إلى الموصل، تتجه أنظار مطران الكلدان بالقاهرة، حيث آمال عودة المهجرين لمنازلهم، بعد 3 سنوات من الغياب الاضطراري، تحت وطأة ممارسات العنف التي تعرضت لها المدينة، مع دخول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
حلم العودة لا يراه المطران بمعزل عن ضرورة إعادة الإعمار، وتهيئة المواطنين نفسيًا للتعايش، بعيدًا عن رواسب ألم التهجير، وما يتبعها من رغبات ثأر، وانتقام، لافتًا إلى أن الفرحة بتحرير القرى المسيحية، تمتزج بأوجاع الدمار البائن، وما تعكسه الكاميرات من تدمير واضح للبنية التحتية.
يقدر عدد المهجرين بنحو 120 ألف مسيحي-باستثناء مسيحيي الموصل-الذين لم يستدل على إحصائية واضحة لهم، ويتوزع المهجرون على منطقة إربيل وقراها، والعاصمة بغداد، ويتلقى الجميع رعاية كنسية فائقة-بحسب تصريحاته.
يقول المطران: إن الكنيسة لن تستطيع إجبار المسيحيين المهجرين على العودة بعد تحرير الموصل، لكنها في الوقت ذاته معنية بخطط الإعمار، والمشاركة فيها.
عن تفاصيل ما يجري في الموصل، واستعدادات العودة، ومقترح إقامة دولة مسيحية، ومستقبل التعايش بين المسلمين والمسيحيين بالعراق بعد وقائع التهجير، كان لـ"مصر العربية" هذا الحوار:-
-وأنتم تتابعون معركة الموصل، ما الذي تعده الكنيسة العراقية الآن، وإلى أي مدى تفاؤلكم بما يجري؟
نتابع معركة الموصل عن قرب، لأننا نريد لهذا التنظيم أن ينتهي، لأنه ليس فقط عدوًا للإنسانية، وإنما شوّه صورة الإسلام، وعلى المؤسسات الإسلامية أن تكون أكثر وضوحًا في تعاملها مع هذا التنظيم، لأن هناك تشويه لصورة الله.
-ماذا تعني بـ"أن تكون أكثر وضوحًا" ؟
أعني أنه لم يعد يكفينا إدانتها لهذا التنظيم، والتبرؤ منه، لأن الحياة نعمة من الله، ولابد من مناهج دينية لقبول الآخر، قائمة على التعاليم السماوية، والاعتراف بأن لدينا فكر ديني متطرف، ولابد من احترام الحياة لكل البشر.
-بعد الإعلان عن تحرير قرى الأغلبية المسيحية بالموصل، هل أعدت الكنيسة خطة لعودة المهجرين؟
الكنيسة ليس لديها قانون لإجبار المهجرين على العودة، لأنها تحترم اختيارات الناس، وهذه القرى دمرت بنيتها التحتية بالكامل، وخاصة مدينة الموصل، ولابد من إعمار شامل، وإزالة الإلغام التي زرعها تنظيم "داعش".
يشاع الآن أن ثمة دولة مسيحية ستقام في الموصل، إلى أي مدى يبدو ذلك مقترحًا قيد التنفيذ؟
- هذه شائعة لا أساس لها من الصحة، لأن المسيحيين والمسلمين عاشوا مع بعض، في بلا الشرق الأوسط، وهذه تخلات أجنبية من الخارج، ولتحطيم أي بلد فإنك تستغل الدين لتحطيم الدين.
-لكن الفكرة تأخذ حيزًا جديًا في النقاش، كيف تقيّم ذلك؟
هذه الفكرة دخيلة على مجتمعاتنا الشرقية، وهناك قوى سياسية مدمرة تسعى للتفرقة بين الشعوب، وتسعى للتقسيم، لتحد من قدرتها، وهذه منظومة سياسية معروفة وقديمة.
لماذا يقاس ما يجري في الموصل على ما يجري من معارك في سوريا ؟
ما يحدث في سوريا والموصل، يمكن أن يكون علامة من السماء لكل المؤمنين، لكي يغير من تصرفاته تجاه البشرية، وهذا يقع على عاتق المسؤولين في الكنائس والمساجد، ويجب أن تكون الرسالة (كفاية دمار وقتل).
-ما هي اللحظة المرتقبة لإعادة المهجرين للموصل مرة أخرى؟
-مسيحيو الموصل مغربين عن ديارهم وأوطانهم منذ 3 سنوات، وهناك قرى مسيحية بالكامل فارغة، ناهيك عن الألغام المزروعة الآن، لتدميرهم إذا عادوا، ونجن نتساءل (أين قال الله هذا الكلام، ومن أعطاهم التوكيل باسم الله)، وما ننتظره الآن تحرير البلدان من قبضة داعش لكي تصلح للسكن، وهنا يجب أن يلعب المسلم والمسيحي دورًا لبناء الوطن.
-كيف يمكن تأهيل نفسيات العائدين، وهي محملة برواسب الغضب من التهجير؟
--العائدون من المسيحيين سيعانون ضيقا،وهذا أمر طبيعي، والكنيسة تمارس معهم الآن دورها التعليمي، للغفران والسلام والمحبة..والكتاب المقدس يقول "أحبوا أعداءكم".
-إلى أي مدى تكمن رغبات الانتقام في النفوس؟
الانتقام أو الأخذ بالثأر ليس من طبيعة المسيحيين بعد العودة،ومن يفعل ذلك ليس مسيحيًا، والمسيحييون عانوا واضطهدوا كثيرا، ولم يحدث انتقام.
-كيف استقبلتم أخبار تحرير القرى المسيحية في الموصل؟
استقبلنا هذا الخبر بكل فرحة، ونشيد بدور الجيش العراقي الكامل، ولكنننا أصبنا بالحزن بعد رؤية المنازل خالية، والبنية التحتية منهارة، ولاتصلح للعيش ، ونأمل أن يساعدنا المجتمع الدولي في إعادة الإعمار.
-هل هناك زيارة مرتقبة للمهجرين، وإعداد خطة لمشاركة كنسية في إعادة الإعمار؟
لما حدث التهجير شكلنا وفدا من مصر، لزيارة المهجرين، ومساعدتهم، وأدينا واجبنا، التضامني، وفي الوقت الحالي رجال الدين في العراق ينظمون، والكنيسة العراقية متداخلة في الموضوع على قدم وساق، وتعمل على إرجاع المهجرين إلى قراهم وممتلكاتهم.
-وفقًا لمعلوماتك، هل أعدت الكنيسة مدى زمنيًا لإعادة المهجرين ؟
المهجرون بعيدًاعن الموصل يبلغ عددهم 120 ألفًا، ويقيمون في المحافظات بأقليم كردستان،..والكنيسة ترعاهم، والسقف الزمني بيد الله.