بعد أن آثار وقف شركة أرامكو السعودية لإمداداتها النفطية لمصر الكثير من الجدل، خلال أكتوبر، لم ينتهي الشهر حتى أبرمت القاهرة اتفاقات نفطية قد تستحوذ على نفس القدر من الجدل، فبحسب الخبراء فإن الاتفاقات النفطية لم تخلو من وساطة عربية وأجنبية تصب جميعها في اتخاذ مصر موقفا سياسيا، أكثر منها اقتصاديا.
وفي الوقت الذي يرى خبراء بترول، أن الإعلان عن هذه الاتفاقيات وتصريحات عدد من الدول العربية حول تمويل مصر بالبترول، هي لها شق سياسي وليس اقتصادي فقط، داعين الحكومة لحل الأزمة أولًا مع المملكة، فيما يرى آخرون أنها ضرورة ملحة لتجنب نقص المعروض النفطي في البلاد.
اتفاق عراقي مصري
ووقعت الحكومتين المصرية والسعودية عقب زيارة الملك "سلمان" للقاهرة، اتفاقية بقيمة بلغت 23 مليار دولار، تزود المملكة بموجبها مصر بـ700 ألف طن شهري من النفط، وتسلمت مصر منها نحو 3 ملايين طن عن أشهر مايو ويونيو ويوليو وأغسطس.
وأعلن وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، اليوم الإثنين، عن اتفاق مع العراق لاستيراد نفط البصرة الخام لتكريره في مصر، مضيفا إن اتفاق تكرير خام البصرة ضمن بنود مذكرة تفاهم جرى توقعيها سابقا، دون أن يكشف أية تفاصيل أخرى بشأن بنود المذكرة.
وتعمل شركات مصرية حالياً في البصرة في مجالات النفط والغاز؛ وهيئة البترول المصرية شريك في الحقل النفطي (بلوك 9)، جنوبي العراق، بنسبة 10%، ووقعت الأسبوع الماضي اتفاقاً بشأن حقل غاز سيبا جنوب شرق البصرة (جنوب) بنسبة مشاركة 15%.
توقيت غير مناسب
قال الدكتور رمضان أبو العلا، الخبير البترولي وأستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس، إن اتفاقية وزير البترول مع مسئوليين عراقيين علي استيراد نفط خام لتكريره في مصر، خطوة جيدة من الناحية الاقتصادية دون السياسية، مضيفًا، أنه يجب تنوع مصادر استيراد الطاقة لكن التوقيت الحالي غير مناسب علي الإطلاق.
وأوضح أبو العلا، خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية" أن العراق تعتمد علي إيران في علاقتها، ومحاولة توثيق العلاقات معها في الوقت الحالي، تزامنًا مع ما تشهده العلاقات المصرية السعودية من التوتر قد يوحي بتوجيه رسالة للجانب السعودي بالإستغناء عن الشحنات المستوردة منها وهو أمر غير مقبول بالمرة، متابعًا :" كان من المفترض أن نتنظر قليلًا حتي تحل الأزمة مع السعودية خاصة بعد استيراد الشحنات من أرامكو".
وشدد الخبير البترولي، على ضرورة توضيح الرؤية من قبل مسئولي وزارة البترول عن مشكلة أرامكو وتحديد موقفها بدلًا من ترك المشكلة في حالة غموض بالنسبة للرأي العام، قائلا: "نعيش سلسلة من التعتيم ونريد تحديد الموقف هل هناك إصرار من قبل الجانب السعودي علي عدم تصدير الشحنات أم لا توجد هناك مشكلة".
أما عن موقف البرلمان من ناحية الأزمة السعودية فقال أبو العلا "البرلمان شاهد مشفش حاجة ولم يناقش القضية بالطريقة الصحيحة"، مؤكدا أن مصر تستورد من شركة "ارامكو" السعودية 700 ألف طن من المواد البترولية.
اتفاقات احترازية
من جانبه قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ البترول والطاقة، إن هناك اتفاقية مباشرة بين مصر والعراق تمت خلال عام 2015 تضمنت استثمارات بنسبة 10% وزادت خلال عام 2016 إلي 15%، مشيرًا أن تلك النسبة كافية لسد احتياجات مصر من النفط.
وأكد القليبوبي، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" علي عدم وجود أي نوع من التدخلات الرسمية تبين عدم إلتزام أرامكوا السعودية باتفاقياتها المبرمة بتصدير النفط إلي مصر.
فيما يرى الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي، أن اتفاقية مصر مع العراق علي استيراد نفط البصرة الخام وتكريره، هي خطوة جيدة، حيث تساهم في حل الأزمة التي تمت مع السعودية.
وأكد زهران خلال تصريحات لـ "مصر العربية" أن هذه الاتفاقية ليست الأولي بل أن مصر قد أتمت عدة اتفاقات من قبل مع العراق لكنها فقط سوف تزيد من نسبة تصديرها، مشيرًا إلي ضرورة التطلع نحو تعدد مصادر الاستيراد من البلدان الأخرى كالجزائر وعدم الاعتماد علي العراق فقط.
على صعيد أخر، يرى الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالغرف التجارية، إن الاتفاقيات التي توقعها الحكومة المصرية هي أمر احترازي لابد أن يتم، قائلًا: "ما يهمنا ويهم المواطن هو توافر المواد البترولية باستمرار".