لم يكد يمر سوى ستة أيام فقط على ما حدده مجلس الوزراء برئاسة شريف إسماعيل لبداية عمل غرفة الطوارئ المجهزة على أعلى مستوى لمواجهة أزمات سقوط الأمطار، إلا أن السيول تسبب في موت قرابة 30 شخص وإصابة 72 آخرين على مدى يومين بحسب بيان وزارة الصحة السبت الماضي.
ودشن رئيس الوزراء الغرفة لمواجهة كوارث الأمطار سبتمبر الماضي لتلافي ما حدث العام الماضي، بمحافظة الأسكندرية الساحلية ،حيث غرقت المدينة بشكل كامل وتسبب ذلك في سقوط عدد من القتلي وإصابة العشرات بسبب تساقط أمطار غزيرة وسيول وكرات ثلج.
سيول الأسكندرية العام الماضي
وقُدرت الخسائر بقطاع الزراعة فقط بحسب خالد الحسني مدير قطاع الهيئات وشؤون مكتب وزير الزراعة، وقتها بـ 22 مليون جنيه.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، إذ أعلن سمير سويلم رئيس شعبة الدواجن واللحوم والأسماك بغرفة الاسكندرية التجارية، أن خسائر المحال التجارية لن تقل عن 90% على أقل تقدير خاصة أن أغلبها بالأدوار الأرضية التي أغرقتها المياه،بسبب السيول التي تعرضت لها محافظة الاسكندرية.
تعويضات
يبدو أن الحكومة دوما تتحرك كرد فعل على هذه الأزمات فليس هناك مواجهة إلا بالتعويضات، وقررت الحكومة وقتها صرف 10 آلاف جنيه للمتوفي و2000 جنيه للمصاب من متضرري السيول التى شهدتها مدينة الإسكندرية،
الأمر نفسه تكرر في أزمة رأس غارب وقررت الحكومة تعويض المتضرريين بـ 50 مليون جنيه؛ لتعويض كل متضرري السيول، إضافة إلى 50 مليون جنيه أخرى لاستعادة كفاءة البنية الأساسية بشكل عاجل بالمناطق المتضررة.
الخمسين مليون التى خصصتها حكومة إسماعيل لإعادة تشغيل البنية التحتية بالمدينة تعد امتداد لما رصد من قبل بعد أزمة الأمطار العام الماضي فوقتها قرر الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى السابق، رصد 220 مليون جنيه لتنفيذ أعمال حماية من مخاطر السيول بمحافظات «أسوان - سوهاج - أسيوط - المنيا - البحر الأحمر - جنوب سينا ومع ذلك كانت النتائج كارثية.
واستدعى مجلس النواب الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية، ووجه له البرلمانيون أسئلة حادة بعد أزمة السيول ليكون رده بإن هناك تنسيقا كاملا بين جميع الوزرات والهيئات المعنية لمواجهة تداعيات السيول.
وأضاف أن حجم السيول أكبر بكثير من أي استعدادات من قبل الحكومة، مشيرا إلى أنه في محافظة البحر الأحمر بمفردها كان ما يقرب من 120 مليون متر مكعب مياه، قائلا: "رغم أي إمكانيات إلا أن الكوارث الطبيعة بتكون من مشيئة الله وأقوى من أي استعدادات ونحن لسنا الأول أن يحدث لنا ذلك وحدث من قبل ذلك في أمريكا وأطاحت بالبيوت والمساكن".
لم تتوقف الأزمات عند مواجهة الأخطار الناتجة عن التغيرات المناخية فحاليا تضرب البلاد أزمة نقص سلعة الأرز على الرغم من أن إنتاج مصر منه قرابة 4 ملايين طن في حين أن معدل الاستهلاك لا يتجاوز 3.5.
ولمواجهة الأزمة كان لوزير التموين تصريحات مثيرة حيث قال في مؤتمر عقد بمقر الوزارة إنه ليس من الضرورة على الشعب طهي "المحشي" في الفترة الحالية لتقليل كميات الأرز المستخدمة.
وأضاف:"أنا بقول تاني للمزارعين الشرفاء والتجار الشرفاء والموردين الشرفاء، ما يصحش إنك تهرب الرز لدول مجاورة وتحرم المواطن المصري من هذا الرز" على حد تعبيره.
الأمر لم يتوقف عند الأرز فطوابير الراغبين في الحصول على السكر امتدت بجميع محافظات الجمهورية بسبب نقص المنتج وارتفاع سعره للضعف واحتكار عدد من التجار للسعلة التى تستورد مصر تقريبا نصف المستخدم منها من الخارج.
يعلق الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية على تعامل الحكومة مع هذه الأزمات بأن المشهد العام يشير إلى انهيار النظام العام في مصر من الناحية الإدارية تحديدا.
ويقول لمصر العربية إن الأجهزة الحكومية هي المكلفة بتوزيع الخدمات والسلع خصوصا السلع التى تندرج تحت بند الرفاهية الاجتماعية.
ويضيف أن النظام العام الناجح يعرف كيف يوفر السلع الأساسية ويوزعها على نطاق الأرض الزراعية الموجودة بالبلاد ويمنع الاحتكارات، مشيرا إلى أن القضية تكمن حاليا في عدم قدرة الحكومة على مواجة المحتكرين وممارسة كبار التجار ضغوط على الحكومة.
وبخصوص أزمة السيول قال عودة إن الأمطار التى تسقط في مصر من النوع الذى يمكن مواجهته وبالتالي كان مفترض حل أزمة السيول التى ضربت بعض القري في الجنوب في 24 ساعة تقريبا لكن ما تم، يشير إلى فشل حقيقي.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية إلى أن كثرة الأزمات الاجتماعية يمتد ﻹحداث أزمات سياسية أيضا تصل لعمل أزمة في شرعية السلطة، وأزمات سياسية أخري.
وبخصوص المطالب الخاصة بتغير الحكومة أكد عودة أنها ليست حل، لافتا إلى أن الحل في تقوية جوانب النظام العام، إضافة لتقوية النظام السياسي بحيث لا تؤثر عليه الأزمات الاجتماعية حتى لاندخل في أزمة عدم استقرار سياسي.