لدعم المجتمع المدني إذا ظفروا بمقاعد في مجلس النواب. وتقدر قيمة تعويضات البرلمانيين بـ 36 ألف درهم شهرياً (الحد الأدنى للأجور يناهز 2300 درهم)، كما أن رواتب تقاعد البرلمانيين تصل إلى 15 ألف درهم.
وفتحت هذه المبادرة النقاش من جديد حول «الريع البرلماني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تناسلت فيها التعليقات ومن بينها «هؤلاء جاهلون بالقانون» مؤكدين ان «تقاعد البرلمانيين عمل اجباري طبقاً للمادة 3 من قانون نظام معاشات البرلمانيين المنشور بالجريدة الرسمية سنة 1993 «، ومعتبرين عبر رسومات ساخرة ان المهم عندهم «ليس التنازل بقدر ما هو العمل على طرح مقترح قانون يمنع استفادة البرلمانيين من تقاعد تؤدي الدولة نصفه من دون وجه حق».
وطالبت التعليقات بـ «قيادة معركة شبابية لمنع البرلمانيين الشباب الذين سيأخذون 5000 درهم بعد انتهاء الولاية التشريعية وهم لم يبلغوا بعد 40 سنة، مقارنة بمغاربة أفنوا عمرهم في العمل والتضحية ويتلقى بعضهم تعويضاً لا يتعدى 1500 درهم خصوصاً في قطاع الجيش» على حد قولهم.
في هذا الإطار علق الناشط الحقوقي العربي تابت على التغريدات والتدوينات التي يطلقها بعض البرلمانيين بخاصة الشباب منهم حول تخليهم عن التقاعد البرلماني، على انها تبقى مجرد فرقعات ســـياسية تهدف الى كسب التعاطف الشعبي أكثر مما تهدف الى الإصلاح حقيقة.
ورأى العربي ان هذا التنازل غير ممكن من الناحية القانونية طالما ان الاقتطاعات من تعويضات ورواتب البرلمانيين من اجل هذا التقاعد تعتبر مسألة إجبارية، داعياً هؤلاء البرلمانيين إلى التقدم بمقترحات قوانين عبر أحزابهم وتكتلاتهم البرلمانية من اجل وضع حد لمساهمة الدولة في هذا التقاعد على الأقل وربط الاستفادة منه ببلوغ سن التقاعد.
وأكد الناشط الحقوقي ان ما يجب توضيحه بداية هو أن تقاعد البرلمانيين والوزراء موضوعان مختلفان باعتبار أن الأول مؤطر بقانون فيما الثاني ينطبق عليه المعنى الصريح للريع، حيث يفتقر إلى أي قاعدة أو أساس قانوني، اللهم ارادة الملك الراحل التي تحولت إلى عرف.
أما الحملات الافتراضية المطالبة بالإلغاء فهي وفق الباحث في القانون انتقلت اليوم إلى حملات واقعية، وهذا الموضوع كان أحد المطالب الأساسية التي رفعها المتظاهرون خلال مسيرة 2 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي والتي دعت إليها التنسيقية الوطنية لإلغاء خطة التقاعد وشهدت تدخلاً عنيفاً من الأجهزة الأمنية. وأوضح العربي أن الحملة ستستمر سواء افتراضياً أو واقعياً، وربما ستكلل بالنجاح بخاصة في ظل الدخول البرلماني الجديد ورغبة العديد من الأحزاب السياسية في كسب بعض النقاط الإيجابية لدى المتتبعين.
وهناك بعض التصريحات لدى قيادات حزبية حول تقاعد البرلمانيين تفيد بضرورة رفع الدولة يدها عن هذا التقاعد، والاقتصار على تأمين خاص يساهم فيه البرلمانيون في شكل منفرد على غرار أنظمة التقاعد التكميلي.
وإذا كان تعديل قانون تقاعد البرلمانيين ممكناً من الناحية القانونية ويكفي فيه التقدم بمقترحات قوانين، فالإشكال الحقيقي هو حول تقاعد الوزراء الذي يحتاج تأطيراً قانونياً قبل الحديث عن تعديله أو إلغائه، كما يحتاج لإرادة سياسية من هرم السلطة في المملكة مع مراعاة الظروف الاجتماعية لعدد كبير من الوزراء السابقين، وكل ذلك يؤكد أنه يصعب حالياً الحديث عن إلغاء او تنظيم تقاعد الوزراء.
وكان نشطاء أطلقوا حملة إلكترونية من أجل المطالبة بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين باعتبارها «غير مستحقة» و»تكلف الدولة موازنة ضخمة»، وأنه «يستوجب وقف صرفها وإلغاء العمل بها في ظل الأزمة وضعف موازنة الدولة»، خصوصاً بالمقارنة بـ «محدودية أداء البرلمانيين» و «غيابهم الدائم عن جلسات البرلمان» واعتبار «الأداء البرلماني ليس مهنة».
ودرست رئاسة مجلس النواب أخيراً إمكانية تأخير صرف معاشات البرلمانيين لحين بلوغهم سن 63، وهو سن التقاعد المعمول به حالياً في المغرب، بدلاً من تاريخ انتهاء ولايتهم البرلمانية.
وأسفر الاقتراع التشريعي الأخير عن تجديد مجلس النواب بنسبة تقارب 64 في المئة من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس المذكور مقابل إعادة انتخاب 36 في المئة من الأعضاء المنتهية ولايتهم. ووفق إحصائيات رسمية، يلاحظ بخصوص نسبة التجديد التي حققتها مختلف الأحزاب الممثلة في مجلس النواب الذي يضم 395 مقعداً، أنها تتباين وفق عدد المقاعد التي حصلت عليها الهيئات المذكورة.
نقلا عن الحياة