بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ، أصبح للبنان رئيس للجمهورية اليوم الاثنين 31 أكتوبر، وانتُخب العماد ميشال عون ليكون الرئيس الثالث عشر للجمهورية، بعد 45 جلسة برلمانية إذ تعذر تأمين الأصوات المطلوبة ليفوز في الجلسة الأولى.
وبعد الصفقة التي عقد بين حلفاء عون سعد الحريري زعيم تيار المستقبل وعضو ائتلاف 14 آذار بتأييد عون مقابل حصول الأخير على رئاسة الوزراء نجحت أخيرا جلسة البرلمان في انتخاب رئيس التي كان يعرقلها عدم حضور نواب "حزب الله"، و"التيار الوطني الحر"، ونواب "تيار المردة" لرغبتهم في تنصيب الميشال عون حليف حزب الله رئيسا للبلاد.
وحصل عون على 83 صوتا متجاوزا العدد المطلوب لفوزه بالرئاسة، بعد جولتي تصويت في مجلس النواب ويخلف ميشال سليمان في منصبه الشاغر منذ مايو 2014 نتيجة فشل الكتل السياسية في الاتفاق على مرشح.
وعون مسيحي ماروني وفق الاتفاق الوطني القديم الذي يقضي بأن يكون رئيس الجمهورية مسيحي ماروني ورئيس الوزراء مسلم سني ورئيس البرلمان مسلم شيعي.
وترأس عون بوصفه قائد الجيش اللبناني حينها الحكومة الانتقالية العسكرية عام 1988 بمرسوم من الرئيس أمين الجميل، بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية يخلفه.".
ولعون تاريخ دموي كبير جعلت البعض يرفضه حين دخل عون بعد تسلم السلطة في مواجهات دامية مع الجيش السوري ثم مع قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
ويبقى السؤال الذي يشغل بال الجميع، كيف ستسير لبنان في عهد الميشال عون، وما شكل السياسة الخارجية؟
زكريا عبدالرحمن المحلل السياسي السوري والخبير بالشؤون العربية استبعد أن يكون هناك أي تغير إيجابي على مستوى السياسة الخارجية للبنان الذي سيعلن برأيه استمرار سياسة النأي بالنفس والالتزام بالحياد
محور إيران روسيا ورأى في حديثه لـ"مصر العربية" أن لبنان دخل رسميا بانتخاب ميشال عون مرشح "حزب الله" في محور إيران روسيا وأصبح المحور متكامل الآن.
وتابع:" في ظل وجود بري لحزب الله في سوريا وتأييد المسيحية المارونية أصبح العقد مكتمل، علاوة على تراجع كبير للسعودية وقطر والحلف الذي ادعى أنه يدافع عن الوجود عن العرب في قلب العالم العربي بسبب السياسة الأمريكية التي ترمي لتغليب محوار إيران على المحور العربي في المنطقة".
الحريري الخاسر وأكد الخبير بالشؤون العربية أن الاتفاق اللي عقده سعد الحريري مع ميشال عون ضعيف جدا ولا يحتوي على محاور واضحة ولم يطلب الضغط على حزب الله للانسحاب من سوريا؛ لذلك ستستمر كل السياسات السابقة. ولفت إلى أن الحريري سيواجه أياما صعبة أثناء تشكيل الحكومة وقد يفشل ويعين شخص آخر، وبشكل أو بآخر الاتفاق ليس في صالح الحريري أو تيار المستقبل.
إيران وفرنسا الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة أكد هو الآخر أن إيران ستكون الأقرب للبنان بعد نجاح ميشال عون وسيكون في عونها وكذلك فرنسا التي ترعى منذ أمد بعيد الموارنة في لبنان.
السعودية وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن إيران من عقد صفقة تمرير تنصيب الميشال عون من خلال "حزب الله" الذي لولاه ماكان حكم البلاد، وهذا يعد انتصار لحزب الله وإيران.
وذكر أن المملكة العربية السعودية الداعمة لتيار المستقبل وافقت على الصفقة في مقابل يحصل سعد الحريري على رئاسة الوزراء.
وشدد حسين على أن عون سيكون ولاءه لإيران وفرنسا وأمريكا، وليس للدول العربية.
وعن الدماء التي نسبت لميشال عون وإمكانية تكرارها، رأى أستاذ العلاقات الدولية أن عنف عون وتهوره قد يتغير بعد أن يستمع لتقارير أجهزة المخابرات وتوضع كل الملفات بين يديه ويعلم حقيقة ما يريده الناس.
وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من أوائل من أجروا مكالمة هاتفيه مع ميشيل عون، بعد انتخابه رئيسا لتهنئته وللتأكيد أن انتخابه جاء في وقت حساس جدا حيث تواجه المنطقة مخاطر التيارات التكفيرية والجماعات الإرهابية وأطماع الكيان الصهيوني، مضيفا أن إيران، "على يقين بأن ذلك سيسهم في تعزيز محور المقاومة اللبنانية بوجه هذه المخاطر".
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن ارتياحها لانتخاب رئيس للبنان، داعية إلى مزيد من الاستقرار في البلاد، وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن انتخاب عون فرصة "لخروج لبنان من سنوات الجمود السياسي واستعادة الوظائف الحكومية وبناء مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا" للبنانيين.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بانتخاب رئيس للبنان ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة دون تأخير.